PKK الإرهابي وهجمات المسيرات الانتحارية.. دعم استخباراتي خارجي؟ (TRT HABER)
تابعنا

في الفترة الماضية ازدادت وتيرة هجمات تنظيم PKK الإرهابي التي تحاول إصابة أهداف عسكرية ومدنية داخل الأراضي التركية، من خلال استخدام طائرات بلا طيار تحمل قنابل ومتفجرات، وهي التقنية التي لم يكن يملكها التنظيم حتى فترة قريبة، الأمر الذي دفع المحللين العسكريين إلى الحديث عن دعم استخباراتي أجنبي للتنظيم.

وخلال السنوات الأخيرة نجحت تركيا في الحد من قدرة تنظيم PKK الإرهابي بشكل شبة كامل، وحيدت القوات التركية من خلال عملياتها العسكرية المكثفة داخل وخارج حدود البلاد عدداً كبيراً من قيادات التنظيم ومقاتليه. وذهبت عمليات التنظيم الإرهابي التي تستهدف عناصر الأمن والجيش التركي أدراج الرياح.

وانتقلت الحرب ضد الإرهاب إلى نقطة مختلفة تماماً، لا سيما مع بدء حصد ثمار الصناعات الدفاعية الوطنية محلية الصنع، فضلاً عن استخدام الطائرات المسيَّرة الحديثة والمتطورة في مراقبة وتدمير خلايا التنظيم وشل قدرته، الأمر الذي أدى إلى انسحاب مقاتليه من الأراضي التركية، واضطرّهم إلى الاختباء في المغارات والكهوف شمال العراق.

أسلوب جديد لـPPK الإرهابي

تشهد الفترة الأخيرة محاولات مختلفة من التنظيم الإرهابي للتغيير في بنيته، واستخدامه وسائل وأساليب هجومية جديدة، بهدف العودة إلى ساحة العمليات الإرهابية التي انقطع عنها لفترة طويلة. ففي هجمات 19 مايو/أيار الماضي على وجه الخصوص، رأينا مرة أخرى محاولة التنظيم الذي فقد قدرته بشكل شبة كامل، يبحث عن باب عودة لأعماله الإرهابية من خلال استهداف مواقع ونقاط استراتيجية تركية بطائرات ومسيَّرات مفخخة.

وتقودنا الأعمال الإرهابية الأخيرة للتنظيم، التي يصفها الخبراء بـ"الرغبة في إعطاء ردّ غير متكافئ"، إلى سؤالين أساسيين: الأول، كيف تَمكَّن التنظيم الإرهابي الذي لا يعرف غير أسلوب الهجوم المسلح، الذي ولفترة قريبة لم يكن بإمكانه توصيل الكابلات توصيلاً صحيحاً، من حيازة هذه التقنية المعقدة؟ والثاني، ما فاعلية منظومة الدفاع التركي لصد مثل هذه الهجمات؟

مرحلة التعلم

حسب تصريحات محلّل السياسة الدفاعية توران أوغز لموقع TRT خبر (TRT HABER)، فإن تنظيم PKK الإرهابي تعلم بالفعل هذه التقنية بعد تعرضه لهجمات طائرات مفخخة من تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق، فبعد أن ألحقت هجمات داعش الإرهابي خسائر وخيمة بصفوف تنظيم PKK الإرهابي جراء استخدام هذه التقنية، قرّر التنظيم وقتها التركيز على تعلُّم أسرار هذا التكتيك.

ومنذ ذلك الحين أخذ PKK الإرهابي هذا النهج على محمل الجد، وحاول التعلم واكتساب المهارة اللازمة لتصنيع واستخدم هذه التقنية، إذ قضى التنظيم الإرهابي الفترة بين عامي 2015 و2017 كـ"فترة تعلُّم"، وبدأ عام 2017 شنّ هجمات باستخدام هذه التقنية، بطريقة قد تبدو غير اعتيادية له.

ووفقاً لأوغز، بعد الحرب التي دارت بين PKK/YPG الإرهابي من جهة وداعش الأرهابي من الجهة الأخرى، لعب سجناء داعش دوراً مهماً في نقل معلومات هذه التقنية إلى التنظيم الإرهابي، إذ بدأ التنظيم تجنيد الأشخاص ذوي الخبرة من داعش، مقابل منحهم مزايا مختلفة.

استخبارات أجنبية تعمل في الخفاء

ذكر أوغز تفاصيل أخرى مهمة في تصريحاته، إذ حذّر من أنه لا يمكن نقل مثل هذه التكنولوجيا من خلال داعش وحده، وأشار إلى أن وكالات استخباراتية لدول أجنبية تلعب دوراً رئيسياً في نقل هذه التقنية للتنظيمات الإرهابية المعادية لتركيا، من خلال توفير الموادّ والتدريب للإرهابيين.

وأشار أوغز إلى أن فتيل الهجمات التي تستهدف تركيا اليوم باستخدام هذه التقنية كان قد أُشعلَ وقت هجوم 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، عندما استُخدمَت نماذج طائرات يُتحكّم فيها من بُعد في ذلك الهجوم، وصدّتها القوات التركية من خلال إسقاط طائرتين في حقل فارغ، وضمان هبوط طائرة أخرى بعد قطع إشارة الإرسال عنها.

وكشفت الهجمات الأخيرة التي حاولت استهداف قاعدة الطائرات الحربية في ديار بكر يوم 19 مايو/أيار الماضي، وقاعدة الطائرات المسيّرة في مدينة باتمان بعدها بيومين، بالإضافة إلى استهداف مقر قيادة فرقة المشاة 23 في مدينة شرناق، أن التنظيم انتقل بهذه التقنية إلى مستوى أعلى جراء الدعم الخارجي الذي تلقاه من دول أجنبية.

وتعتمد الطائرات المفخخة التي استعملها الإرهابيون في الهجمات الأخيرة على أنظمة خاصة بالحرب الإلكترونية، وهي أنظمة عسكرية لا تكاد تكون مفتوحة للاستخدام المدني، في إشارة إلى أن وكالات الاستخبارات الأجنبية هي التي تدعم التنظيم بهذا النوع من التقنية.

ويشير أوغز إلى أن التنظيم الإرهابي يمتلك مئات من نماذج الطائرات بلا طيار ذات قدرات مختلفة، وأوضح أن غالبية الطائرات المستخدمة في الهجوم قد جاءت من الخارج، وقال: "كل هذه المنصات التي وُزّعَت على الإرهابيين تتجمع في شمال العراق، ومن هناك تُرسَل إلى نقاط التدريب حيث تكتمل عملية تحويلها إلى طائرة مفخخة صالحة للاستخدام في الهجمات الإرهابية".

مواجهة مسيَّرات الإرهابيين

حسب الخبراء، يمكن منع هجمات الطائرات بلا طيار باتباع بعض الخطوات المهمة: أولاً، تحتاج إلى اكتشاف مسيّرة العدو القادمة من خلال استخدام أجهزة الرادار للكشف بدقة عن الهدف. في الخطوة الثانية تُتعقَّب المسيّرة عبر نظام كهربائي بصري، وأخيراً بعد اكتشاف ومراقبة المسيّرة تُدمَّر إما مادياً من خلال إصابتها وتفجيرها، وإما وظيفياً من خلال تعطيل التردد والسيطرة عليها.

وحتى الآن نجحت تركيا في وقف وصدّ هذا النوع من الهجمات بشكل جيد، وتعمل بشكل مكثف لتطوير أنظمة دفاعية متطورة لصد هذه الهجمات، إذ طوّرَت شركة Roketsan التركية للصناعات الدفاعية نظام محمول يسمى ALKA سيدخل المخزون هذا العام، وفي هذا النظام يحدّد الرادار الهدف، ويتتبعه النظام بكاميرا، ثم يُحجَب الهدف وظيفياً أولاً، وإذا لم يكن ذلك كافياً يُحرَق الهدف ويُدمَّر بمدفع ليزر 2.5 كيلووات.

وتعمل شركة Aselsan التركية على تطوير نظام قاذف قنابل آلي قطر 40 ملم، كما تُطوَّر تقنيات دفاعية أخرى أكثر كفاءة وأقلّ تكلفة، والمتابع لخطّ سير الصناعات الدفاعية التركية يرى بوضوح التقدم الكبير الذي أحرزته تركيا في هذا النوع من الصناعات.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً