سوريا الجديدة
6 دقيقة قراءة
رفع عقوبات قيصر وتغيير العملة.. حاكم مصرف سوريا المركزي يكشف تفاصيل مهمة في مقابلة مع TRT عربي
أعلن حاكم مصرف سوريا المركزي الدكتور عبد القادر الحصرية، أن المصرف قطع شوطاً متقدماً في استكمال التحضيرات النهائية لإطلاق العملة السورية الجديدة، مشيراً إلى أن الإعلان الرسمي عن تفاصيل الإصدار بات وشيكاً.
رفع عقوبات قيصر وتغيير العملة.. حاكم مصرف سوريا المركزي يكشف تفاصيل مهمة في مقابلة مع TRT عربي
قال الحصرية إن "استبدال العملة ليس قرارا بسيطا أو تقنيا فحسب، بل يتطلب ترتيبات لوجستية وقانونية وتنظيمية ومالية واسعة" / AA
منذ 6 ساعات

وأكد أن عملية الطرح ستُنفَّذ بسلاسة، مع اعتماد فترة انتقالية يُسمح خلالها بتداول الإصدارين القديم والجديد معاً، بما يمنح المواطنين والمؤسسات المالية متسعاً من الوقت لإتمام عمليات الاستبدال بطريقة ميسّرة ومنظمة.

وفي مقابلة خاصة مع برنامج "في الاقتصاد" على شاشة TRT عربي مساء الأربعاء، أوضح الحصرية أن العمل على هذا المشروع انطلق قبل أكثر من خمسة أشهر، وشمل إعداد خطط واضحة محددة بالتنسيق مع مختلف الجهات المعنية، من وزارات ومؤسسات رسمية وأطراف اقتصادية ذات صلة.

وأضاف أن مصرف سوريا المركزي سيصدر قريباً دليلاً إرشاديّاً تفصيليّاً، يتضمن جميع المعلومات الخاصة بآليات استبدال العملة، وسيُنشَر عبر الموقع الإلكتروني للمصرف، إلى جانب تقديم شروح وإيضاحات لغرف التجارة والصناعة ومختلف الجهات الاقتصادية المعنية.

ترتيبات واسعة

وقال الحصرية إن "استبدال العملة ليس قراراً بسيطاً أو تقنيّاً فحسب، بل يتطلب ترتيبات لوجستية وقانونية وتنظيمية ومالية واسعة"، منوها بأن العمل على هذه المسارات جرى بشكل متكامل.

ولفت إلى أن ما يُتداول من تسريبات بين حين وآخر يندرج ضمن إطار التحضيرات الجارية لطرح العملة الجديدة، فيما سيكون الإعلان الرسمي "أصوليّاً وواضحاً"، مُشدّداً على أن الهدف الأساسي من هذه الخطوة هو تسهيل حياة المواطنين وتعزيز الثقة بالليرة السورية، التي وصفها بأنها رمز للحرية والاستقلال.

وعن انعكاسات تغيير العملة على السياسة النقدية، بيّن حاكم مصرف سوريا المركزي أن هذه الخطوة ستتيح ضبط الكتلة النقدية بالكامل من خلال مهلة قانونية محددة لعملية الاستبدال، ما يوفر للمصرف أداة فعالة لإدارة السيولة، بعد سنوات من المعاناة من اختلالات حادة في هذا الجانب.

وأضاف أن "تغيير العملة سيسهم في تأمين موارد إضافية من القطع الأجنبي، والحدّ من ظاهرة الدولرة التي انتشرت خلال الفترة الماضية، والعودة إلى استخدام الليرة السورية عملة رئيسية للتداول".

وأوضح أنه مع استعادة دور القطاع المصرفي ورفع القيود تدريجيّاً عن السحوبات النقدية، ستعود الثقة إلى الجهاز المصرفي، ويُستأنف التمويل والإقراض، ويتحرك المعروض النقدي بما يلبي احتياجات الاقتصاد السوري.

وعن رفع القيود عن السحوبات النقدية، كشف حاكم مصرف سوريا المركزي أن المصرف يُجرِي حاليّاً مشاورات مع القطاع المصرفي للتوصل إلى موعد محدد لرفع القيود بالكامل، مشيراً إلى أن المصرف أعلن سابقاً أن أي إيداعات تمّت بعد السابع من مايو/أيار الماضي يمكن سحبها في أي وقت، وهو ما ساهم فعليّاً في عودة السيولة وزيادة الإيداعات خلال الأشهر الماضية.

وأوضح أن رفع سقوف السحب النقدي يتطلب معالجة تداعيات الأزمة اللبنانية على القطاع المصرفي، وهو ملفّ يُعمَل عليه بالتوازي مع الاستمرار في تسديد التزامات مصرف سوريا المركزي تجاه المصارف، مؤكدا أن المصرف حقّق تقدماً "كبيراً جدّاً" في هذا المسار، معرباً عن توقعه الإعلان قريباً عن موعد واضح لرفع القيود عن السحوبات النقدية.

تداعيات إلغاء "قانون قيصر"

في سياق متصل لفت الحصرية إلى أن إلغاء "قانون قيصر" يُعَدّ مِفصَلاً سياسيّاً واقتصاديّاً بالغ الأهمية، موضحاً أن توقيته، قبيل نهاية العام، أضفى بُعداً اقتصاديّاً على احتفالات السوريين بعيد التحرير، مؤكداً أن هذا الإلغاء يُؤذِن بفتح الأبواب أمام إعادة اندماج الاقتصاد السوري والقطاع المالي السوري في الاقتصاد العالمي والنظام المالي الدولي.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب وقّع في 18 ديسمبر/كانون الأول الجاري، خلال حفل بالبيت الأبيض، قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2026 المتضمن بنداً لإلغاء العقوبات المفروضة على سوريا بموجب "قانون قيصر"، وبذلك رُفِعَت العقوبات رسميّاً عن سوريا.

وصوّت مجلس الشيوخ الأمريكي الأربعاء الماضي لصالح قانون موازنة وزارة الدفاع لعام 2026 المتضمن بنداً لإلغاء "قانون قيصر"، وأحاله إلى الرئيس لتوقيعه ليصبح نافذاً.

وأضاف الحصرية أن "العمل يتركز في القطاع المصرفي على مسارين أساسيين: أولهما استعادة ثقة القطاعين المصرفي والمالي العالميين بالقطاع المصرفي السوري، وهو ما يتطلب تقديم تطمينات واضحة بشأن التزام قوانين مكافحة غسل الأموال والتشريعات المرتبطة بها".

وذكر حاكم مصرف سوريا المركزي أن "المسار الثاني يتمثل في إقامة علاقات بنوك مراسلة مع المصارف الأجنبية، وهو ما يستوجب من المصارف السورية بناء نماذج أعمال واضحة ومقنعة تبرر هذه العلاقات وتضمن استدامتها".

وفي ما يتعلق بالإجراءات التي يجري العمل عليها بالتوازي مع إلغاء "قانون قيصر"، ولا سيما تعزيز الاحتياطيات، كشف حاكم مصرف سوريا المركزي أن "هذا الإلغاء سيسمح للبنوك الأجنبية بالتعامل مُجدَّداً مع المصرف المركزي، كما سيمكّن سوريا من إعادة تفعيل حساباتها لدى عدد من المصارف المراسلة التي كانت مجمدة خلال الفترة الماضية، فمع عودة العمل بنظام (سويفت) ورفع العقوبات، سيتمكن المصرف من استخدام هذه الحسابات مجدَّداً وزيادة احتياطياته فيها".

حسابات جديدة 

وأضاف أن "هذه التطورات ستتيح أيضاً فتح حسابات جديدة للمصرف المركزي السوري"، مشيراً إلى أن "المصرف بدأ بالفعل تفعيل حسابه لدى الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ويعمل في الوقت نفسه على فتح حسابات لدى البنك المركزي الكندي، والبنك المركزي الإماراتي، والبنك المركزي التركي. الأمور تعود تدريجيّاً إلى طبيعتها على هذا الصعيد".

كما ذكر أن "هذه الإجراءات لم تبدأ بعد رفع العقوبات، بل انطلقت منذ شهر أبريل/نيسان الماضي، في إطار التحضير المسبق لهذه المرحلة"، موضحاً أن "المصرف فتح حسابات لدى عدد من المصارف الأجنبية، وتواصل مع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي منذ أكثر من نحو خمسة أشهر، وكذلك مع البنك المركزي التركي، فيما جرى التواصل مع البنك المركزي الكندي الشهر الماضي، مع توقعات بفتح حساب رسمي لديه قريباً".

وأشار الحصرية إلى أن هذه الإجراءات مجتمعة ستمكِّن مصرف سوريا المركزي من إعادة بناء احتياطياته نظاميّاً، وتحريك الحسابات التي كانت مجمدة، بما يعزز الاستقرار المالي والنقدي.

وعلى صعيد السياسة النقدية، سواء من حيث سعر الصرف أو الكتلة النقدية، قال حاكم مصرف سوريا المركزي إن إلغاء قانون قيصر سيسمح بتدفقات نقدية بالعملات الأجنبية إلى المصرف المركزي وإلى القطاع المالي السوري عموماً، ما سيحسِّن مستوى السيولة، وهذا التطور سيوفر أدوات للسياسة النقدية لم تكن متاحة من قبل.

تحدِّيات مالية واقتصادية كبيرة

وبيّن الحصرية أن "التحديات المالية والاقتصادية التي تواجه سوريا بعد رفع العقوبات لا تزال كبيرة"، مشيراً إلى أن التحدي الأبرز على مستوى القطاع المالي يتمثل في استعادة الثقة، وهذه الثقة لا تُبنى بقرار واحد، بل تتطلب مزيجاً متكاملاً من الالتزام، والتواصل المستمر، والتعامل المهني، والتطمين، بما يفضي إلى إعادة بناء جسور العلاقات مع القطاع المالي العالمي".

وأضاف أن "الحكومة السورية اتخذت خياراً استراتيجيّاً يتمثل في بناء (سوريا الجديدة) عبر استقطاب رأس المال والاستثمار الخارجي"، واصفاً هذا المسار بأنه الطريق الأصعب، لكنه في الوقت نفسه الطريق الأسلم مقارنة بالاقتراض الخارجي من الأسواق المالية، مستدركاً بأن هذا الخيار لا يلغي إمكانية اللجوء مستقبلاً إلى الاقتراض من مؤسسات التنمية الدولية التي تُقدِّم قروضاً ميسَّرة أو منحاً، لكنه يحمّل الحكومة مسؤوليات أكبر لتهيئة بيئة جاذبة للاستثمار.

وأشار إلى أن من بين الملفات التي يُعمَل عليها أيضاً مسألة التصنيف السيادي لسوريا، موضحاً أنه رغم صعوبة تحقيق هذا التصنيف فوراً، بدأ المصرف المركزي ما يُعرف بـ"التصنيف الظلي" (Shadow Rating) ليكون مرجعية في هذه المرحلة.

وفي إطار استعادة الثقة بالقطاع المصرفي، ذكر الحصرية أن المصرف وضع رؤية واضحة واستراتيجية شاملة للقطاع المالي تمتدّ حتى عام 2030، موضحاً أن المرحلة الأولى من هذه الاستراتيجية ركزت على معالجة القضايا الناتجة عن تأثر القطاع المالي السوري بأزمة القطاع المصرفي اللبناني، إضافة إلى معالجة الالتزامات المترتبة على مصرف سوريا المركزي تجاه المصارف.

وزاد: "هذه المرحلة أسفرت عن تحقيق تقدم ملموس، والمرحلة المقبلة ستتضمن برنامجاً متكاملاً لإعادة تأهيل القطاع المصرفي، بالتوازي مع منح تراخيص لمصارف جديدة"، لافتاً إلى أن جميع المصارف تعاونت مع المصرف المركزي في هذا المسار.

وبيّن حصرية أن الطموح يتمثل في أن يصل عدد المصارف العاملة في سوريا بحلول عام 2030 إلى ما بين 30 و35 مصرفاً، تشمل مصارف تقليدية، ومصارف إسلامية، ومصارف استثمارية، لافتاً إلى أن المصرف المركزي اتخذ قرارات جريئة كانت ضرورية في هذه المرحلة، نظراً إلى حجم الفرصة المتاحة حاليّاً، مُعتبراً أن التوقيت الراهن قد يكون الأفضل للتعامل مع التحديات وتحويلها إلى فرص.

مصدر:TRT Arabi
اكتشف
سوريا.. غارات أردنية تستهدف شبكة مُهرّبي مخدرات بالسويداء
بحوزته سلاح حربي وحزام ناسف.. القبض على قيادي في تنظيم "داعش" الإرهابي بريف دمشق
كأس إفريقيا.. 4 دول عربية تحقق الفوز في أولى جولات دور المجموعات
وفاة الفنان والمخرج الفلسطيني محمد بكري عن 72 عاماً
الرئيس أردوغان: لن نترك غزة وحدها وإسرائيل تواصل عرقلة إيصال المساعدات
سفير أنقرة: الإقبال المتزايد على تعلُّم التركية بموريتانيا يجسّد متانة العلاقات
أنقرة.. فيدان يبحث مع وفد من حماس المرحلة الثانية من اتفاق غزة والأوضاع الإنسانية
الرئيس أردوغان يعزي ليبيا حكومة وشعباً في مصرع رئيس الأركان ومرافقيه
مسؤولون وساسة أتراك يعزّون ليبيا في وفاة رئيس الأركان محمد الحداد
الاحتلال يعتدي على نساء وأطفال في القنيطرة بسوريا.. واشتباكات وإجراءات أمنية باللاذقية وحلب
تحقيقات إبستين.. ما الذي كشفته الوثائق الجديدة عن ترمب؟
روسيا.. مقتل 3 أشخاص بينهم شرطيان إثر انفجار عبوة ناسفة في موسكو
زيلينسكي يكشف عن خلافات مع واشنطن ويربط إجراء الانتخابات بانتهاء الحرب
الاحتلال يواصل خرق وقف إطلاق النار في غزة.. ويصيب طفلاً بجروح خطيرة شمالي القطاع
تركيا تعلن العثور على الصندوق الأسود لطائرة رئيس الأركان الليبي