وقال فيدان في كلمة خلال مشاركته في مناقشة ميزانية وزارة الخارجية التركية لعام 2026 بلجنة التخطيط والميزانية في البرلمان التركي: "مرور 11 شهراً على نيل الشعب السوري حريته أتاح لإخواننا السوريين فرصةً لتحديد مستقبلهم بأنفسهم. وبصفتنا دولة وقفت إلى جانب الشعب السوري وفتحت أبوابها لملايين السوريين منذ بداية أزمتهم، نرى في هذه الفترة الجديدة فرصةً لإحياء وتعميق علاقاتنا مع سوريا".
وتابع قائلاً: "تركيا دأبت على التنسيق الفعّال مع دول المنطقة بشأن القضية السورية منذ سقوط نظام الأسد"، لافتاً إلى أنّ أنقرة قادت عملية عودة سوريا إلى منظمة التعاون الإسلامي بعد 13 عاماً.
وأردف فيدان: "سهّلنا على الولايات المتحدة والدول الأوروبية تطوير علاقة بناءة مع الإدارة الجديدة في سوريا، ولعبنا دوراً فعالاً في رفع العقوبات. ومن خلال التنشيط السريع لسفارتنا وقنصليتنا العامة، شجعنا الدول الأخرى على التواصل دبلوماسياً مع الحكومة السورية".
واستكمل بقوله: "ومع إطلاق رحلات الخطوط الجوية التركية إلى دمشق، ضمنّا وصول سوريا إلى العالم الخارجي. ونتيجة لكل هذه الجهود جرى إحراز تقدم كبير في وقت قصير نحو إعادة إدماج سوريا في المجتمع الدولي".
وذكر فيدان أنه نتيجةً لكل هذه التطورات عاد أكثر من 550 ألف سوري إلى بلادهم من تركيا منذ 8 ديسمبر/كانون الأول 2024.
وشدد وزير الخارجية التركي على ضرورة إرساء الأمن في سوريا من أجل الحفاظ على وحدة وسلامة أراضيها وتطهيرها من جميع العناصر الإرهابية، خصوصاً تنظيمَي PKK وداعش الإرهابيين، وتوحيد جميع الجماعات المسلحة تحت لواء جيش موحد.
وأوضح فيدان أن تشكيل حكومة شاملة تُمثل جميع شرائح المجتمع، وتحقيق التنمية الاقتصادية من خلال إعادة إعمار البلاد بدعم فاعل من المجتمع الدولي، وضمان استدامة عودة اللاجئين، تُعَدّ من الأولويات الرئيسية في المرحلة المقبلة لسوريا.
وأشار فيدان إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية في القنيطرة ودرعا والسويداء خلقت توتراً جديداً في جنوبي سوريا.
تطورات غزة
وفي حديثه عن التطورات الأخيرة بغزة، قال: "الإبادة كانت بنداً رئيسياً في أجندة سياستنا الخارجية خلال عام 2025"، مضيفاً: "لم تقتصر سياسات إسرائيل العدوانية على غزة فحسب، بل اتسعت لتشمل لبنان وسوريا وإيران، ووصلت حتى إلى قطر التي تلعب دور الوسيط، مما شكل تهديداً كبيراً لمنطقتنا".
وأكد فيدان موقف تركيا الثابت ضد سياسات الإبادة الإسرائيلية ومحاولاتها زعزعة استقرار المنطقة، قائلاً: "في عام 2025 كرّسنا جزءاً كبيراً من وقتنا لضمان وقف إطلاق النار في غزة وإيصال المساعدات الإنسانية وإنهاء العدوان الإسرائيلي، وعبّرنا عن موقفنا الأقوى تجاه فلسطين في جميع المنابر، خصوصاً الأمم المتحدة".
ولفت الوزير التركي إلى أن الاجتماع الذي جرى في نيويورك بين الرئيس الأمريكي دونالد ترمب وزعماء ثماني دول إسلامية من بينها تركيا، هو الذي أرسى أسس وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأردف: "حتى الآن، جرى الحفاظ على وقف إطلاق النار إلى حد كبير رغم الانتهاكات الإسرائيلية، وبدأت شحنات المساعدات الإنسانية إلى غزة رغم القيود المختلفة. وقد حظي دور بلدنا في هذه العملية بتقدير المجتمع الدولي".
وتطرق فيدان إلى موقف تركيا المبدئي من القضية الفلسطينية منذ البداية، مذكراً بالجهود الدبلوماسية المكثفة المبذولة من أجل الاعتراف بدولة فلسطين ودفع رؤية حل الدولتين.
وأكد أن تركيا كانت من الجهات الفاعلة في وقف إطلاق النار، مضيفاً: "لقد أحبط هذا طموحات حكومة نتنياهو لترحيل الفلسطينيين وضم الضفة الغربية. وقد اعترفت 11 دولة إضافية، منها بريطانيا وفرنسا وبلجيكا وأستراليا وكندا، رسمياً بدولة فلسطين".
ولفت إلى أن تركيا باتت من أكثر الدول إرسالاً للمساعدات العينية إلى غزة، بأكثر من 103 آلاف طن من المساعدات الإنسانية، مؤكداً أنّ حل الدولتين هو مفتاح السلام في فلسطين والمنطقة، وأن تركيا بصفتها رئيس مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي ستواصل جهودها الحثيثة لضمان موقف موحد للعالم الإسلامي تجاه القضية الفلسطينية.
وتعرّض قطاع غزة لحرب إبادة بدأها جيش الاحتلال في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتوقفت بعد عامين بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار، بعد أن خلفت أكثر من 69 ألف شهيد فلسطيني وما يزيد على 170 ألف مصاب، معظمهم أطفال ونساء، مع كلفة إعادة إعمار قدرتها الأمم المتحدة بنحو 70 مليار دولار.



























