وأشار فيدان، في مؤتمر صحفي مع نظيره الألماني يوهان فاديفول، في العاصمة أنقرة، إلى أنهما بحثا قضية غزة، وأكدا تطلعهما إلى استمرار وقف إطلاق النار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية دون انقطاع، ووقف الحرب بشكل دائم، وذكر أن تنفيذ حل الدولتين يمثل خطوة أساسية من أجل تحقيق سلام دائم في المنطقة.
وأوضح فيدان أنه وفاديفول متفقان بشأن ضرورة الحفاظ على أجواء السلام التي تشكّلت في غزة وعدم تقويض وقف إطلاق النار، وعلى أهمية اتخاذ الخطوات اللازمة لإرساء التعاون الدولي في هذا الصدد.
خطوات اتفاق السلام
وشدد فيدان على أنه أكد خلال اللقاء أن كل خطوة بنّاءة ستتخذها دول أوروبا، خصوصاً ألمانيا، بشأن المشكلات المتعلقة بفلسطين وغزة، سوف تحمل قيمة كبيرة، وأضاف أن "تركيا مثلما أدت ما يقع على عاتقها في تنفيذ الاتفاق المبرم، فهي مستعدة لبذل مزيد في المرحلة المقبلة أيضاً".
ولفت فيدان إلى وجود إرادة تامة في هذا الصدد وضعها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في ما يخص المشاركة في أي آلية دولية محتملة مثل "قوة المهام" أو "مجلس السلام" أو "قوة الاستقرار الدولية"، وهي مواضيع لم تتضح معالمها بالكامل بعد.
وأكد وزير الخارجية التركي أن كل خطوة تُتخذ يجب أن تخدم تحقيق السلام الدائم، وقال إن تركيا كثفت جهودها الإغاثية بصورة أكبر مباشرةً عقب وقف إطلاق النار الذي تحقق في غزة.
وتابع: "في هذا الإطار، عَيَّنَّا في وزارة الخارجية أحد سفرائنا منسقاً للمساعدات الإنسانية. وهذا السفير هو السيد محمد غولّو أوغلو، الذي شغل سابقاً منصب رئيس إدارة الكوارث والطوارئ (آفاد)"، وأعلن وزير الخارجية التركي أن غولّو أوغلو باشر مهامه بالفعل.
وكشف فيدان عن أن هدف تركيا في هذا الصدد، أن يتولى المنسق مهمة ضمان التنسيق بين منظماتها الإغاثية ومنظمات المجتمع المدني العاملة على الأرض، وبين الجهات الدبلوماسية والدول الأخرى، مشدداً على أن المساعدات الإنسانية الموجَّهة إلى غزة يجب أن تكون طويلة الأمد ومنظَّمة.
دعم تركي متواصل
وأضاف وزير الخارجية التركي في المؤتمر: "ستستمر تركيا في أن تكون نَفَسا لغزة وأملاً لفلسطين، كما سنواصل دعمنا النشط للجهود الرامية إلى إعادة إعمار غزة".
وشدد الوزير التركي على أن "كل مبنى سينهض في غزة سيكون نتاج الضمير المشترك للإنسانية"، وأردف: "ما زلنا في بداية الطريق، وهدفنا النهائي هو تنفيذ حل الدولتين وإقامة شرق أوسط يسوده السلام والازدهار رغم كل الآلام".
وأكد فيدان أن استمرار أجواء وقف إطلاق النار في غزة يعد الأولوية الأولى لتركيا، وقال إنه "في الوقت نفسه، من المهم للغاية استمرار دخول المساعدات الإنسانية دون انقطاع. وأحياناً نسمع بعض التصريحات من إسرائيل، وهذا أمر يثير القلق لدينا".
إعادة الإعمار
وتساءل فيدان: "تُرى هل ستستخدم إسرائيل عدم قدرة حركة حماس على إخراج الجثث من تحت الأنقاض، بسبب نقص الأدوات والمعدات، ذريعةً لتقويض وقف إطلاق النار مرة أخرى؟ المجتمع الدولي قلق بشأن هذا الموضوع".
ولفت فيدان إلى أن الجرائم ضد الإنسانية، والدمار، والقتل في غزة يحدث أمام الكاميرات، وهو ما أصاب المجتمع الدولي بذهول شديد بحيث أصبحت هناك حساسية كبيرة الآن لإنهاء ذلك في أقرب وقت.
وأضاف: "يجب أن يستمر هذا الوضع، ومن الضروري بشكل خاص أن يتحول اتفاق وقف إطلاق النار إلى اتفاق دائم، وأن تبدأ إعادة الإعمار في غزة، فهذا أمر في غاية الأهمية. والأهم من ذلك تحقيق السلام الدائم من خلال تنفيذ حل الدولتين".
وأشار إلى انعقاد بعض الاجتماعات بهذا الخصوص، مضيفاً: "هناك خطوات يجب اتخاذها من أجل غزة، وخطوات يجب اتخاذها من أجل حل الدولتين. حالياً، ثمة نقاشات مبكرة بشأن كيفية إنشاء قوة استقرار لغزة، وطبيعة القرار الذي يجب أن يمرره مجلس الأمن الدولي. نحن نتابع هذه الأمور من كثب".
وشدد فيدان على ضرورة أن يُظهر المجتمع الدولي حضوراً فاعلاً، مؤكداً أن حضور القادة في شرم الشيخ لم يقتصر على توقيع الاتفاقيات في ذلك اليوم فقط، بل خلال الوقت الذي قضوه هناك اجتمع القادة الأوروبيون وقادة المنطقة، وشارك الرئيس أردوغان في مناقشات مهمة حول ما يجب أن تكون عليه الخطوات المستقبلية للوصول إلى تفاهم مشترك.
وأوضح أن الاجتماع على مستوى القادة في شرم الشيخ كان استكمالاً لاجتماع وزراء الخارجية الذي كان قد عُقد قبل 10 أيام في باريس. وقال إن القادة الأوروبيين وقادة المنطقة ناقشوا بشكل خاص خطط إعادة الإعمار والسلام في غزة.
والاثنين الماضي، احتضنت مصر "قمة شرم الشيخ للسلام" برئاسة الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والأمريكي دونالد ترمب، بمشاركة قادة أكثر من 20 دولة، وجرى خلالها توقيع إعلان شرم الشيخ للسلام والازدهار، الذي يتعلق باتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
ومنذ ظهر 10 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بدأ سريان المرحلة الأولى من اتفاقٍ لوقف إطلاق النار بين حركة حماس وتل أبيب، بعد عامين من الإبادة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في غزة.
والاتفاق يستند إلى خطة طرحها ترمب، وتوصل إليه الطرفان إثر مفاوضات غير مباشرة بمنتجع شرم الشيخ، بمشاركة تركيا ومصر وقطر، وبإشراف أمريكي.
والخميس، عيّنت تركيا محمد غولّو أوغلو منسقاً عاماً للمساعدات الإنسانية إلى فلسطين، بهدف متابعة جهود الإغاثة في قطاع غزة ميدانياً وضمان التنسيق بين المؤسسات والجهات المعنية.
وتعد تركيا من أبرز الدول التي قدمت مساعدات لغزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي، إذ أرسلت منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 نحو 102 ألف طن من المساعدات الإنسانية بحراً وجواً.
كما أرسلت في 14 أكتوبر/تشرين الأول الجاري سفينة تحمل 865 طناً من المساعدات الإنسانية من ميناء مرسين إلى ميناء العريش المصري، تمهيداً لإيصالها إلى غزة.
ومنذ بدء إبادتها الجماعية في غزة في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قتلت إسرائيل 67 ألفاً و967 فلسطينياً، وأصابت 170 ألفاً و179 آخرين، معظمهم أطفال ونساء، فيما أزهقت المجاعة التي تسببت فيها أرواح 476 فلسطينياً بينهم 157 طفلاً، ودمَّرت القطاع الذي يحتاج إلى 70 مليار دولار لإعادة إعماره، وفق تقديرات أممية.