من أزمة الغلاء إلى انهيار نظام الصحة.. تعرف 3 ملفات تضع حكومة فرنسا في مأزق (صورة أرشيفية) / صورة: AFP (AFP)
تابعنا

بداية سنة احتجاجية زاخمة تتوعد الحكومة الفرنسية، سمتها البارزة الاحتجاجات العمالية ضد ظروف العمل القاسية، ومطالبتها بالزيادات في الأجور لمكافحة تبعات الارتفاع الصاروخي لمستويات التضخم الذي تعرفه البلاد، ويضرب في مقتل القدرة الشرائية لشعبها.

وينضاف هذا إلى الانهيار الواسع الذي يعرفه قطاع الصحة الفرنسي، والذي يثير بدوره سخط الشعب وعاملي القطاع. بالمقابل يصر الرئيس ماكرون على تمرير إصلاحه لصندوق التقاعد، على الرغم من رفض النقابات إياه وتوعدها بتعطيله عبر موجة إضرابات واحتجاجات قوية. ويرى مراقبون بأن هذه الملفات الثلاثة كفيلة لتضع حكومة فرنسا في مأزق، يتوجب عليها مواجهته.

تضخم وركود وبطالة..

كباقي الدول الأوروبية، في ظل التبعات الاقتصادية للحرب في أوكرانيا، شهدت فرنسا ارتفاعاً صاروخياً لمستويات التضخم خلال الأرباع الثلاثة الأخيرة من عام 2022، لتبلغ عتبة 5.9% خلال شهر ديسمبر/كانون الأول المنصرم. فيما يرجح مراقبون أن يتابع هذا التضخم ارتفاعه في عام 2023.

ومس هذا التضخم بالأساس أسعار المواد الغذائية، وحسب تقديرات، من شهر يناير/كانون الثاني 2022، شهدت أسعار زيوت الطبخ في فرنسا زيادة بـ60%، وأسعار الدقيق بـ21.8%، والخضر والفواكه بـ17.7%، كما ارتفعت أسعار اللحوم البيضاء بـ15.8%.

وينضاف إلى هذا الركود الذي يهدد اقتصاد البلاد، حسب ما أفاد البنك المركزي الفرنسي، يُتوقع أن تتباطأ الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي بحدة، من 2.6% عام 2022 إلى 0.3% عام 2023، وفقاً للسيناريو "الأكثر احتمالاً" للتوقعات الاقتصادية العامة للسنوات الثلاث المقبلة. وسيتبع هذا الانخفاض ارتداد إلى 1.2% عام 2024، أقل من الـ1.8% المتوقَّعة سابقاً.

هذا الركود الاقتصادي الذي سينعكس اجتماعياً، وفق المصدر ذاته، بارتفاع لمعدلات البطالة التي قد تصل إلى 8%. وتمثل هذه الأوضاع الاقتصادية المتردية التحدي الأبرز لحكومة ماكرون، والتي تضعها في مواجهة مخاطر اندلاع موجات احتجاج واسعة، بدأ العمال في إعلان أول إضراباتها.

مشروع إصلاح صندوق التقاعد

في خطاب تمنياته بحلول العام الجديد، شدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على أن 2023 "ستكون سنة تطبيق إصلاح نظام التقاعد". وأضاف ماكرون في كلمته: "نحتاج إلى العمل لفترة أطول"، في إشارة إلى بند الإصلاح القاضي بتمديد سن الخروج على المعاش، وأكَّد أن الإصلاح سينفذ بنهاية الصيف.

وفي هذا الصدد، يرتقب أن تقدم رئيسة الوزراء إليزابيث بورن، المسودة الأولى لمشروع الإصلاح خلال الاجتماع الوزاري يوم 10 يناير/كانون الثاني الجاري. قبل أن تدخل إلى المداولة في البرلمان بحلول تاريخ 23 فبراير/شباط القادم.

وأثار هذا الإصلاح موجة غضب عمالي، عندما جرى تقديمه خلال الولاية الأولى للرئيس ماكرون، أواخر 2019. وتستمر النقابات العمالية في رفضها إياه، إذ ترى فيه إجهازاً على حقوقها، خصوصاً في ما يتعلق ببند تمديد سن التقاعد.

وفي بيان أخير لها، دعت نقابة "الاتحاد العام للشغل" الفرنسية لبدء التحرك لإبطال المشروع، متوعدة الحكومة بموجة احتجاجات وإضرابات قد تطال كل قطاعات العمل.

قطاع الصحة الفرنسي في الحضيض

ويُضاف إلى هذين الملفين الساخنين، ملف آخر لا يقل سخونة عن سابقيه، وهو انهيار نظام الصحة في فرنسا. ومع دخول موسم الشتاء، حيث ترتفع حالات العدوى بالأمراض التنفسية، بما فيها كوفيد-19، تعيش المستشفيات الفرنسية حالة من الفوضى، نظراً إلى نقص العاملين والإمكانات العلاجية.

وحسب شهادات العاملين في القطاع، فالصحة في فرنسا تشهد "أزمة حادة وعامة". وفقاً لتصريحات رئيس اتحاد مستشفيات فرنسا، أرنو روبينيت، فإن الأزمة "ليست فقط أزمة مستشفيات، بل انهيار لنظام الصحة بأكمله". ويضيف المسؤول الفرنسي أن "الأمر لا يتعلق فقط بنقص العاملين في القطاع، بل حتى بالمشافي الغارقة في الديون مع ضعف الاستثمار فيها".

وبالتزامن مع هذا، أعلن أطباء القطاع الخاص عن تمديد إضرابهم لأسبوع إضافي، احتجاجاً على ظروف عملهم السيئة ومطالبة برفع الأجور. وأعلنت مجموعة "أطباء من أجل الغد" الفرنسية، في بيان يوم الاثنين، عن تنظيم مسيرة احتجاجية في باريس يوم 10 يناير/كانون الثاني الجاري.

TRT عربي
الأكثر تداولاً