الرئيس التركي ووزير الصحة خلال زيارة لمستشفى شرع ببنائه مؤخراً في منطقة سنجاق تبه بإسطنبول (AA)
تابعنا

شهدت تركيا نجاحات عدة خلال مكافحتها فيروس كورونا المستجد، بخاصة التفوق في المجال الطبي الذي وضعها في مصافّ الدول المتقدمة طبياً.

وفتحت تلك النجاحات التي حققتها تركيا في مجال مكافحة وباء كورونا، الطريق أمام زيادة الإقبال على السياحة العلاجية في البلاد، لتعود الأخيرة إلى دائرتها النشطة، بعد أن أوعزت وزارة الصحة بتخفيف القيود الخاصة بها، واستقبال المرضى من دول العالم كافة.

وأصدرت وزارة الصحة التركية تعميماً تُرفَع بموجبه القيود الخاصة باستقبال المرضى القادمين من 31 دولة، كانت تركيا فرضت قيوداً على سفرهم إليها، ليصبح بمقدور جميع المرضى القدوم لتلقي الرعاية الصحية.

وتحتلّ السياحة العلاجية في تركيا مكانة جذب عالية حول العالم، إذ يزور ملايين السياح البلاد سنوياً، لتلقي الخدمات العلاجية والاستشفائية، من طبيعية كالينابيع، ومراكز الصحية المتخصصة والمجهزة بأحدث الأجهزة.

وتُعَدّ السياحة العلاجية واحداً من عدة منتجات سياحية تشتهر بها تركيا، إلى جانب السياحة الترفيهية، وسياحة المغامرات، والسياحة الدينية، والسياحة الثقافية، وسياحة المؤتمرات، كما تُعتبر أحد أهم أعمدة الاقتصاد التركي، ومصدراً رئيسياً للدخل القومي، الذي اعتمد بشكل كبير على ازدهارها وما تدره من العملة النقدية الصعبة.

تركيا تقع على حزام من الطاقة الحرارية الأرضية، مما يجعلها في المرتبة السابعة عالمياً والأولى أوروبياً من حيث ثراء موارد المياه الحرارية، وتضمّ في 41 ولاية 1500 منشأة قادرة على تقديم العلاج عبر المياه الحرارية

رئيس جمعية تستود للسياحة العلاجية في تركيا - ياووز يليق

وتشهد تركيا نقلة نوعية في السياحة العلاجية، وهو ما أكده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي أشار إلى أن المعطيات تُظهِر أن بلاده "ستكون لها أفضلية في الاقتصاد العالمي المتوقع إعادة هيكلته بعد الوباء".

وقال إن "النظام العالمي الجديد بعد كورونا سيعطي تركيا فرصة لتكون في المقدمة"، ولفت إلى أن وباء كورونا أثّر في القطاع الاقتصادي في العالم كله، وأن "تركيا استطاعت تجاوز هذه المرحلة".

وأوضح أنه "سيكون لتركيا الأفضلية في أخذ مكانة متقدمة عالمياً، بعد إعادة هيكلة الاقتصاد العالمي، في الفترة التي تلي وباء كورونا".

وزادت جودة النظام الصحي التركي، وارتفع عدد المدن الطبية ومستشفيات الطوارئ التنافسية لتركيا في مجال السياحة العلاجية، لتصبح ولايات مثل إسطنبول وأنطاليا وأنقرة وإزمير وطرابزون وموغلا وبورصا وأيدين وريزة ويالوفا، من أكثر الولايات تفضيلاً في مجال السياحة العلاجية للمواطنين الأتراك والأجانب على حد سواء.

وتحتل إسطنبول المرتبة الأولى بين المدن التركية في السياحة العلاجية، إذ افتُتحت مجموعة من المستشفيات المهمة فيها كان نتيجة خطط استراتيجية محكمة.

تجاوز عدد المرضى الأجانب الذين عولجوا في تركيا العام الماضي 880 ألفاً

رئيسة قسم الإدارة الصحية بجامعة إسطنبول - يتر دمير أوصلو

تركيا تتفوق علاجياً

وتعتبر السياحة العلاجية في تركيا خلال السنوات الثلاث الماضية مسرحاً للعديد من الإنجازات الهامة، إذ تجاوز عدد المرضى الأجانب الذين عولجوا في البلاد العام الماضي 880 ألفاً.

ومن المتوقع أن تزيد الإدارة الناجحة للحد من تفشي وباء كورونا التي أثبتتها تركيا، حصتها من إيرادات السياحة العلاجية العالمية مستقبلاً، وهو أمر أكدته رئيسة قسم الإدارة الصحية في كلية العلوم الصحية بجامعة إسطنبول "ميديبول" التركية، يتر دمير أوصلو لوكالة الأناضول.

ولفتت أوصلو إلى أن تلك الإدارة "كانت موضع تقدير لمرات عديدة من مختلف المنظمات الصحية بما في ذلك منظمة الصحة العالمية".

وتابعت بأن "إدارتنا الناجحة في تركيا ضد تفشي الوباء وفرت لنا فرصة جادة للحصول على مزيد من الحصص في قطاع السياحة العلاجية على مستوى القارة الأوروبية".

وأشارت أوصلو إلى أن "الطلبات على قطاع السياحة العلاجية في تركيا مرشحة للزيادة، كما أن هذا القطاع سيحقق مكاسب حقيقية وجيدة للغاية على المدى الطويل".

وكان المرضى القادمون من بلدان أوروبية بما في ذلك ألمانيا وبريطانيا في مقدمة الوافدين إلى تركيا لتلقي العلاج في مستشفياتها.

وبالنظر إلى قطاع السياحة العلاجية يبدو أن بين الولايات التركية التي بها أكبر عدد من المرضى وعدد المستشفيات المقامة فيها توازناً، وهو ما أكدته أوصلو التي أشارت إلى أن "المدن الطبية التي جرى تأسيسها مؤخراً قدمت مساهمات كبيرة في دفع وتطوير عجلة قطاع السياحة العلاجية، من خلال توفير البنى التحتية والأجهزة الطبية المتطورة".

من جانب آخر نفّذ منتدى الاجتماع الدولي وسياحة الأفراح، استطلاعاً للرأي أُجري على 45 دولة في قطاع السياحة، أظهر أن تركيا ستكون أسرع وجهة سياحية يمكنها التعافي بعد وباء كورونا، إذ حصلت على المرتبة الأولى في الاستطلاع.

مشافٍ متعددة المهامّ

ونجحت تركيا في بناء مستشفيات دائمة بفترة قصيرة جداً، في وقت أقيمت فيه مستشفيات مؤقتة ميدانية أو مسبقة الصنع بدول أخرى، وهو ما حدّ من سرعة انتشار فيروس كورونا.

وكانت البداية في الربع الأول من أبريل/نيسان الماضي، حين انطلقت أعمال بناء مستشفيين اثنين بسعة 1008 أسرّة لكل منهما، ويضم 16 غرفة عمليات، وأنجز العمل وفق خطة زمنية بلغت أقل من 50 يوماً، بالتوازي مع هندسة معمارية أفقية تتضمن أحدث التقنيات المتطورة.

وقال الرئيس التركي إن بلاده تشهد نقلة نوعية في مجال السياحة العلاجية، إذ تشهد مدينة إسطنبول افتتاح مستشفيَي "البروفيسور الدكتور مراد ديلمنر" في مطار أتاتورك، و"الدكتور إسماعيل نيازي كورتولموش" في منطقة هادم كوي، وسط مراسم رسمية.

وعبر البنية التحتية المتطورة لتلك المشافي وهندستها المعمارية الأفقية ومظهرها الحديث، ستلعب تلك المشافي وبالأخصّ مستشفى "البروفيسور الدكتور مراد ديلمنر" بمنطقة يشيل كوي، دوراً مهماً ما بعد مرحلة كورونا، إذ يهدف المستشفى إلى تقديم إسهامات هامة في مكافحة كورونا، فضلاً عن تقديم خدماته في مجال السياحة العلاجية ومكافحة الأوبئة والأمراض المحتملة بعد مرحلة كورونا.

ومنذ وضع حجر الأساس للمستشفى، وحتى اكتماله، شارك في بنائه ما يقرب من 4000 عامل في 3 نوبات. وبُني المستشفى على أرض تبلغ مساحتها 125 ألف متر مربع، خُصّصت 50 ألف متر مربع منها للمناظر الطبيعية وحظيرة للسيارات بسعة 500 سيارة، فيما تبلغ مساحة المباني المغلقة في المستشفى 75 ألف متر مربع.

ومن المقرر أن تصبح مدينة "باشاك شهير" الطبية إحدى العلامات التجارية لتركيا في مجال السياحة العلاجية، في الوقت الذي أصبحت فيه إسطنبول أصبحت مركزاً صحياً عالمياً.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً