يأتي ذلك بعد تراجع غير مسبوق في التأييد الشعبي الأمريكي لإسرائيل، وخاصة بين فئة الشباب، نتيجة الإبادة الجماعية التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة على مدى عامين بدعم أمريكي، وأسفرت عن استشهاد 68 ألفاً و875 فلسطينياً وإصابة 170 ألفاً و679 آخرين، وتدمير 90% من البنية التحتية المدنية في القطاع.
وقالت الصحيفة، إن الحكومة الإسرائيلية "وقّعت خلال الأشهر الأخيرة عقوداً مع شركات تسويق وإعلانات أمريكية، ليس فقط لتنفيذ حملات (هاسبارا) الدعائية، بل أيضاً لاستهداف ملايين رواد الكنائس المسيحية، وخصوصاً في الأوساط الإنجيلية".
وأضافت أن الحملة "تشمل إنشاء شبكات روبوتات إلكترونية لتضخيم الرسائل المؤيدة لإسرائيل عبر الإنترنت، ومحاولات للتأثير في نتائج البحث في جوجل وعلى ردود أنظمة الذكاء الصناعي التفاعلية مثل ChatGPT".
وبحسب الصحيفة، استعانت إسرائيل بمدير حملة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب الرقمية، براد بارسكال، عبر شركته "كلوك تاور إكس"، بموجب عقد قيمته 6 ملايين دولار لمدة أربعة أشهر، لتصميم حملة رقمية واسعة لمكافحة ما تسميه "معاداة السامية"، وتشمل إنتاج أكثر من 100 مادة دعائية شهرياً، تستهدف الشباب الأمريكيين على تيك توك وإنستغرام ويوتيوب.
كما أوضحت أن وزارة الخارجية الإسرائيلية تعاقدت مع شركات أخرى مرتبطة باليمين المسيحي الجمهوري، بينها شركة "شو فيث باي ووركس" التي يديرها المستشار الجمهوري تشاد شنيتغر، بميزانية تتجاوز 3 ملايين دولار، مخصصة للتأثير في الكنائس والمنظمات المسيحية في غرب الولايات المتحدة.
محاولة للتأثير في الذكاء الصناعي
أبرزت "هآرتس" أن من بين أهداف الحملة الجديدة إعادة تشكيل الخطاب حول إسرائيل في أنظمة الذكاء الصناعي المنتشرة عالمياً.
إذ ينص أحد بنود عقد شركة "كلوك تاور إكس" على "إجراء عمليات بحث لغوية تهدف إلى تحسين ظهور المحتوى المؤيد لإسرائيل داخل نتائج روبوتات الدردشة مثل ChatGPT وClaude"، في أول محاولة موثقة من نوعها لدولة تسعى لتوجيه محتوى أنظمة ذكاء صناعي بهذا الشكل.
ووصفت الصحيفة ذلك بأنه "تحول من تحسين محركات البحث التقليدية نحو التأثير المباشر في روبوتات المحادثة، لتأطير الإجابات المتعلقة بإسرائيل وفلسطين ضمن رواية موالية لتل أبيب".
تراجع التأييد الشعبي
وبحسب استطلاعات "مركز بيو" الأمريكي بين عامي 2022 و2025، انخفضت نسبة الأمريكيين الذين ينظرون إلى إسرائيل بإيجابية من 58% إلى 47%، بينما أصبح نصف الجمهوريين الشباب يحملون مواقف سلبية منها، في تراجع هو الأكبر منذ تأسيس إسرائيل عام 1948.
وفي السياق ذاته، أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن فوز زهران ممداني بمنصب عمدة نيويورك، المعروف بدعمه لحقوق الفلسطينيين، يمثل "أحدث مؤشر على التحول في المزاج الأمريكي تجاه إسرائيل"، وخاصة بعدما تعهد ممداني باعتقال رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو حال دخوله نيويورك، تنفيذاً لمذكرة المحكمة الجنائية الدولية التي تتهمه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال حرب الإبادة على غزة.










