الرعي سلاحاً استيطانياً.. كيف يستولي الاحتلال على أراضي الضفة الغربية؟
الحرب على غزة
5 دقيقة قراءة
الرعي سلاحاً استيطانياً.. كيف يستولي الاحتلال على أراضي الضفة الغربية؟كشف تقرير صدر هذا الأسبوع عن منظمات إسرائيلية غير حكومية أن 70% من الأراضي التي استولى عليها المستوطنون في السنوات الثلاث الماضية كانت من خلال إنشاء بؤر استيطانية رعوية، وذلك تحت ستار أنشطة الرعي.
00:00
المستوطنون يستخدمون الرعي للاستيلاء على مساحات من الضفة الغربية
26 مارس 2025

وذكرت منظمتا "السلام الآن" و"كرم نابوت"، المراقبتان للاستيطان، أن المستوطنين الإسرائيليين استخدموا الرعي أداة للسيطرة على 14% من إجمالي أراضي الضفة الغربية المحتلة، مما سمح لهم بالاستحواذ على نحو 786 ألف دونم منها.

وأشار التقرير إلى أن المستوطنين في الضفة الغربية، التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، يعتمدون على الرعي بشكل أساسي لإثبات وجودهم في الأراضي الزراعية الفلسطينية، مستخدمين أساليب الترهيب والعنف لمنع الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم، ومن ثم تهجيرهم.

استراتيجية الاستيلاء على الأراضي

ولفت التقرير إلى أن أكثر من 60 مجموعة فلسطينية من الرعاة نزحت من مناطقها في الضفة الغربية منذ عام 2022 بسبب هذه الممارسات، لا سيما في المنطقة "ج"، التي تخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة وفق اتفاقيات أوسلو.

وأوضح أن عدد المستوطنات الرعوية التي أُنشئت حتى يونيو/حزيران 2022 كان 77 بؤرة، لكن هذا العدد شهد ارتفاعاً ملحوظاً بعد تولي حكومة اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو الحكم، إذ شجعت سياسات وزراء مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير على تكثيف النشاط الاستيطاني، ولا سيما بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، مما أسفر عن أكثر من 70 بؤرة رعوية جديدة خلال عامين ونصف العام تقريباً، وفق التقرير.

وحسب تقرير آخر، أكدت المنظمة الإسرائيلية الحقوقية "بتسيلم" أن المستوطنات الرعوية والمزارع الاستيطانية أصبحت أداة رئيسية في سيطرة إسرائيل على أراضي الضفة الغربية وتهجير الفلسطينيين، إذ يمكن إنشاؤها بسرعة وبإمكانيات محدودة وبتكلفة أقل، كما تتيح للحكومة الإسرائيلية التنصل من مسؤوليتها المباشرة عن عمليات الاستيلاء والعنف الذي يمارسه المستوطنون، رغم تقديمها الدعم لهم بطرق مختلفة.

وكشف تقرير منظمتا "السلام الآن" و"كرم نابوت" أن "دائرة الاستيطان التابعة للمنظمة الصهيونية العالمية، التي تدير مئات الآلاف من الدونمات في الضفة الغربية دون رقابة، منحت عشرات المستوطنين عقود تخصيص المراعي"، مما سمح لهم بالسيطرة على أراضٍ فلسطينية واسعة.

ووفقاً للنيابة العامة، جرى تخصيص نحو 80 ألف دونم من أراضي الضفة الغربية للمستوطنين لأغراض الرعي، لكن المستوطنين استغلوا هذه العقود للسيطرة على مساحات تتجاوز تلك المحددة "رسمياً".

وحسب ما كشف التقرير، فإن هذه العقود مُنحت دون مناقصة رسمية أو تعويضات، مما يثير تساؤلات حول شفافيتها، كما أُرفقت بخرائط غير دقيقة، "لتسهيل سيطرة المستوطنين على أراضٍ إضافية خارج نطاق التخصيص الرسمي".

وتضمنت العقود التي اطلعت عليها المنظمتان أراضي فلسطينية خاصة بمساحة نحو 9 آلاف دونم، رغم أنه لا يجوز قانونياً أن تكون تحت تصرف دائرة الاستيطان أو أن تُمنح للمستوطنين.

كما شملت أكثر من 10 آلاف دونم من الأراضي التي لم تخضع للمراجعة القانونية اللازمة، إضافة إلى 5 آلاف دونم تقع في مناطق إطلاق نار يُفترض منع المستوطنين من دخولها، وفق التقرير.

وفي أحد العقود جرى تخصيص نحو 1060 دونماً داخل المنطقة "ب"، التابعة للسلطة الفلسطينية، في انتهاك واضح للاتفاقيات القائمة، حسب التقرير.

كيف تدعم حكومة الاحتلال البؤر الاستيطان الرعوية؟

لا يقتصر دعم حكومة الاحتلال البؤر الاستيطانية الرعوية على توفير الحماية العسكرية للمستوطنين أو تخصيص مساحات شاسعة من الأراضي لهم عبر لواء الاستيطان، بل يمتد ليشمل نظاماً مالياً متكاملاً يضخ عشرات الملايين من الشواكل سنوياً لدعم هذه البؤر، وفق التقرير. وتتمثل أبرز قنوات التمويل في:

تمويل "المكونات الأمنية": تخصص حكومة الاحتلال 54 مليون شيكل سنوياً لتعزيز الأمن في هذه البؤر، من خلال بناء الطرق، وتركيب الألواح الشمسية، والبوابات الكهربائية، إضافة إلى تزويد المستوطنين بالمولدات وأعمدة الإنارة والمركبات.

"أقسام المراقبة": تُنفق الحكومة نحو 30 مليون شيكل سنوياً لتمويل رواتب أفراد الدوريات، والمعدات والطائرات المسيرة، ونصب الكاميرات وإقامة البوابات.

مِنح "المتطوعين في الزراعة": توفر الحكومة دعماً مالياً بملايين الشواكل سنوياً لمنظمات تُشغّل متطوعين يعيشون في البؤر الاستيطانية الرعوية، لتعزيز وجودهم في هذه المناطق.

"مِنح الرعي": منذ عام 2017 وحتى 2024، قدمت وزارة الزراعة مِنحا بقيمة 3 ملايين شيكل لدعم أنشطة الرعي في هذه البؤر، إلى جانب مِنح إضافية بقيمة 2.6 مليون شيكل لمستوطني "ميبو حورون" الذين يسيطرون على نحو 9000 دونم في منطقة "كندا بارك".

"دعم ريادة الأعمال": حصل أصحاب البؤر الاستيطانية الرعوية على ما يقارب 1.6 مليون شيكل من قسم الاستيطان لتطوير مشاريعهم، إلى جانب قروض بمبالغ غير محددة.

تمويل من منظمة "أمانا": وهي منظمة استيطانية فرضت عليها الولايات المتحدة وبريطانيا عقوبات لدورها في إنشاء بؤر استيطانية تورَّط سكانها في أعمال عنف ضد الفلسطينيين، وقد استثمرت ملايين الشواكل في هذه البؤر، وقدمت قروضاً وتسهيلات لإنشائها.

استثمارات من الصندوق القومي الإسرائيلي: قدم الصندوق نحو 4.7 مليون شيكل لدعم هذه البؤر، عبر تمويل المتطوعين الذين يعملون هناك، تحت غطاء "مساعدة الشباب المعرضين للخطر".

تبرعات من جهات خاصة مدعومة حكومياً: تُجمع أموال كبيرة عبر جمعيات مختلفة، بعضها يتمتع بإعفاءات ضريبية وامتيازات حكومية، مما يسهل تدفق الدعم المالي لهذه البؤر.

أداة رئيسية لتعزيز الاستيطان

بدأ مشروع البؤر الاستيطانية الرعوية منذ عام 1984، لكنه شهد تكثيفاً ملحوظاً في انتشاره داخل الضفة الغربية بعد عام 2015، إذ أصبح أداة رئيسية لتعزيز الاستيطان، وفقاً لمنظمة "بتسيلم" الحقوقية.

ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، صعّدت إسرائيل ضغوطها على عشرات التجمعات الفلسطينية الرعوية في الأغوار الشمالية، سعياً لإجبار سكانها على مغادرة منازلهم وأراضيهم. وتمثلت هذه الضغوط في تقليص مساحات المراعي، وقطع إمدادات المياه المنتظمة، وعزل منطقة الأغوار عن بقية مناطق الضفة الغربية، من خلال تعاون وتنسيق مباشر بين جيش الاحتلال الإسرائيلي والشرطة والمستوطنين، حسب المنظمة.

وعلى مدار العقود الماضية، نهبت إسرائيل أكثر من مليوني دونم من أراضي الضفة الغربية منذ احتلالها عام 1967، واستخدمتها لأغراض مختلفة، بما في ذلك بناء المستوطنات الجديدة، وتوسيع نفوذ المستوطنات القائمة، وتخصيص مساحات زراعية وصناعية، فضلاً عن إنشاء شبكة من الطرق تخدم المستوطنين بشكل أساسي، وفق المنظمة.

وفي عام 2023، شهدت الضفة الغربية مستوى غير مسبوق من التوسع الاستيطاني، إذ سُجل أعلى عدد من تصاريح البناء منذ ثلاثة عقود، وفقاً للاتحاد الأوروبي.

وفي الأشهر الأخيرة، دعا عدد من السياسيين اليمينيين المتطرفين في إسرائيل، بمن فيهم أعضاء في حكومة بنيامين نتنياهو، إلى الاستفادة من العلاقات الوثيقة مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، من أجل تسريع خطط ضم أجزاء من الضفة الغربية في عام 2025.

مصدر:TRT ARABI
اكتشف
استشهاد طفل خلال قمع قاطفي الزيتون ومستوطنون يصيبون فلسطينيين ويحرقون مساكن ومركبات في الضفة
بتكلفة نصف مليار دولار.. إعلام عبري: واشنطن تخطط لبناء قاعدة عسكرية قرب حدود غزة
الكنيست يقر بالقراءة الأولى لمشروع قانون "إعدام الأسرى" الفلسطينيين.. وحماس: يجب معاقبة إسرائيل
جيش الاحتلال يصيب فلسطينياً ويعتقله في الخليل.. والأمم المتحدة تدين اعتداءات المستوطنين
الإعلام الحكومي بغزة يؤكد خرق جيش الاحتلال للاتفاق 282 مرة.. وحماس توثّق الانتهاكات خلال شهر
الكنيست يصدّق بالقراءة الأولى على مشروع قانون لإعدام أسرى فلسطينيين
نتنياهو يلتقي كوشنر في القدس.. وتل أبيب: أي قرار بشأن مقاتلي حماس سيُتخذ بالتعاون مع ترمب
الاحتلال يطلق مناورات عسكرية بالضفة.. ولجنة بالكنيست تقر مشروعاً لاعتقال فلسطينيين داخل إسرائيل
شهداء جدد بغزة جراء خروقات الاحتلال.. والأورومتوسطي: إسرائيل تقتل 8 فلسطينيين يومياً في القطاع
الولايات المتحدة تواجه سؤال التواطؤ.. هل تغاضت واشنطن عن جرائم حرب في غزة؟
كوشنر في تل أبيب لمتابعة تنفيذ المرحلة الثانية من خطة ترمب بشأن غزة
الاحتلال يتسلم رفات الأسير "غولدين" عبر الصليب الأحمر
الاحتلال يعتقل 442 فلسطينياً بالضفة خلال أكتوبر ويهدم منزل أسير في سلفيت
وسط ارتفاع حصيلة الشهداء.. بلدية غزة تحذر من تفاقم الكارثة الإنسانية مع بدء الشتاء
جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن تسلّم جثة أحد أسراه من رفح عبر الصليب الأحمر
"تعذيب جسدي ونفسي".. هيئة الأسرى تكشف انتهاكات قاسية بحق فلسطينيين في معسكر "جلعاد" داخل سجن عوفر
"القسام" تحمّل إسرائيل مسؤولية الاشتباك في رفح وتعلن استعدادها لتسليم جثة الضابط غولدين
استشهاد فلسطيني في قصف على القطاع ومنظمات صحية تدعو لإجلاء عاجل للمرضى وإعادة فتح معابر غزة
صفقة أمريكية مرتقبة لإخراج مقاتلي حماس من رفح مقابل جثة غولدن
بطن الهوى.. الحي الذي ينام على موعد التهجير والاستيطان