البرهان وكوهن بحثا موضوعات مختلفة أهمها التعاون الأمني والعسكري بين تل أبيب والخرطوم (وسائل إعلام إسرائيلية)
تابعنا

بعد زيارة لم تستغرق أكثر من يوم واحد، عاد وزير الاستخبارات الإسرائيلي إيلي كوهن إلى تل أبيب محمَّلاً بالهدايا والعطايا التي أغدق بها عليه رئيس المجلس الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان، وأهمها بندقية من طراز M16، تفاجأ بها كوهن وقال إنها "هدية إسرائيلية بامتياز".

زيارة كوهن وهو مقرب جداً من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين الماضي إلى السودان كانت عبارة عن أوّل زيارة رسمية يجريها وزير إسرائيلي إلى هذا البلد الذي شهدت علاقاته بإسرائيل توتراً حاداً خلال السنوات الماضية، وجاءت بعد أسابيع قليلة من زيارة وفد إسرائيلي رفيع المستوى للخرطوم للتفاهم حول اتفاق التطبيع المقرر عقده بين البلدين خلال الشهور الثلاثة المقبلة، وفق ما صرّح به كوهن لصحيفة "يديعوت أحرونوت".

الوزير كوهن الذي وجد صعوبة كبيرة في حمل هدية البرهان على متن الطائرة، ما اضطره إلى تفكيكها وحملها على شكل قطع صغيرة ثمّ إعادة تركيبها لوضعها كذكرى في مكتبه، لم يواجه صعوبة في فتح آفاق جديدة للتعاون بين تل أبيب والخرطوم، إذ أشار إلى أنه بحث مع البرهان قضايا مختلفة تهم الطرفين، أهمها التنسيق الأمني والعسكري والاقتصادي.

وبعد توقيع اتفاقات التطبيع مع البحرين والإمارات سعت حكومة نتنياهو جاهدة بالتنسيق مع إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترمب لجرّ السودان إلى التطبيع، وجرى ذلك بعد مساومة إدارة بايدن الخرطوم، وربطها قرار رفع العقوبات المفروضة عليها بتوقيع اتفاق تطبيع مع إسرائيل.

تحوّل هائل

ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتفاق التطبيع مع السودان بأنه "تحوُّل هائل"، مشيراً إلى أن السودان الذي انعقدت فيه قمّة عربية عام 1967 وعُرفت بقمّة "اللاءات الثلاث: لا للسلام مع إسرائيل، ولا للاعتراف بإسرائيل، ولا للمفاوضات مع إسرائيل" بات اليوم يقول: "نعم للسلام مع إسرائيل".

ولا تبدو السودان كالإمارات التي احتفت إسرائيل بالتطبيع معها بسبب السعي نحو مصادر الطاقة فيها والميزانيات الاستثمارية الضخمة، وقربها من إيران والتنسيق العسكري معها، فالميزانية في الخرطوم تكاد تنهار وترزح أوساط واسعة من الشعب تحت خط الفقر، فما الذي تبتغيه إسرائيل ولماذا احتفت بشكل كبير بهذا التطبيع؟

تقول صحيفة "معاريف" الإسرائيلية تحت عنوان "ماذا تريد إسرائيل من السودان" إنه "بالنسبة إلى إسرائيل فإن فتح كل سوق جديد يعد بمثابة غنيمة، كذلك فإن الاتفاق إنجاز على مستوى سياسي".

وتضيف: "التطبيع مع السودان سيمنح إسرائيل فرصة للعمل أمنياً على أرضها بالتنسيق مع السلطات هناك، وملاحقة "الإرهاب" في إفريقيا، كما من شأن التطبيع أن يساهم في تقليص الفترة الزمنية للرحلات الجوية الإسرائيلية إلى جنوب أمريكا بعدة ساعات".

وتقول: "التطبيع مع السودان هو بمثابة انتصار أيضاً، هذه الخرطوم التي شهدت قمّة اللاءات الثلاث".

مصالح إسرائيلية

وتحت عنوان "المصالح الإسرائيلية من التطبيع مع السودان" كتب الموقع الإلكتروني للقناة 12 الإسرائيلية إن "إسرائيل ستربح على صعد مختلفة من هذا الاتفاق، أهمها الصعيد الأمني والاقتصادي المتعلق بالزراعة والسياحة".

وتشير إلى أن وزارة الاستخبارات الإسرائيلية نشرت مستندات توضح ماهية المصالح الإسرائيلية من هذا التطبيع، وتنقل عن الوزير إيلي كوهن تصريحاً سابقاً يقول فيه: "السودان دولة مهمة جداً في المنطقة، لقد كانت تُستغل في الماضي كمعبر للسلاح بين إيران وغزة، واتفاق السلام معها سيكون ضربة لإيران ويدعم الاستقرار في المنطقة بخاصة من خلال التنسيق مع إسرائيل".

وحسب مستندات وزارة الاستخبارات فإن المصلحة الرئيسية لإسرائيل من التطبيع مع السودان هو الأمن، "فالسودان قريب من سواحل البحر الأحمر وتقع على خط التهريب المباشر للبشر والسلاح، هذا المكان الاستراتيجي من شأنه أن يساعد على تقليص أي تهديدات قد تمس المصالح الإسرائيلية على امتداد الخطوط البحرية الأساسية، كما يفتح آفاقاً للتنسيق والتعاون الأمني في المنطقة".

وتعتقد إسرائيل حسب وزارة الاستخبارات، أن السودان قد يساهم في منع تهريب السلاح إلى قطاع غزة، كذلك منع "جهات معادية" من العمل على أرضه وإجهاض أي مساعي إيرانية لإقامة معسكرات بحرية على مقربة من سواحل البحر الأحمر".

وترى أن السودان ستكون سوقاً جديدة للصناعات الدفاعية الإسرائيلية، مشيرة إلى وجود "خشية من استخدام الصناعات الإسرائيلية ضد معارضي النظام هناك، ولهذا السبب سيكون التصدير المباشر للسلاح في البداية قليلاً"، ما يعني أن تصدير السلاح الإسرائيلي إلى السودان سيبدأ بشكل فعلي وترتفع وتيرته مع مرور الأيام.

وتشير دراسة لمركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي إلى أن "المكان الجغرافي المميز للسودان وكونه جسراً بين جنوب إفريقيا والجانب الإفريقي من الصحراء من شأنه أن يكون مفيداً لإسرائيل".

لكن الدراسة تقول إن "اتفاق التطبيع قد لا يساهم في تطبيع العلاقات بين الشعوب بقدر الحكومات في ظل تعاطف السودانيين مع الشعب الفلسطيني، ولن يشبه هذا الاتفاق، الاتفاقات السابقة مع الإمارات والبحرين بما يتعلق بالشعوب".

دعم الاقتصاد الإسرائيلي

في سياق آخر تشير تقديرات إسرائيلية إلى أن العلاقات مع السودان من شأنها أن تساهم في دعم الاقتصاد الإسرائيلي.

ويشير موقع "جولوبس" الإسرائيلي المتخصص في الاقتصاد بتقرير إلى أن "أرض السودان الخصبة ستؤتي أكلها بشكل مضاعف عند دخول التكنولوجيا الزراعية الإسرائيلية إليها، توجد فرصة اقتصادية كبيرة هناك، فالتكنولوجيا الإسرائيلية المتطورة المتعلقة بالزراعة وترشيد استهلاك المياه ثبتت نجاعتها في أماكن كثيرة مثل مصر ودول إفريقية مختلفة".

ويوضح: "السودان لا يزال في بداية التطور التكنولوجي، وهذا يشكل فرصة كبيرة للشركات الإسرائيلية لدخول سوق الخرطوم التي تنتظر مثل هذا التقدم، ما يفسح مجالاً لإسرائيل بالتقدم".

وترى القناة 12 الإسرائيلية أن السودان سيكون عبارة عن أرض خصبة للمنتجات الإسرائيلية المختلفة، كما سيساهم التطبيع مع الخرطوم في دفع الاقتصاد الإسرائيلي من خلال السياحة المتبادلة، وكذلك جذب السودانيين إلى السياحة الطبية في إسرائيل".

TRT عربي
الأكثر تداولاً