جاء ذلك في بيان لمستشار الرئيس الأمريكي للشؤون الإفريقية مسعد بولس، نشره عبر منصة إكس، قال فيه إن واشنطن "تحثّ أطراف الصراع في السودان على القبول الفوري بالهدنة وتنفيذها"، مؤكداً أن معاناة المدنيين بلغت مستويات كارثية، يفتقر فيها ملايين الأشخاص إلى الغذاء والمياه والرعاية الصحية، فيما "يحصد استمرار القتال مزيداً من الأرواح يومياً".
وأوضح بولس أن "نصّاً قويّاً للهدنة" طُرح على الطرفين "أملاً في التزامهما إياه بلا أي مناورة سياسية أو عسكرية تزيد الخسائر البشرية"، مشدداً على ضرورة وقف الأعمال العدائية وضمان وصول المساعدات الإنسانية بأمان وبلا عوائق.
وأضاف أن "الهدنة لن تنقذ الأرواح فحسب، بل تمثّل أيضاً خطوة أساسية نحو حوار مستدام وسلام دائم"، داعياً إلى التحرك العاجل لأن "شعب السودان لا يستطيع الانتظار أكثر من ذلك".
ولم يقدّم بولس تفاصيل إضافية بشأن آلية تنفيذ الهدنة، غير أن قوات الدعم السريع أعلنت الخميس الماضي موافقتها على الانضمام إلى الهدنة الإنسانية التي اقترحتها "الرباعية" الدولية (الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات).
وأعلن بولس في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي أن الرباعية بحثت في واشنطن سبل التوصل إلى هدنة إنسانية عاجلة ووقف دائم لإطلاق النار، وشكّلت لجنة مشتركة لتنسيق الأولويات العاجلة، مؤكداً آنذاك التزام الدول الأربع البيان الوزاري الصادر في 12 سبتمبر/أيلول الماضي، الذي دعا إلى هدنة أولية لثلاثة أشهر تتيح دخول المساعدات تمهيداً لعملية انتقالية تقود إلى حكومة مدنية مستقلة خلال تسعة أشهر.
في المقابل شدّد وزير الخارجية السوداني محيي الدين سالم الثلاثاء، على أن حكومة بلاده "تواصل مساعيها لإخراج المليشيا (الدعم السريع) والمرتزقة من البلاد"، معتبراً ما يجري "غزواً مباشراً يتخلله القتل والسحل والنهب".
وأوضح سالم أن الحكومة لا تتعامل مع الرباعية بصفة رسمية لعدم صدور تفويض من مجلس الأمن أو أي منظمة دولية، مشيراً إلى أن التنسيق مستمر مع مصر والسعودية والولايات المتحدة يجري في إطار ثنائي.
تأتي هذه التطورات فيما تتواصل المعارك بين الجيش والدعم السريع منذ أبريل/نيسان 2023، وأسفرت عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد نحو 13 مليون شخص.
وفي 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي استولت قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر مركز ولاية شمال دارفور، وارتكبت، بحسب منظمات محلية ودولية، مجازر بحق المدنيين، وسط تحذيرات من تقسيم جغرافي محتمل للبلاد.
وتسيطر قوات الدعم السريع حالياً على ولايات دارفور الخمس باستثناء أجزاء شمالية من شمال دارفور، فيما يهيمن الجيش على معظم مناطق الولايات الثلاث عشرة الأخرى، بينها العاصمة الخرطوم.
“احتياج إنساني كبير”
في السياق نفسه حذّرت المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة إيمي بوب الأربعاء، من أن حجم الاحتياج الإنساني في السودان "كبير للغاية"، مشيرة إلى أن أزمة النزوح بلغت نطاقاً "هائلاً" مع تزايد التقارير عن عنف مروّع ضد المدنيين.
جاء ذلك خلال إحاطة صحفية من الخرطوم للصحفيين في نيويورك، أوضحت فيها بوب أن زيارتها للسودان، التي تستمر خمسة أيام وتشمل لقاءات مع مسؤولين وزيارات لمناطق نزوح، تهدف إلى لفت الانتباه إلى أزمة إنسانية غير مسبوقة في ظل تراجع الدعم الدولي.
وقالت بوب إن 90 ألف شخص نزحوا من الفاشر خلال الأسبوعين الماضيين، ونحو 50 ألفاً من إقليم كردفان، مؤكدة أن النازحين تحدثوا عن جرائم قتل واعتداءات جنسية وإطلاق نار على المدنيين في أثناء فرارهم.
وشدّدَت المسؤولة الأممية على ضرورة فتح ممرات إنسانية وتأمين وصول المساعدات العاجلة، قائلة: "ندعو إلى وقف إطلاق النار فوراً حتى نتمكّن من الوصول إلى المحاصرين بالنزاع"، معترفة بأن القدرات الحالية لا توفي بحجم الاحتياج.
ووفق بيانات المنظمة الدولية للهجرة، نزح أكثر من 88 ألف شخص من الفاشر ومحيطها منذ 26 أكتوبر/تشرين الأول، في وقت تتواصل فيه المعارك في ولايات كردفان الثلاث، ما سبّب موجات نزوح جديدة.





















