آراء
تركيا
5 دقيقة قراءة
القمة الإسرائيلية-اليونانية-القبرصية وخيارات تركيا
يعكس انعقاد القمة الثلاثية الإسرائيلية-اليونانية-القبرصية توجّهاً لتعزيز التعاون الأمني والعسكري في شرق المتوسط.
القمة الإسرائيلية-اليونانية-القبرصية وخيارات تركيا
د انعقدت القمة في توقيت تتقاطع فيه الضغوط التي تواجهها إسرائيل على أكثر من جبهة، مع تحركات يونانية وقبرصية لإعادة تثبيت موقعهما داخل في شرق المتوسط. / Reuters
منذ 6 ساعات

لم تستقر منطقة الشرق الأوسط في ظل توالي ارتدادات طوفان الأقصى، فملفات غزة ولبنان وإيران ما زالت مفتوحة، بينما يستمر تقييم المخاطر الجديدة الناتجة عن التغيرات التي أسفرت عنها الحرب حتى الآن.

وفي ظل تلك الأجواء انعقدت القمة الثلاثية الإسرائيلية-اليونانية-القبرصية العاشرة في القدس في 22 ديسمبر/كانون الأول. وبرز خطاب بنيامين نتنياهو خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب انعقاد القمة، إذ قال خلاله "إلى أولئك الذين يحلمون بإعادة بناء الإمبراطوريات وفرض السيطرة على أراضينا، أقول: انسوا ذلك. هذا لن يحدث، ولا تفكروا في الأمر حتّى، لأننا قادرون على الدفاع عن أنفسنا، وهذا التعاون يعزّز قدراتنا".

 كما أشار نتنياهو إلى حماية الحدود البحرية، وتوسيع التعاون العسكري والأمني. بينما شدّد رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس على "دخول مرحلة جيوسياسية مختلفة، تنطوي على مخاطر جدية"، ليضعا بذلك تركيا في قلب الرسالة السياسية للقمة، بوصفها الطرف الذي تُبنى على أساسه أولويات هذا التعاون.

لقد انعقدت القمة في توقيت تتقاطع فيه الضغوط التي تواجهها إسرائيل على أكثر من جبهة، مع تحركات يونانية وقبرصية لإعادة تثبيت موقعهما داخل معادلات الأمن في شرق المتوسط.

 فيما يتعلق بتل أبيب، يمثّل الاجتماع فرصة لإظهار قدرتها على تفعيل شراكات إقليمية في لحظة عزلة سياسية متنامية، أما لأثينا وإدارة جنوب قبرص اليونانية، فتندرج القمة -التي تنعقد للمرة الأولى منذ اندلاع حرب 7 أكتوبر- ضمن مسار أوسع لتعميق التعاون الأمني والعسكري مع إسرائيل، بوصفه إحدى أدوات موازنة النفوذ التركي في البحر المتوسط وبحر إيجة، مع ربط ملفات الطاقة والملاحة والتخطيط الدفاعي في مسار واحد يستهدف تضييق هامش الحركة التركي، من دون إعلان ذلك كهدف مباشر.

القلق الثلاثي

تحضر تركيا في خلفية القمة بوصفها متغيراً أساسياً في إعادة ضبط الحسابات الأمنية شرق المتوسط في ظل ما أفرزته الحرب بالمنطقة من تحولات متسارعة، بدءاً من انتصار الثورة السورية وما تبعه من القلق الإسرائيلي تجاه الحكومة السورية الجديدة وشراكتها مع تركيا، مروراً بالدور الذي لعبته أنقرة في مسار التفاهمات المرتبطة بغزة، وصولاً إلى حرصها المعلن على المشاركة في قوة حفظ السلام الدولية المحتملة في القطاع، وهو ما يمثل كابوساً لنتنياهو الذي لا يريد أن تنتهي الحرب بوجود قوات تركية في غزة تحت مظلة دولية.

 ويتقاطع هذا الحضور التركي مع خصوصية العلاقة التي تجمع الرئيس أردوغان بنظيره الأمريكي دونالد ترمب، بما يثير قلقاً إسرائيلياً ويونانياً من اتساع هامش الحركة التركي إقليمياً ودولياً.

تنظر تل أبيب إلى اليونان وإدارة جنوب قبرص باعتبارهما منصتين قادرتين على توفير عمق عملي لتحركاتها العسكرية والاستخباراتية في شرق المتوسط، من دون الاصطدام المباشر مع تركيا، كما ترى في الشراكة معهما وسيلة للضغط على أنقرة لمراعاة الشواغل الإسرائيلية المتعلقة بسوريا وغزة. 

وفي المقابل، ترى اليونان وإدارة جنوب قبرص اليونانية في الشراكة مع إسرائيل وسيلة لتعويض اختلال ميزان القوى مع أنقرة، عبر الاستفادة من القدرات الجوية والاستخباراتية الإسرائيلية، وربط هذا التفوق بأمن الطاقة والبنية التحتية البحرية.

مظاهر التعاون

عملياً، يتجسد مسار التعاون في تسارع الخطوات العسكرية بين الأطراف الثلاثة، سواء عبر توسيع نطاق المناورات الجوية والبحرية والبرية، أم عبر صفقات التسليح مثل صفقة تزويد إسرائيل لقبرص بمنظومة الدفاع الجوي "باراك MX" التي تتضمن منظومات رصد تشمل رادارات ثلاثية الأبعاد بمدى يصل إلى 460 كيلومتراً، ما يوسّع نطاق التغطية الجوية ليشمل مساحات واسعة من شرق المتوسط وجنوب تركيا.

 وتتزامن الصفقة مع تحركات داخل الكونغرس الأمريكي، في مقدمتها مشروع القانون الذي قدّمته النائبة الجمهورية نيكول ماليوتاكيس تحت عنوان "الشراكة الأمريكية-اليونانية-الإسرائيلية لمكافحة الإرهاب والأمن البحري في شرق البحر الأبيض المتوسط لعام 2025"، بما يعكس تقاطع مسار التعاون الثلاثي مع غطاء تشريعي أمريكي داعم لتعميق هذا الاصطفاف.

وبجوار صفقة "باراك" بدأ الجيش اليوناني في نشر منظومات صواريخ مضادة للدروع من طراز "سبايك" اشتراها من إسرائيل في جزر شرق بحر إيجة ومنطقة مريج على الحدود مع تركيا، بينما أوعز نتنياهو -بحسب رون بن يشاي في يديعوت أحرونوت- إلى قيادة جيشه بالتخطيط لنشر قوة تدخل مشتركة بين إسرائيل واليونان وإدارة جنوب قبرص اليونانية تتكون من 2500 جندي بذريعة حماية البنى التحتية الحيوية في شرق البحر المتوسط، وهو خبر عززته تسريبات إعلامية يونانية في السياق ذاته.

اقتصادياً، يندرج تعميق التعاون الثلاثي ضمن مسعى لإعادة تنظيم مسارات الطاقة في شرق المتوسط، بما يقلّص الاعتماد على الممرات التي تمر عبر الأراضي أو المياه التركية. كما أن ربط الأمن البحري بالبنية التحتية للطاقة يحوّل حماية خطوط الربط الكهربائي ومشاريع الغاز إلى مبررات لتعزيز تنسيق العسكري.

خيارات أنقرة

 في المقابل، يُتوقّع أن تتعامل أنقرة مع مسار التعاون الإسرائيلي-اليوناني-القبرصي عبر توسيع نطاق أدوات الردع التي تمتلكها، وذلك من خلال تعزيز حضورها العسكري في جمهورية شمال قبرص التركية، وتكثيف الدوريات البحرية والجوية في شرق المتوسط، إلى جانب مواصلة تطوير منظومات الردع البحري والجوي التي راكمتها خلال السنوات الأخيرة.

 وسيترافق ذلك مع تحرّك دبلوماسي يهدف إلى تعزيز حضورها الإقليمي، عبر تعميق التنسيق مع مصر ودول الخليج، كما ستحظى الساحة الليبية بأهمية في هذا المسار، عبر تعزيز العلاقات مع حكومة طرابلس، وتطوير الانفتاح على شرق ليبيا، بما يوسّع العمق البحري والسياسي التركي في جنوب المتوسط. 

وكذلك يُرجح أن تشدد تركيا على حقوقها البحرية، وتعمل على توسيع شبكة شراكاتها مع الدول الأوروبية وفي مقدمتها إيطاليا وبريطانيا وإسبانيا، كما ستُفعل أوراقها داخل الناتو بما يحدّ من محاولات تطويقها أو عزلها عن البحر الأبيض المتوسط.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كتّابها، ولا تعبِّر بالضرورة عن TRT عربي.

مصدر:TRT Arabi
اكتشف
الاستبدال أول يناير.. حاكم المصرف المركزي بسوريا يعلن إطلاق العملة الجديدة
منخفض جوي يودي بحياة فلسطينية ويغرق خيام النازحين في غزة
نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة لبحث اتفاق غزة وضربة محتملة لإيران
عقب التهديد بالعقوبات.. بريطانيا تعلن موافقة أنجولا وناميبيا على إعادة المهاجرين
جيش الاحتلال يفرض حظراً على بلدة قباطية وسط اعتداءات في مناطق أخرى بالضفة
بوتين يتحدث عن سيطرة روسيا على مدينتين في أوكرانيا وزيلينسكي يؤكد أولوية وقف الحرب
الرياح والأمطار تقتلع وتغرق خيام نازحين في غزة تزامناً مع تواصل الخروقات الإسرائيلية
رئيس إيران يؤكد أن بلاده في حالة حرب شاملة مع أمريكا وإسرائيل وأوروبا
منظمة التعاون الإسلامي ودول عربية وإسلامية ترفض اعتراف الاحتلال الإسرائيلي بإقليم "أرض الصومال"
زلزال بقوة 7 درجات يضرب شمال شرقي تايوان
الدبيبة: التحقيق في تحطم طائرة الوفد العسكري الليبي بأنقرة يجري بجدية كاملة بالتعاون مع تركيا
انطلاق قمة الطلبة الدوليين "ISTSUM 25" في إسطنبول لبحث تأثيرات التحول الرقمي
الصومال يطلب اجتماعاً للجامعة العربية وإدانات لاعتراف الاحتلال الإسرائيلي بإقليم "أرض الصومال"
وصول جثامين ضحايا الطائرة المنكوبة إلى طرابلس وإقامة حفل تأبين رسمي
قصف إسرائيلي واسع على غزة.. وتحذيرات من كارثة صحية وبيئية شمالاً