وفي مقابلة مع وكالة الأناضول، ناقش بيتي الجرائم المرتكبة خلال فترة حكم النظام السوري المنهار وجهود المحاسبة بعد انهيار هذا النظام، مشيراً إلى أن سوريا تمر بمرحلة انتقالية، وأن "مسؤولي الحكومة المؤقتة يعملون بجد لفرض سيادة الدولة".
وشدد بيتي على أن تحرك المجتمع الدولي لدعم الاستقرار في سوريا أمر بالغ الأهمية، لضمان عدم فشل هذه التجربة، ولإرساء أسس العدالة ومعالجة الانتهاكات التي شهدتها البلاد خلال السنوات الخمس عشرة الماضية.
ورغم التحديات، أعرب بيتي عن تفاؤله، لكنه شدد على أن الوضع الإنساني لا يزال في غاية الخطورة.
والآلية الدولية المحايدة والمستقلة منظمة أنشأتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول 2016، وهي مكلَّفة بالمساعدة على التحقيق وملاحقة الأفراد المسؤولين عن ارتكاب أخطر الجرائم الدولية في سوريا منذ مارس/آذار 2011، بما في ذلك جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.
جمع الأدلة وسط تحديات
أوضح بيتي أن الآلية الدولية زارت سوريا في 21 ديسمبر/كانون الأول 2024، حيث تمكنت من الوصول إلى مجموعة كبيرة من الوثائق رغم محاولات تدميرها. وأشار إلى أن النظام المنهار استخدم جميع أجهزته الأمنية لارتكاب فظائع موثَّقة، ما يستدعي الحذر للحفاظ على الأدلة.
وأوضح أنه "لأسباب مختلفة خارجة عن السيطرة، تمكّن عديد من الأشخاص من الوصول إلى الأماكن التي تحتوي على أدلة، ما تسبب في فقدان عديد منها. بالإضافة إلى ذلك، دمّر أنصار النظام السابق ما بحوزتهم من الأدلة قبل مغادرتهم".
وتابع أنه “على الرغم من ضياع بعض الأدلة بسبب الفوضى عقب انهيار النظام، فإن كميات كبيرة من المعلومات لا تزال محفوظة، ونأمل في تأمينها”.
ولفت بيتي إلى أن الآلية تنتظر موافقة السلطات المؤقتة في دمشق على استكمال عملها، معتبراً أن نجاح المحاسبة مرتبط بحماية مواقع الأدلة.
جرائم ممنهجة تستوجب تحقيق العدالة
وقال إن الآلية وثَّقت أكثر من 100 مركز احتجاز غير قانوني، حيث تعرض المعتقلون للتعذيب لسنوات، مؤكداً أن محاكمة "المهندسين الرئيسيين" لهذه الجرائم ضرورية لضمان العدالة والكشف عن الحقيقة.
ووصف بيتي الجرائم المرتكبة خلال حكم النظام المنهار بأنها "ممنهجة وفريدة"، مستشهداً باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين، والانتهاكات المروعة داخل السجون.
وأضاف: "خلال سنوات حكم الأسد، لم يحاسَب مرتكبو هذه الجرائم قانونياً. لم تكن هناك عدالة في سوريا لمحاسبة مَن ارتكبوها. كان هناك إفلات تام من العقاب".
وأكد بيتي أن المحاسبة يجب أن تكون جزءاً من مسار العدالة الانتقالية، مشدداً على أن "السوريين وحدهم هم مَن يقررون كيفية محاكمة الجناة، سواء عبر المحاكم المحلية أو الدولية".
وأوضح أن الآلية أعدت تقريراً، قبل انهيار النظام بيومين، يوثق هذه الجرائم، مشيراً إلى أن زيارته سوريا بعد الأحداث أظهرت مشاعر مختلطة بين الأمل والخوف لدى المواطنين.
وختم بيتي حديثه بتأكيد أن دعم المجتمع الدولي لجهود المحاسبة والعدالة بقيادة السوريين هو السبيل الوحيد لبناء مستقبل أكثر استقراراً للبلاد.
وفي 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، سيطرت الفصائل السورية على العاصمة دمشق، منهيةً عقوداً من حكم حزب البعث و53 عاماً من سيطرة أسرة الأسد. وخلال الأيام الأولى، شهدت البلاد حالة من الفوضى، إذ اقتحم مواطنون مؤسسات رسمية ومعتقلات، ما أدى إلى تدمير أو سرقة أدلة تُدين النظام، قبل أن تستعيد السلطات الجديدة السيطرة على الأوضاع.



















