النشطاء والصحفيون في مصر يتعرضون لموجة من هجمات التصيّد الإلكتروني بحسب "أمنستي" (Getty Images)
تابعنا

ما المهم: تتواصل الانتقادات الدولية لملف حقوق الإنسان والحريات في مصر، حيث كشفت منظمة العفو الدولية، الأربعاء، أن عشرات الحقوقيين المصريين يتعرضون لحملة تخويف كجزء من حملة مستمرة لإسكات المنتقدين، عبر هجمات إلكترونية متصاعدة ضدهم منذ بداية العام.

وأظهر تحقيق للمنظمة أن عشرات من المدافعين عن حقوق الإنسان المصريين استُهدفوا في هجمات إلكترونية منذ بداية العام الجاري. يأتي ذلك في وقت تشير فيه منظمات حقوقية دولية إلى تردّي أوضاع حقوق الإنسان والحريات الفردية والإعلامية في البلاد.

المشهد: كشف تحقيق جديد لمنظمة العفو الدولية عن "موجة جديدة من الهجمات الإلكترونية يرجح أن تكون مدعومة من هيئات حكومية، بدءاً من يناير/كانون الثاني 2019، وتتضمن محاولات متعددة لاختراق حسابات البريد الإلكتروني لعدة مدافعين مصريين حقوقيين بارزين، وموظفين لدى منظمات إعلامية، ومنظمات للمجتمع المدني".

وبسبب هوية الجهات المستهدفة التي تمكنت المنظمة من تحديدها، وتوقيت الهجمات والتنبيهات التي بعثت بها غوغل، فقد خلصت المنظمة إلى أن السلطات المصرية هي التي قامت بهذه الهجمات، أو أنها تقف وراءها.

حلل فريق المنظمة عشرات الرسائل الإلكترونية المشبوهة التي تم إرسالها إلى المدافعين عن حقوق الإنسان، وُوجد أن المهاجمين استخدموا تقنية للتصيد، تعتمد على إساءة استخدام خدمة OAuth للوصول إلى الحسابات الخاصة

منظمة العفو الدولية

واعتبرت المنظمة أن الدعم الدولي لملف حقوق الإنسان في مصر، يساهم في إطلاق سراح المعتقلين، كما حصل مع المصور محمود أبو زيد المعروف باسم "شوكان"، الذي أفرج عنه الأمن المصري بعد مرور خمس سنوات على اعتقاله، بسبب تغطيته لأحداث فض اعتصام رابعة في 14 أغسطس/آب 2013، حيث تم اتهامه بـ24 جريمة من بينها القتل.

وساهم تصدر قضية شوكان عناوين الصحف العالمية في إطلاق سراحه، على حد تعبير المنظمة الدولية.

بفضل دعمكم المستمر، وبعد أكثر من 5 سنوات من الاعتقال التعسفي في #مصر ، #شوكان حرّ أخيرًا. #الصحافة_ليست_جريمة

Posted by ‎منظمة العفو الدولية‎ on Tuesday, 5 March 2019

وتركزت الهجمات الإلكترونية، حسب بيان منظمة العفو، على إثر الذكرى الثامنة لثورة 25 يناير/كانون الثاني، والزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى القاهرة أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، وأثار خلالها مسألة حقوق الإنسان في مصر.

وكشفت منظمة مراسلون بلا حدود النقاب عن نتائج تحقيق أُجري حول ملكية وسائل الإعلام في مصر، تحت عنوان "وسائل الإعلام تحت سيطرة شبه كاملة" حيث أصبحت أغلب المنابر الإعلامية تحت سيطرة النظام الحاكم، إذ باتت خاضعة مباشرة لسلطة الدولة أو أجهزة المخابرات أو في ملكية أثرياء مقربين من الحكومة، بعد مضي ثماني سنوات على اندلاع الثورة المصرية.

وحذرت المنظمة، في أغسطس/آب 2018، من قانون مصري لمكافحة الجرائم الإلكترونية، قالت إنه يشرعن ممارسة الحظر والرقابة، وذلك بعد حجب القاهرة عشرات المواقع الإخبارية في الأشهر الماضية، بدعوى تحريضها على العنف والإرهاب.

غير أن تصريحات حكومية قالت إن القانون يتولى تنظيم البيانات الشخصية للمواطنين في بعض مراكز الخدمات الإلكترونية، ويستهدف تأمين الحسابات والمعلومات الشخصية، كالحساب المصرفي والبطاقات الائتمانية، بشكل يضمن حقوق المواطنين، ويحافظ على خصوصيتهم.

وعادة ما ترد القاهرة على تقارير المنظمات الحقوقية المحلية والدولية التي تنتقد تضييق الحريات، بالتشكيك والرفض والتأكيد على احترام كافة الحقوق والحريات.

ردود الأفعال: أصدر المرصد العربي لحرية الإعلام تقريره السنوي لانتهاكات حرية الصحافة والإعلام في مصر عن عام 2018، تحت عنوان شرعنة القمع، حيث كشف وجود 41 انتهاكاً واستمرار حجب 509 مواقع إلكترونية واعتقال 89 صحفياً وإبقاء 18 آخرين تحت المراقبة والتدابير الاحترازية، بينهم 5 صحفيات تلقين تهديدات بالقتل، فيما تم حرق وتدمير منزلين آخرين لصحفيين وإدراج 37 بقوائم الإرهاب.

وشهد شهر فبراير/شباط 2019، 37 انتهاكاً تصدرتها انتهاكات الحبس والاحتجاز بعدد 9 انتهاكات، بحسب تقرير المرصد العربي لحرية الإعلام، فيما سجل شهر يناير/كانون الثاني 2019 تصاعداً في الانتهاكات، بحسب تقرير المرصد ذاته؛ حيث بلغت 46 انتهاكاً، بينها الحكم على 7 إعلاميين بالحبس بين 5 و15 عاماً، ليصل عدد الصحفيين المعتقلين إلى 91 صحفياً.

وفي آخر التطورات، اختفى اثنان من أشقاء الإعلامي المصري معتز مطر وزوجتاهما وأربعة من أبنائهما في القاهرة، بالتزامن مع تصاعد حملة أطلقها لمعارضة النظام المصري بعنوان "#اطمن_انت_مش_لوحدك".

وقال مطر الذي يقيم في مدينة إسطنبول، عبر تغريدة نشرها على حسابه في تويتر، إن أقاربه الثمانية اختفوا بعد خروجهم من النادي الأهلي في مدينة نصر بالقاهرة.

من جهتها، أدانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا قيام السلطات المصرية باعتقال تسعة أفراد من عائلة مطر، وتعريضهم للاختفاء القسري حتى اللحظة، "معتبرة هذا التصرف أحد صور إرهاب الدولة، ونوعاً من أنواع العقاب الجماعي للمعارضين، وأحد أبرز الأدلة على انهيار منظومة العدالة المصرية".

ما التالي: قال مسؤول التكتيكات التقنية في فريق قسم التكنولوجيا وحقوق الإنسان في منظمة العفو الدولية رامي رؤوف إن "هذه الهجمات الإلكترونية جزء من حملة مستمرة لترهيب منتقدي الحكومة المصرية، وإسكات أصواتهم".

وأضاف رؤوف "على مدار العام الماضي، واجه المدافعون عن حقوق الإنسان المصريون اعتداء غير مسبوق من قبل السلطات، كما أنهم يواجهون خطر الاعتقال والسجن كلما رفعوا صوتهم ضد الحكومة، وهذه المحاولات المخيفة لاستهدافهم على الإنترنت تشكل تهديداً آخر لعملهم الحيوي".

وأوضح أن "الحملة تستفحل يوماً بعد يوم، وهناك مؤشرات قوية على أن السلطات المصرية وراء هذه الهجمات"، داعياً إياها إلى "وقف هجومها المتواصل على المدافعين عن حقوق الإنسان، واحترام حقوق الخصوصية، وحرية التعبير وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها".

TRT عربي
الأكثر تداولاً