العالم
8 دقيقة قراءة
حجز جماعي وقمع وأمراض.. مهاجرون فروا من أزمات بلادهم إلى المعاناة ببريطانيا
تسعى الحكومة البريطانية جاهدة لتنفيذ خطتها بنقل طالبي اللجوء إلى سفينة "بيبي ستوكهولم"، في إطار توجهها لإبعاد هؤلاء عن أراضيها. فيما تعد قضية العوامة آخر فصل في المسار الطويل لقمع اللاجئين، الذي تنهجه حكومة المملكة.
حجز جماعي وقمع وأمراض.. مهاجرون فروا من أزمات بلادهم إلى المعاناة ببريطانيا
البارجة "بيبي ستوكهولم" لإيواء اللاجئين / صورة: Reuters / Reuters
16 أغسطس 2023

في آخر مستجدات سياسات قمعها للاجئين والمهاجرين غير النظاميين، قررت الحكومة البريطانية ترحيلهم قسرياً إلى البارجة "بيبي ستوكهولم"، الراسية قرب سواحل المملكة. في خطوة أثارت جدلاً دولياً واسعاً، وانتقادات كثيرة مما اعتبر عنصرية ممنهجة تستهدف هذه الفئة التي فرت أصلاً من المعاناة في بلدانها الأم.

وتكشف قضية البارجة المأساة التي يعيشها اللاجئون والمهاجرون في بريطانيا، والتي تتراوح بين القمع والملاحقات، وخطط الترحيل القسري، والاحتجاز في مراكز تفتقد أبسط ظروف المعيشة الإنسانية، حيث تنتشر الأوبئة والأمراض بشكل واسع.

يوم في جحيم "بيبي ستوكهولم"

في أبريل/نيسان الماضي، أعلنت الحكومة البريطانية تدشين أول سفينة لإيواء طالبي اللجوء، "بيبي ستوكهولم"، التي تعد آخر صيحة في خطط حكومة رئيس الوزراء ريشي سوناك لخفض أعداد المهاجرين غير النظاميين عبر القناة الإنجليزية. بعد أن أُحبطت خطة ترحيلهم إلى روندا، إثر تدخل القضاء لمنعها.

وتبلغ القدرة الاستيعابية لبارجة اللاجئين، حسب الداخلية البريطانية، نحو 500 مهاجر. وتسعى الحكومة البريطانية بهذه الخطة لإبعاد هؤلاء اللاجئين والمهاجرين عن أراضيها، وتقليل تكلفة إيوائهم مقارنة بالفنادق التي حولتها إلى مراكز احتجاز.

وتعهدت الداخلية البريطانية ببناء سفن أخرى مماثلة، في خطة أساسها المنطقي الرئيسي هو ردع المهاجرين الآخرين عن عبور القناة في المقام الأول، بدلاً من تسريع معالجة طلبات اللجوء المتراكمة.

وشرعت السلطات البريطانية في ملء "بيبي ستوكهولم" مطلع شهر أغسطس/آب الجاري. قبل إخلائها مجدداً الجمعة بعد أن "كشفت العينات البيئية المأخوذة من نظام مياه البارجة عن وجود بكتيريا الليجيونيلا"، حسبما صرح به الناطق باسم الداخلية البريطانية.

ووفق موقع "مايو كلينك" الطبي، فإن استنشاق بكتيريا "الليجيونيلا" الموجودة بالماء أو التربة، يصيب بداء الفيالقة الذي يعد "من أشد أشكال التهاب الرئة". ويؤثر بشكل واضح على كبار السن والمدخنين والأشخاص ذوي المناعة الضعيفة.

ووصف أحد المهاجرين الذين جرى إجلاؤهم الحياة داخل السفينة بأنها "أشبه بسجن ألكاتراز" الأمريكي سيء السمعة. وقال المهاجر في تصريحاته لـ"بي بي سي": "غرفنا ضيقة جداً، والخزانة لا يمكنها أن تتسع لملابس شخص واحد (...) إنها مثل السجن، وأصوات الأقفال والأبواب مرعبة".

وأضاف: "رفيقي في الغرفة أصابته نوبة هلع في الليل، شعر وكأنه يغرق (...) وبيننا أشخاص أعطاهم الطبيب أدوية قوية مضادة للاكتئاب الذي أصيبوا به هنا".

وفي حديثه إلى "سكاي نيوز"، قال أحد المهاجرين آخر من الذين نُقلوا من البارجة، إنه قلق من الإصابة بالمرض بعد تناول المياه على متن السفينة. وأضاف: "كان يجب أن يكونوا على يقين من أنها صالحة للسكن. فلماذا لا تنتظر النتيجة ونتأكد من أن كل شيء على ما يرام؟ نعامل وكأننا أقل من الحيوانات. إنهم يعرضوننا للخطر".

قوانين تمييزية وانتقادات دولية

وفي 18يوليو/تموز الماضي، أقر البرلمان البريطاني مشروع قانون مثيراً للجدل بشأن الهجرة، بموجبه يمنع خصوصاً المهاجرين الذين وصلوا إلى المملكة المتّحدة بشكل غير قانوني، عبر قناة المانش، طلب اللجوء في هذا البلد.

ويأتي هذا القانون، بالتوازي مع عمليات الاحتجاز التي تطول المهاجرين غير النظاميين، وسعي الحكومة ترحيلهم بأسرع ما يمكن، إمّا إلى بلدانهم الأصلية وإما إلى بلد ثالث مثل رواندا، أياً كان البلد الذي أتوا منه. وعلى هذا الأساس، جرى الاتفاق مع رواندا العام الماضي لهذا الغرض، قبل أن يعرقل القضاء قرارات الترحيل.

وكشفت السلطات البريطانية، في شهر يونيو/تموز، أنه بموجب هذا القانون سيجري تزويد اللاجئين بأساور لتتبع تحركات عبر تقنية الـ GPS. وهو ما بررته الداخلية البريطانية، بكون هذه التقنية ستساعد في الابقاء على قنوات الاتصال مع طالبي اللجوء وكذلك في النظر في طلباتهم بشكل أكثر فعالية، كما ستجمع معلومات عن عدد الفارين.

وأثارت هذه الإجراءات انتقادات محلية ودولية واسعة. وكان رئيس أساقفة كانتربري جاستين ويلبي، وهو الزعيم الروحي للكنيسة الأنغليكانية وعضو أيضاً في مجلس اللوردات، من أشد المعارضين لهذا القانون. وقال الأسقف خلال المناقشات في مجلس اللوردات "لست أرى كيف سيسمح هذا النص بوقف قوارب المهاجرين". وأضاف: "لم أسمع أي شيء أقنعني".

ومن جانبها حذرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، من "التأثير العميق في حقوق الإنسان ونظام الحماية الدولية للاجئين" لمشروع القانون البريطاني.

وقال المفوض السامي المعني بالحماية في المفوضية السامية لحقوق اللاجئين فولكر تورك إن: "إجراء عمليات الإبعاد في ظل هذه الظروف يتعارض مع حظر الإعادة القسرية والطرد الجماعي، والحق في الإجراءات القانونية الواجبة، والحياة الأسرية والخاصة، ومبدأ المصالح الفضلى للأطفال المعنيين".

أمراض فتاكة في مراكز الاحتجاز

شهدت مراكز إيواء طالبي اللجوء في بريطانيا، أواخر عام 2022، انتشاراً واسعة لعدوى مرض الدفتيريا المميت بين صفوف المحتجزين داخل تلك المراكز. فيما يرجع مختصون هذا التفشي إلى ضعف الرعاية الصحية هناك، خصوصاً الأطفال والنساء، وانعدام النظافة الشخصية لهذه الفئات الهشة.

ويكشف تقرير لوزارة الصحة البريطانية، أن حالات الإصابة بالدفتيريا شهد ارتفاعاً خلال الشهور الأخيرة من عام 2022. ذلك بعد تسجيل أول حالة مؤكدة في فبراير/شباط من ذات العام، ارتفعت الحالات إلى 50 بحدود نوفمبر/تشرين الثاني.

فيما أغلب الحالات الإصابة بالدفتيريا التي جرى تأكيدها في بريطانيا، كانت في المنطقة الجنوبية الشرقية من المملكة، تزامناً مع توافد مراكب طالبي اللجوء إلى سواحلها قادمين من الشمال الفرنسي.

وقال التقرير: "شهدت المملكة المتحدة زيادة حادة في حالات الخناق الناجمة عن الوتدية الخناقية السامة (الدفتيرية) في العام الماضي، وكان هذا مرتبطاً بزيادة عدد المهاجرين الوافدين عن طريق القوارب الصغيرة في صيف عام 2022".

وأوردت التقرير أن معظم المرضى، بنسبة 97%، هم من الذكور الأفغان الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً ولديهم "سجل تطعيم غير معروف". كما أن نحو 51% من المصابين يعانون من مشكلات جلدية ناتجة عن هذا المرض، والتي يمكن أن تشمل بثوراً على الساقَين والقدمَين واليدَين وتقرحات كبيرة.

بالمقابل، دعا التقرير السلطات البريطانية إلى زيادة الوعي بأعراض الدفتيريا بين مسؤولي الحدود والأطباء الذين يهتمون بالمهاجرين وطالبي اللجوء، وتنفيذ "بروتوكولات التطعيم الشاملة" و "الفحص الدوري للمعرضين لخطر الإصابة".

ووصفمجلس اللاجئين البريطاني مراكز الاحتجاز جنوب البلاد بأنها "مروعة"، مشيراً إلى أن "الإقامة المطولة والمؤلمة في هذه المراكز تضر بشكل متزايد صحة هؤلاء اللاجئين". كما سبق حذرت الجمعية الطبية البريطانية من وجود "مجموعة متزايدة من الأدلة" على تأثير ظروف السكن غير الملائمة على اللاجئين.

واتهمت افتتاحية لصحيفة "الإندبندنت"، بتاريخ الـ 10ديسمبر/كانون الأول 2022، وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان وحكومة ريشي سوناك، بأنها تراهن على "إمكانية إفلاتها من مثل هذه المعاملة المروعة للأشخاص الضعفاء (اللاجئين)، لأنها تعلم أن الرأي العام غير متعاطف مع الوافدين الجدد، خصوصاً من يعبر القناة في قوارب صغيرة".

وحسب أرقام الداخلية البريطانية، فإن نحو 37 ألف شخص يقيمون في هذه المراكز، 10300منهم أقاموا هناك لثلاث سنوات في انتظار معالجة طلبات لجوئهم. ويجري تأخير الزيارات الطبية لهؤلاء اللاجئين بشكل ممنهج، وضعف البدل الممنوح لهم لا يغطي تكاليف أي علاج، بالإضافة لانعدام مرافق الصحة ووسائل النظافة الشخصية في أوساط هؤلاء اللاجئين.

مصدر:TRT عربي
اكتشف
"تعود إلى الفترة البيزنطية".. فلسطين تتهم جيش الاحتلال بسرقة أعمدة أثرية من رام الله
عون: مفاوضات وقف إطلاق النار مع إسرائيل تهدف لوقف اعتداءاتها واستعادة الأسرى
عون يطالب مجلس الأمن بدعم الجيش اللبناني والضغط على إسرائيل لوقف خروقاتها
وزير الخارجية التركي يشارك في منتدى الدوحة 23
الأمن التركي يلقي القبض على 233 شخصاً يشتبه في ارتباطهم بـ"داعش" الإرهابي
تصعيد إسرائيلي مكثّف يستهدف شرقي غزة وخان يونس ورفح في خرق متواصل لوقف إطلاق النار
إعلام أيرلندي: استنفار أمني بعد ظهور خمس مسيّرات قرب طائرة الرئيس الأوكراني
الولايات المتحدة تخفض فترة تصاريح عمل المهاجرين من 5 سنوات إلى 18 شهراً
ارتفاع حصيلة الفيضانات في آسيا إلى أكثر من 1500 قتيل وتحذيرات من أمطار جديدة
الجيش الأمريكي يعلن مقتل 4 في ضربة جديدة لقارب مشتبه بتهريب المخدرات شرقي "الهادئ"
قائد قوات الناتو في أوروبا: تركيا حليف بالغ الأهمية وقواتها عالية الكفاءة
عون: الجلسة الأولى مع إسرائيل مهّدت لمفاوضات جديدة في 19 ديسمبر.. ولغة التفاوض أولى من الحرب
اعتراض شديد اللهجة.. TRT تندد بمشاركة إسرائيل في "يوروفيجن" في اجتماع الاتحاد الأوروبي للبث
كييف تنفي سيطرة روسيا على بلدات أوكرانية وبوتين: الحرب ستنتهي عند تحقيق أهدافنا
تل أبيب تجري محادثات بالقاهرة بشأن رفات آخر أسير وإعلام أمريكي: ترمب يعتزم الإعلان عن "مجلس السلام"