أحدث هذه المشاريع هو منطاد المراقبة غوكشري (Gökçeri) الذي طوّرته شركة Türkport، وتقول الشركة إن المنظومة المحلية قادرة على البقاء في الجو مدة تصل إلى عشرة أيام، بفضل الأنظمة الفرعية المطوّرة محليّاً.
وتعمل هذه المناطيد المعبأة بغاز الهيليوم عبر الانجراف في السماء، وهي مثبتة إلى الأرض، ما يسمح لها بالتحليق على ارتفاع يتراوح بين 120 و1000 متر، وتوفير مجال رؤية واسع لمهام المراقبة والاستخبارات.
وتتيح هذه القدرات أداء مجموعة واسعة من المهام، بينها مراقبة الفيديو وتقييم الصور، حماية المنشآت الحيوية مثل حقول النفط والقواعد العسكرية، توفير محطات اتصالات مؤقتة في حالات الطوارئ، إضافة إلى حمل منظومات تسليح أو تجهيزات حرب إلكترونية واعتراض استخباري، فضلاً عن دورها كمنصة رادارية منخفضة الارتفاع للتحذير المبكر من هجمات الطائرات المسيّرة وصواريخ كروز.
وبحسب بيانات متاحة من مصادر مفتوحة، فإن أكثر من 1700 منطاد من هذا النوع تعمل حاليًاً في 68 دولة، بينما تسيطر الصناعة الأمريكية على الحصة الأكبر من هذا السوق.
وفق مجلة إنتلجنس أونلاين، وافقت وزارة الخارجية الأمريكية في فبراير/شباط 2024 على صفقة بقيمة مليار دولار لتزويد بولندا بأربعة مناطيد استطلاع عبر كونسورتيوم يضم شركتي RTX وTCOM الأمريكيتين وElta الإسرائيلية. وكانت TCOM قد وقّعت عام 2021 عقداً لتوريد عشرة منطادات للسعودية ضمن برنامج المبيعات العسكرية الأجنبية (FMS) بقيمة 450 مليون دولار.
وتضيف المجلة أن منتجات Türkport لاقت اهتماماً خارجيّاً ملحوظاً، إذ أبدى ممثلون من القوات المسلحة الأوكرانية والليتوانية اهتمامًا بالمناطيد التركية خلال معرض IDEF في إسطنبول، رغم وجود شركات محلية في أوكرانيا تعمل في هذا المجال. كما أجرت الشركة التركية لقاءات مع عدد من كبرى الشركات الدفاعية المملوكة للدولة في الخليج العربي.
بهذا، تراهن تركيا على قدرتها على تقديم بدائل محلية أقل اعتماداً على الخارج وأكثر مرونة تشغيلية، في سوق تزداد أهميته الاستراتيجية وتتسابق الدول الكبرى للسيطرة عليه.
أعوام من البحث والتطوير
بعد مسيرة امتدت ثمانية أعوام من البحث والتطوير، أعلنت شركة الصناعات الدفاعية التركية TÜRKPORT عن إنجاز مهم يتمثل في تطوير منطاد المراقبة GÖKÇERİ، الذي وُصف بأنه يتفوق في أدائه على منتجات أجنبية مشابهة مطروحة في الأسواق.
طوّرت الشركة أول غلاف محكم للهيليوم في تركيا وحصلت على براءة اختراع له، وهو أخف وزناً ويتميز بنفاذية أقل للهيليوم مقارنة بالمواد المستوردة، ما يطيل مدة الطيران من 3–4 أيام إلى نحو 7–10 أيام. ويتيح هذا الابتكار إمكانات استخدام إضافية في مجالات مثل الصناعات الفضائية وقطاع الأغذية.
كذلك طوّرت TÜRKPORT جميع البرمجيات والأنظمة الفرعية محليّاً، بما في ذلك أنظمة التحكم في الطيران، وإدارة الحمولة المفيدة، وأجهزة الاستشعار، إضافة إلى وحدات القياس والتقييم.
أما حبل الربط فقد جرى تخفيف وزنه وتصميمه ليحتوي على كابل ألياف بصرية مدمج هو الأول من نوعه محليّاً، ما يضمن نقل البيانات بشكل آمن ويقلل من مخاطر الاختراق الإلكتروني عبر الطيف اللاسلكي.
يمتاز "غوكشري" بقدرته على الانتشار السريع، إذ يمكن تحضيره للإقلاع خلال أربع ساعات وجمعه بعد المهمة بالمدة نفسها، ما يمنحه مرونة للتنقل بين مواقع مختلفة.
كما طوّرت الشركة لأول مرة نظاماً يسمح بتفريغ الهيليوم وإعادته إلى الأسطوانات عبر عملية تفريغ فراغي (فاكيوم)، بعدما كان هذا الإجراء يعتمد على ضواغط مستوردة.
المنطاد مصمم لإدماج تقنيات عدة من شركات الدفاع التركية الكبرى، بدءاً من الذخائر الموجهة المصغّرة من روكيتسان، مرورًا بأنظمة الاستشعار الكهروبصري من أسيلسان مثل جهاز Aselflir-50، وصولاً إلى معدات الحرب الإلكترونية من سلسلة Antidot.
إلى جانب نشره تجريبياً من قبل الجيش التركي، وقّعت الشركة عقوداً مع شركتي الاتصالات Turkcell وTürk Telekom لمراقبة البنى التحتية على الحدود الجنوبية مع سوريا والعراق، وفق ما نقلته مجلة Intelligence Online. كما يجري بحث استخدامه في مراقبة الحقول النفطية بالمنطقة نفسها.
وأعلنت TÜRKPORT على هامش معرض IDEF 2025 عن استمرارها في توسيع خط منتجاتها، من بينها منطاد أصغر يحمل اسم Gökeri يتراوح طوله بين 5 و12 متراً، مخصص لمهام المراقبة وتعزيز الاتصالات الميدانية عبر إعادة بث الإشارات وتوسيع نطاق تغطية أجهزة الراديو العسكرية.
بهذا الإنجاز، تضع أنقرة نفسها في موقع متقدم داخل سوق المناطيد المخصصة للمراقبة، معتمدة على حلول محلية تتيح استقلالية أكبر عن سلاسل التوريد الأجنبية، وتفتح الباب أمام تطبيقات مدنية وعسكرية متعددة.