بدأ بومبيو الثلاثاء جولة في الشرق الأوسط تشمل تسع دول (AP)
تابعنا

ما المهم: يُعدّ تصريح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، السبت، محاولة من واشنطن للتراجع عن خطأ ارتكبه مستشارها للأمن القومي جون بولتون، أثناء زيارته إلى المنطقة قبل أيام، بمحاولته فرض شروط على أنقرة، تقضي بأخذ موافقة أميركية على أي عملية عسكرية تنوي القيام بها شرقي الفرات في سوريا، ومطالبته بعدم التعرّض لجماعات تعدّها أنقرة إرهابية، بالإضافة إلى تصويره تركيا كأنّها تسعى لمهاجمة المكوّن الكردي في سوريا.

وأرفق بومبيو إقراره بحق الشعب التركي في محاربة الإرهاب، بتكرار قوله "القوى التي حاربنا معها في المنطقة ليست إرهابية، تستحق الحماية من تهديدات الجميع في المنطقة". وأضاف "هناك الكثير من التفاصيل التي يتعين علينا العمل على حلها، لكنني متفائل إزاء قدرتنا على تحقيق نتيجة جيدة".

المشهد: رحّب وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، السبت، بتصريح نظيره الأميركي مايك بومبيو، حول تفهّم واشنطن دوافع أنقرة لحماية حدودها، وقال إنه يصب في الاتجاه الصحيح. غير أنه أعرب في الوقت نفسه، عن رفضه وإدانته لتصريحات أطلقها مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، من إسرائيل، قبل أسبوع، حول بلاده.

واستنكر تشاووش أوغلو تصريح بولتون، قائلًا "أنتم الأميركيون استخدمتم الأكراد في الماضي لمآربكم"، مشدداً على أنّه لم يسبق لتركيا أخذ إذن من جهة ما في مجال مكافحة التنظيمات المصنفة إرهابية.

وترافق حديث تشاوش أوغلو، مع كلمة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، توقّع فيها أنّ التنظيمات المصنفة إرهابية مثل PKK وغولن وداعش "ستتحول إلى مصيبة على رأس الأطراف التي قامت بتسليحها حتى تهدد تركيا". وقال إنّ "الذين يعتبرون الرقص مع هذه التنظيمات الإرهابية سياسةً، سيندمون كثيراً يوم لا ينفع الندم".

الذين يعتبرون الرقص مع التنظيمات الإرهابية سياسةً، سيندمون كثيراً يوم لا ينفع الندم

رجب طيب أردوغان ـ الرئيس التركي

وكان وزير الخارجية الأميركي أكد، السبت، في مقابلة أجرتها معه فضائية "العربية" السعودية، أنّ بلاده "تتفهم دوافع تركيا في حماية حدودها وشعبها"، فيما قال إنّ اتصاله الهاتفي مع وزير الخارجية التركي تناول عدداً من الملفات المتصلة بالعلاقات الأميركية التركية.

في السياق ذاته، أوضح مولود تشاووش أوغلو، في كلمة ألقاها في ولاية أنطاليا جنوبي البلاد، أنه تناول آخر المستجدات في المنطقة والخطوات الواجب اتخاذها، مع نظيره الأميركي، خلال اتصال هاتفي، السبت.

وأشار وزير الخارجية الأميركي أيضاً إلى أنّ المبعوث الأميركي بشأن سوريا جايمس جيفري، توجه قبل أيام إلى شمال شرق سوريا ومن المقرر أن يتوجه في وقت قريب إلى أنقرة لإجراء محادثات تتناول الكثير من القضايا، من بينها سبل المضي قدماً بشأن العملية السياسية في سوريا والتي تقودها الأمم المتحدة.

خلفيات ودوافع: خلال زيارته إسرائيل، قبل أسبوع، أثار مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، الكثير من اللغط حين اشترط لتنفيذ انسحاب بلاده من سوريا ضمان تركيا سلامة "المقاتلين الأكراد"، في إشارة إلى مسلحي منظمة PKK المصنفة إرهابيةً والفصائل التابعة لها في سوريا. كما قال "لا نعتقد أنّ الأتراك سيقومون بعمل عسكري دون تنسيق كامل وموافقة من الولايات المتحدة".

وبينما جاءت هذه التصريحات مناقضة لتصريحات سابقة للرئيس الأميركي دونالد ترمب، فقد سارعت أنقرة إلى الرد على بولتون الذي زار تركيا في اليوم التالي.

وفي هذا الصدد، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء، أنّ مستشار الأمن القومي الأميركي ارتكب خطأ جسيماً في تصريحاته بشأن سوريا، مشيراً إلى أن أنقرة لن تستطيع تقديم تنازلات في مجال مكافحة الإرهاب.

بدوره، شدد المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، على أن بلاده تستهدف تنظيمات داعش وغولن وPKK والفصائل التابعة لها، وكلها مصنفة إرهابية. وأكد أنّ هدف تركيا من مكافحة الإرهاب هو حماية أمنها القومي، وتحقيق السلام الإقليمي، وضمان الاستقرار والأمن. وأضاف "لا يمكن للإرهابيين أن يمثلوا الأكراد، والادعاء بأن تنظيماً إرهابياً يمثل الأكراد هو في المقام الأول إساءة لإخوتنا الأكراد".

وأعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أنّ "نضال الجيش التركي منذ قرون في هذه المنطقة، ليس موجهاً ضد الإخوة الأكراد الذين نتقاسم معهم الأرض والزاد".

جدير بالذكر أنّ بولتون أجرى قبل أسبوع جولة شرق أوسطية، زار خلالها إسرائيل وتركيا. كما أنّ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بدأ الثلاثاء جولة في الشرق الأوسط، تشمل تسع دول.

ما التالي: يرى المحلل السياسي يوسف كاتب أوغلو أنّ تصريحات بومبيو "تدخل في سياق ما يمكن أن نسميه محاولة استرضاء تركيا، وإمساك العصا من المنتصف بعد التصريحات الكارثية لجون بولتون". ويقول كاتب أوغلو في حديث لـTRT عربي، برغم أن "هذا التصريح دبلوماسي ولا ينمّ عن جدية، لكنه يصب ضمن المصلحة التركية، وتركيا ترحب بأي خطوة تدعم حقها بالدفاع عن أمنها القومي وبحربها ضدّ الإرهاب".

تدخل تصريحات بومبيو في سياق ما يمكن أن نسميه محاولة استرضاء تركيا وإمساك العصا من المنتصف بعد التصريحات الكارثية لجون بولتون

يوسف كاتب أوغلو ـــ محلل سياسي

من جهة أخرى، يشير كاتب أوغلو إلى أنّه "عندما نتكلم عن الدور الأميركي عموماً، فإلى الآن ما تزال التصريحات الأميركية تدّعي وتقول إنّ الحلفاء هم المجموعات الكردية (المصنّفة إرهابية)، ولذا فهناك تناقض كبير، إذ إنّهم يرون أنّ تلك المجموعات لا تزال حليفة لهم ويجب حمايتها وعدم التخلي عنها".

برغم ذلك، يبدي المحلل السياسي اعتقاده بأنّه "أمام الإرادة السياسية والعسكرية التركية، التي لم تتغيّر، والإصرار على محاربة المجموعات الإرهابية المسلحة التي تهدد أمن تركيا القومي، ثمة تراجع في الموقف الأميركي، ولذا كان تصريح بومبيو مُرحَباً به، وقد جاء هذا التصريح كي لا يوتّر الأجواء أكثر".

في الوقت نفسه، يشير كاتب أوغلو إلى أنّه "في النهاية، سواء صرّحت أميركا بهذه المواقف أو لا، تفهمت أو لم تتفهم، فإنّ تركيا ماضية في عمليتها العسكرية".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً