وقالت الشبكة الطبية المستقلة في بيان إنها "تتابع بقلقٍ بالغ التقارير الموثوقة التي تؤكد تدهور الأوضاع داخل مدينة الفاشر (غرب)، حيث يعيش آلاف المدنيين المحتجزين قسراً في أوضاع مأساوية تحت سيطرة الدعم السريع".
وأوضحت أن هؤلاء المدنيين يعيشون وسط "ظروف قاسية وانعدام تام لمقومات الحياة الأساسية"، وأكدت أن النساء والفتيات يتعرضن لـ"انتهاكات جسيمة وفق شهادة ناجيات، منها حالات اغتصاب واعتداءات بدنية على أيدي عناصر تابعة للدعم السريع المنتشرة داخل المدينة، في ظل غياب تام لأي حماية قانونية أو رقابة إنسانية".
وجددت الشبكة الطبية تأكيدها أن ما يجري في الفاشر يمثل "جريمة إنسانية مكتملة الأركان"، وحملت المجتمع الدولي والأمم المتحدة المسؤولية عما يحدث بالفاشر "بسبب عدم التدخل العاجل لحماية المدنيين ووقف الانتهاكات، وفتح ممرات آمنة لإجلاء النساء والأطفال وتقديم المساعدة العاجلة للسكان".
"الفظائع المروّعة"
من جانبه، دعا مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، اليوم الاثنين، إلى تحرّك دولي عاجل لوقف "الفظائع المروّعة" في مدينة الفاشر السودانية، محذراً من الانتظار حتى يُعلن الوضع "إبادة".
وقال تورك في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية: "من الواضح أن جرائم فظيعة تُرتكب فيما نتحدّث"، مؤكداً أنّ الحصار كان في ذاته "جريمة فظيعة". وأضاف: "كان الناس محاصرين في ظروف مروّعة، بلا طعام، وبالكاد يحصلون على الماء... ولدينا تقارير عن أشخاص اضطرّوا إلى تناول علف الحيوانات، على سبيل المثال، تناولوا قشور الفول السوداني".
وبينما أشار إلى إعلان المجاعة في بعض المناطق، أكد أنّ "الوضع كان ميؤوساً منه للغاية... حيث يموت الأطفال من الجوع"، وقال إنّ مكتبه تلقّى "أدلّة على وقوع عمليات قتل جماعي"، مشيراً إلى أنّه "عندما يحاول الناس الفرار من هذا الوضع الرهيب، تُطلق النار عليهم".
ولفت تورك إلى أنّ "هناك تقارير خطيرة للغاية عن حالات اغتصاب وعنف جنسي واغتصاب جماعي، ولدينا قضايا خطيرة للغاية تتعلق بقتل من يُشتبه في أنهم متعاونون" مع الجيش.
وقال: "آمل أن يستيقظ المجتمع الدولي بالفعل"، معرباً عن أسفه لأنّ "كل التحذيرات التي أطلقناها على مدار العام... لم يُلتفَت إليها". وأكد أنّ من الضروري ضمان "عدم تكرار أحداث مماثلة في شمال كردفان"، محذراً من أنّ "المؤشرات إلى ذلك مثيرة للقلق للغاية".
دعوة للتحرك
وفي ذات السياق، دعت المديرة العامة لمنظمة الهجرة الدولية إيمي بوب، اليوم الاثنين، إلى تحرك دولي عاجل لمساندة ملايين المتضررين من الأزمة في السودان.
وأفادت المنظمة الدولية بالسودان في تدوينة عبر فيسبوك بأن بوب "وصلت السودان اليوم في زيارة تحمل رسالة قوية تؤكد التزام المنظمة الراسخ دعم الشعب السوداني في ظل الأزمة الإنسانية المتفاقمة"، دون أن تحدد مدة الزيارة.
وأضافت: "تركّز الزيارة على تعزيز الاستجابة الإنسانية من خلال تقديم المساعدات المنقذة للحياة، وتوسيع نطاق التعاون مع الشركاء للوصول إلى الفئات الأكثر احتياجاً"، ودعت بوب إلى "تحرّك دولي عاجل لمساندة ملايين المتضررين من الأزمة في السودان"، وفق المنظمة.
من جانبه، أعلن مجلس تنسيق غرف طوارئ شمال دارفور (لجنة إغاثية)، اليوم الاثنين، استقبال مخيم كساب دفعة جديدة من النازحين من الفاشر.
وأفاد في بيان بأن عدد النازحين الذين استقبلهم مخيم كساب بلغ 193 أسرة، بواقع 772 شخصاً، وذكر أن النازحين بينهم أطفال ونساء وكبار في السن وجرحى وصلوا إلى "المخيم في أوضاع إنسانية بالغة السوء، بعد أن سار معظمهم مسافات طويلة من مدينة الفاشر، دون طعام كافٍ أو ورعاية طبية”.
وأضاف: "ما يجري في شمال دارفور يعد نداء ضمير مفتوحاً للعالم أجمع، فحياة المدنيين وكرامتهم مسؤولية إنسانية مشتركة لا تحتمل التأجيل أو التجاهل” .
والأحد، أعلنت منظمة الهجرة الدولية نزوح 88 ألفاً و892 شخصاً من الفاشر ومحيطها بشمال دارفور، وذلك منذ 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ومنذ ذلك التاريخ، تستولي قوات الدعم السريع على الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، وارتكبت مجازر بحق مدنيين، وفق مؤسسات محلية ودولية، وسط تحذيرات من تكريس تقسيم جغرافي للبلاد.
وفي 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أقر قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) بحدوث "تجاوزات" من قواته في الفاشر، مدعياً تشكيل لجان تحقيق.
ومن أصل 18 ولاية بعموم البلاد، تسيطر قوات الدعم السريع حالياً على جميع ولايات إقليم دارفور الخمس غرباً، عدا بعض الأجزاء الشمالية من ولاية شمال دارفور، لا تزال في قبضة الجيش الذي يسيطر على معظم مناطق الولايات الـ13 المتبقية بالجنوب والشمال والشرق والوسط، وبينها العاصمة الخرطوم.

















