تحوّل هذا الخط إلى فاصل بين الحياة والموت، إذ يتعرض أي فلسطيني يقترب منه أو يتجاوزه لإطلاق نار مباشر من قوات الاحتلال المنتشرة شرق الخط، الذي يشمل -وفق تقديرات إسرائيلية- أكثر من 50% من مساحة القطاع.
ورغم إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي، قبل ثلاثة أيام، بدء وضع علامات توضيحية على الخط الأصفر، فإنّ الوقائع الميدانية واستمرار سقوط الضحايا بدعوى تجاوزه تؤكد أنّ الخط لا يزال مصيدة غامضة تهدد حياة المدنيين.
وأفاد فلسطينيون في أحاديث منفصلة بأنّ التحرك داخل مناطق واسعة من القطاع محفوف بالمخاطر في ظل غياب الإشارات التحذيرية وعدم وضوح معالم الخط، خصوصاً بعد أن تداخلت الطرق والشوارع بسبب الدمار الواسع الذي خلّفته الحرب.
وأوضح السكان أنّ أبسط خطأ في الاتجاه أو تقدير المسار قد يكون كفيلاً بتعريض حياتهم للخطر، فيما تؤكد معطيات المكتب الإعلامي الحكومي أنّ الحرب الإسرائيلية التي بدأت في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 واستمرت لعامين دمّرت نحو 90% من البنية التحتية المدنية في قطاع غزة، لتجعل الخط الأصفر رمزاً جديداً للموت وسط مدينة بلا ملامح.
وتُظهِر خريطة الخطة الأمريكية التي يستند إليها اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل أن ما يُعرف بالخط الأصفر يمتد من الأطراف الجنوبية لمحافظة شمال غزة وصولاً إلى أطراف مدينة رفح جنوباً، ليشكّل نطاقاً عازلاً يفصل بين مناطق سيطرة الطرفين.
وبالتزامن مع بدء سريان الاتفاق، شرع جيش الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ انسحابات جزئية شملت مدينة غزة باستثناء حي الشجاعية وأجزاء من حيي التفاح والزيتون، كما انسحب من مناطق وسط القطاع ومن أجزاء شرقية من مدينة خان يونس.
ومع ذلك، يواصل جيش الاحتلال تمركزه في بيت حانون وبيت لاهيا شمالاً، ومدينة رفح جنوباً، إضافة إلى المناطق الساحلية الغربية للقطاع.
50٪ من القطاع
وصرح وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بأن "الخط الأصفر يغطي أكثر من 50% من مساحة قطاع غزة"، في حين تتهم حركة حماس جيش الاحتلال الإسرائيلي بخرق الاتفاق من خلال استمرار نشاطه العسكري تجاوزاً لحدود الخط المرسوم.
وأكدت الحركة أن جيش الاحتلال يفرض سيطرة نارية مكثفة على شريطٍ يمتد على طول خط الانسحاب المؤقت المعروف بالخط الأصفر، ضمن مسافات تتراوح بين 600 و1500 متر جنوباً وشرقاً وشمالاً من القطاع، ما يمنع آلاف الفلسطينيين من العودة إلى مناطقهم المدمرة.
كما أشارت حركة حماس إلى أن هذه الاعتداءات تتخذ أشكالاً متعددة، من قصف مدفعي واستخدام طائرات مسيّرة من نوع كوادكابتر إلى إطلاق نار مباشر من الآليات العسكرية والرافعات المخصّصة للرصد، وهو ما يجعل الخط المؤقت أداة دائمة لتكريس التهجير القسري والسيطرة الميدانية الإسرائيلية داخل قطاع غزة.
وكشف المكتب الإعلامي الحكومي في غزة في أحدث بياناته أن الجيش الإسرائيلي ارتكب 80 خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار منذ دخوله حيز التنفيذ، ما أسفر عن استشهاد 97 فلسطينياً وإصابة 230 آخرين، إضافة إلى اعتقال عدد من المدنيين في مناطق مختلفة من القطاع.
وقال مدير عام المكتب إسماعيل الثوابتة إن 21 خرقاً من هذه الانتهاكات وقعت يوم الأحد وحده، بعد أن قصفت القوات الإسرائيلية مناطق تقع غرب الخط الأصفر كانت قد وصفتها سابقاً بأنها "مناطق آمنة"، مما أدى إلى استشهاد 44 فلسطينياً.
وأوضح المكتب أن جيش الاحتلال الإسرائيلي ينفذ هذه الخروقات باستخدام الآليات العسكرية والدبابات المتمركزة على أطراف الأحياء السكنية، إلى جانب رافعات إلكترونية مزودة بأجهزة استشعار واستهداف عن بُعد، فضلاً عن الطائرات المسيرة التي تنفّذ عمليات قصف وإطلاق نار مباشر على المدنيين، في استمرار واضح لانتهاك شروط الاتفاق وتهديد حياة السكان داخل القطاع.
تُعلن وزارة الصحة في غزة بشكلٍ شبه يومي عن سقوط شهداء فلسطينيين برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي في مناطق متفرقة من القطاع، في حين يبرر الاحتلال تلك الاستهدافات بأنها تأتي رداً على تجاوز الخط الأصفر الذي حدده منطقة فاصلة.
من جانبها، وصفت حركة حماس هذه الاعتداءات بأنها "جرائم مكتملة الأركان" تكشف عن نية مبيتة لدى الاحتلال لاستهداف المدنيين العُزل دون مبرر، داعيةً الرئيس الأمريكي دونالد ترمب والوسطاء إلى تحمل مسؤولياتهم في وقف خروقات إسرائيل وإلزامها احترام اتفاق وقف الحرب.
وفي بيانٍ جديد الأحد، جدّد جيش الاحتلال تحذيره للفلسطينيين قائلاً: "كونوا فقط في الجهة الواقعة غرب الخط الأصفر"، لكن وفقاً لتقارير الدفاع المدني فإن القوات الإسرائيلية تطلق النار مباشرة على كل من يتجاوز الخط بدلاً من تحذيرهم أو التعامل معهم بوسائل غير قاتلة، ما يحوّل هذا الخط المؤقت إلى حدّ دمويّ جديد في الجغرافيا الفلسطينية الممزقة.
80 خرقاً
ومنذ سريان الاتفاق، ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي 80 خرقاً، ما أسفر عن استشهاد 97 فلسطينياً، بينهم 44 استشهدوا إثر خروقات جيش الاحتلال الأحد.
ويستند اتفاق وقف إطلاق النار إلى خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي تقوم إلى جانب وقف الحرب على انسحاب متدرج للجيش الإسرائيلي، وإطلاق متبادل للأسرى، ودخول فوري للمساعدات إلى القطاع.
وأنهى الاتفاق حرب إبادة استمرت سنتين، وأسفرت عن استشهاد أكثر من 68 ألف فلسطيني وإصابة نحو 170 ألفاً، وتدمير 90 في المئة من البنى التحتية المدينة في قطاع غزة.
وفي 10 أكتوبر/تشرين الأول، دخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وذلك وفق خطة ترمب التي تقوم إلى جانب وقف الحرب على انسحاب متدرج لجيش الاحتلال الإسرائيلي، وإطلاق متبادل للأسرى، ودخول فوري للمساعدات إلى القطاع.
وأنهى الاتفاق حرب إبادة ارتكبتها إسرائيل منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على مدى عامين، بدعم أمريكي، وأسفرت عن استشهاد أكثر من 68 ألف فلسطيني وإصابة نحو 170 ألفاً.
