وصل قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان الثلاثاء، إلى مطار مدينة العلمين الساحلية شمالي مصر، إذ استقبله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في زيارة هي الأولى له خارج البلاد منذ بدء الاشتباكات بين قواته وقوات الدعم السريع قبل أكثر من أربعة أشهر.
وعلى الصعيد الميداني، قُتل 39 شخصاً، أغلبيتهم من المدنيين في قصف في نيالا بولاية جنوب دارفور، وفق مصدر طبي وشهود.
وأفاد بيان صدر عن المجلس السيادي السوداني بأن البرهان "وصل إلى مطار العلمين الدولي" وكان في استقباله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وقال البرهان في تصريحات لقناة "القاهرة" الإخبارية المصرية: "قصدنا (من الزيارة) أن نضع القيادة المصرية في الصورة الصحيحة، وأن نطلعها على تطورات الموقف".
وأضاف: "نحن حريصون على أن نضع حداً لهذه الحرب، ونسعى لفترة انتقالية يستطيع بعدها الشعب أن يؤسس دولة من خلال انتخابات حرة نزيهة".
وأشار البرهان إلى استعراض ملف الجالية السودانية الكبيرة في مصر خلال الاجتماع مع السيسي، وخصوصاً بعد أن انضم إليها عدد كبير من الوافدين منذ اندلاع الحرب.
ودخل مصر منذ بدء الاشتباكات في السودان، حسب إحصاءات الحكومة المصرية والأمم المتحدة، نحو 290 ألف سوداني.
ومنذ يونيو/حزيران الماضي، أعلنت السلطات المصرية استحداث إجراءات جديدة تلزم بموجبها كل السودانيين الراغبين في دخول أراضيها، الاستحصال على تأشيرة دخول مسبقة، معلّلة ذلك بمواجهة أنشطة "غير قانونية" شملت عمليات تزوير.
هل تلعب مصر دوراً في التوصل إلى حل؟
ويقول خبراء إن مصر والسعودية تدعمان الجيش في السودان، بينما تدعم الإمارات العربية المتحدة قوات الدعم السريع برئاسة محمد حمدان دقلو. علماً أن السعودية تشارك في جهود وساطة مع الولايات المتحدة لوقف الحرب في السودان، بينما أبدت مصر استعدادها للتوسط أيضاً.
وفي هذا الصدد قال محلل الشأن السوداني بمعهد ريفت فالي مجدي الجزولي لوكالة الصحافة الفرنسية، إن "مصر هي القوة الإقليمية الرئيسية التي بيدها حل وعقد شؤون السودان".
وجادل الجزولي بأن "الطبقة السياسية السودانية تدهورت.. ولم يعد في مقدورها على الأقل في الوقت الراهن اتخاذ أي خطوة يُعتدّ بها في اتجاه تحديد مستقبل السودان السياسي، بل صار هذا المستقبل رهيناً بالدرجة الأولى بمآل الحرب الدائرة الآن".
وتابع: "لقاء البرهان والسيسي في ساعة الأزمة هذه يدخل في هذا الباب.. البرهان حليف للسيسي والجيش السوداني حليف للجيش المصري، وأمام الاثنين قضية الحرب في الخرطوم والإمداد العسكري والفوز بدعم السعودية ضد خطة الإمارات".
وتعد هذه الزيارة المرة الأولى التي يغادر فيها البرهان السودان منذ بدء المعارك العنيفة في 15 أبريل/نيسان الماضي، والتي حصدت آلاف القتلى وخلفت ملايين المشردين ودماراً وانتهاكات واسعة.
وكان البرهان وصل الأحد، إلى بورتسودان المطلة على البحر الأحمر شرقي البلاد، بعد تفقده للمرة الأولى منذ بدء الحرب عدداً من المناطق الأخرى خارج الخرطوم، إذ لازم لمدة أربعة أشهر مقرّ قيادته الذي كان يتعرّض لحصار وهجمات متتالية من قوات الدعم السريع.
واستبعد البرهان الاثنين خلال تفقده جنوداً في قاعدة بحرية في بورتسودان التي بقيت بمنأى عن الحرب حتى الآن، أي فرصة للمفاوضات.
وقال للجنود ولصحفيين في قاعدة فلامنغو البحرية، إن "المجال ليس مجال الكلام الآن.. نحن نكرّس كلّ وقتنا وجهدنا للحرب لإنهاء هذا التمرّد"، في إشارة إلى قوات الدعم السريع.
وأثمرت وساطات سعودية-أمريكية خلال الأشهر الماضية، عن اتفاقات عدة لوقف إطلاق النار لم تصمد. كما قادت الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا (إيغاد) مبادرة إقليمية لم تثمر أيضاً.
عنف في نيالا
على الصعيد الميداني، اشتدت وتيرة المعارك في مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، إذ قُتل 39 شخصاً على الأقل جراء قصف طال منازل، حسب ما أفاد شهود ومصدر طبي لوكالة الصحافة الفرنسية.
وقالت المصادر: "أدى سقوط قذائف على منازل مدنيين في حي السكة الحديد بنيالا إلى مقتل 39 شخصاً، معظمهم من النساء والأطفال.. وبينهم أسرة قُتل كل أفرادها".
ووصف الناشط الحقوقي السوداني أحمد قوجا عبر حسابه على موقع "إكس" (تويتر سابقاً) ما حدث في نيالا، بأنه "مجزرة.. راح ضحيتها 39 طفلاً وامرأة ورجلاً في لحظات قليلة".
ونيالا من أكثر المدن التي تتركز فيها المعارك في إقليم دارفور في غربي البلاد، إذ يعيش ربع سكان السودان البالغ عددهم نحو 48 مليون نسمة.
والأسبوع الماضي، أعلن الجيش السوداني مقتل قائد فرقة المشاة بنيالا. وذكرت الأمم المتحدة في تقرير أن المعارك في نيالا خلّفت منذ 11 أغسطس/آب الجاري، "60 قتيلاً و250 جريحاً و50 ألف نازح".
وأسفرت الحرب منذ اندلاعها عن مقتل نحو خمسة آلاف شخص، وفق منظمة "أكليد" غير الحكومية. لكن الحصيلة الفعلية مرشحة لأن تكون أكبر لأن العديد من مناطق البلاد معزولة تماماً، وليس في الإمكان التنقّل ومعاينة الوضع على الأرض. ويتعذّر دفن الكثير من الجثث المتناثرة في الشوارع، ويرفض الجانبان الإبلاغ عن خسائرهما.
وخلال أربعة أشهر من الاشتباكات، أُجبر أكثر من 4,6 مليون شخص على الفرار، وفق إحصاءات الأمم المتحدة.

.jpeg?width=128&format=webp&quality=80)











