وكانت طائرات حربية إسرائيلية قد قصفت في أبريل/نيسان 2024 القافلة التي رافقها هندرسون، رغم أنها كانت تتحرك في منطقة أعلنتها إسرائيل مسبقاً بأنها "آمنة". وقد استهدفت الغارة سيارات المنظمة الإنسانية رغم أنها كانت تحمل شعاراتها بشكل واضح.
وأدى الهجوم حينها إلى مقتل سبعة من العاملين في المجال الإنساني، من بينهم هندرسون وعدد من الأجانب والفلسطينيين، الأمر الذي فجّر موجة استنكار دولية واسعة، فقد سارعت منظمات دولية وحكومات عدة إلى إدانة ما جرى والمطالبة بفتح تحقيق عاجل.
وفي ذلك الوقت، أعلن رئيس الوزراء البريطاني السابق ريشي سوناك أن بلاده تنتظر من إسرائيل تحقيقاً سريعاً وشفافاً لكشف ملابسات الحادث، كما استدعت وزارة الخارجية البريطانية السفيرة الإسرائيلية في لندن، تسيبي حوتوفلي، وأبلغتها إدانة بريطانيا الواضحة للهجوم.
وبعد مرور نحو عام ونصف على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف فريق المطبخ المركزي العالمي في دير البلح وأودى بحياة المتطوع البريطاني جيمس هندرسون، شدّد محاميه فورز خان في مقابلة مع الأناضول نشرت الاثنين، على أن ما جرى "لم يكن نتيجة خطأ عابر، بل استند إلى معلومات مضللة قدمتها إسرائيل".
وأوضح خان أن سيارات القافلة الإنسانية كانت تحمل شعارات المنظمة بشكل واضح، ومع ذلك جرى استهدافها بشكل مباشر.
وأضاف: "المتطوعون الذين قتلتهم إسرائيل جاؤوا لتقديم المساعدة للفلسطينيين الذين يعيشون تحت ويلات الاعتداءات الإسرائيلية".
وفي ما يتعلق بموقف بلاده، اعتبر خان أن الحكومة البريطانية "تتقاعس عن كشف الحقائق المتعلقة بالحادثة"، مشيراً إلى أن لندن "تضع علاقاتها مع إسرائيل فوق حماية مواطنيها".
وقال: "حتى عندما يُقتل مواطن بريطاني على يد الجيش الإسرائيلي، يبقى الموقف الرسمي متردداً، وكأن الأولوية ليست لمواطنيها، بل لمواصلة دعم إسرائيل".
وكشف المحامي أن لدى بلاده "إمكانات تقنية يمكن أن تساعد في كشف تفاصيل ما جرى"، مرجّحاً أن تكون "طائرة استطلاع تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني قد وثقت الاعتداء لحظة وقوعه".
وأوضح أنه في وقت الهجوم أقلعت من قاعدة أكروتيري الجوية بجنوب قبرص طائرة مراقبة بريطانية كانت تحلّق فوق المنطقة، مرجحاً أن تكون قد سجّلت صوراً ومقاطع للهجوم على دير البلح، لكن لم يُكشف عنها حتى الآن.
وأضاف خان أن عائلة القتيل طلبت رسمياً الاطلاع على هذه التسجيلات، غير أن السلطات البريطانية لم تستجِب، ما يعزز الشكوك حول نية الحكومة إبقاء القضية طي الكتمان.
وختم بالإشارة إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قتل خلال أشهر الإبادة في غزة مئات العاملين في الوكالات والمنظمات الدولية، من بينهم عشرات موظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، إضافة إلى طواقم الدفاع المدني والعاملين في القطاع الطبي.
لم يقتصر المحامي فورز خان على التشكيك في نيات الحكومة البريطانية، بل ذهب إلى أبعد من ذلك باتهامها بالتورط في جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة.
وقال: "قتل عمال الإغاثة جريمة حرب واضحة، والحكومة البريطانية بهذا الصمت تتحول إلى شريك في الجريمة، لأنها تساعد بشكل مباشر على استمرار الانتهاكات الإسرائيلية التي ترقى إلى الإبادة"، مطالباً لندن بتحمل مسؤولياتها تجاه مواطنيها، ووقف تواطئها، واتخاذ خطوات حقيقية لدعم الفلسطينيين بدلاً من المساهمة في تغطية جرائم الاحتلال.
وفي السياق ذاته، حذّرت مقررة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في فلسطين فرانشيسكا ألبانيز، قبل أيام، من أن امتناع بريطانيا عن الوفاء بالتزاماتها الدولية في التعامل مع إسرائيل قد يعرّضها لملاحقة قضائية بتهمة التواطؤ في الجرائم التي ترتكبها تل أبيب.
من جانبها، أشارت منظمة الحملة ضد تجارة الأسلحة البريطانية (CAAT) إلى أن المملكة المتحدة لا تقدم بيانات تصدير الأسلحة إلى إسرائيل بشفافية، وفق قاعدة بيانات أنشأتها المنظمة استناداً إلى مصادر مفتوحة. ووفقاً لهذه البيانات، صدّرت لندن بين عامَي 2020 و2025 طائرات حربية وصواريخ ودبابات وطائرات خفيفة وأسلحة بقيمة 426 مليون يورو.
كما أوضحت المنظمة أن بريطانيا تبيع معدات عسكرية لإسرائيل وتزوّدها بما يقارب 15% من مكونات طائرات F-35 التي تستخدمها في قصف غزة.
وهناك 6 شركات بريطانية مختلفة في مشروع مقاتلات إف- 35، منها شركتان تبيع الصواريخ لإسرائيل، كما أن بعض الشركات مثل شركة صناعة الدفاع الإسرائيلية (إلبيت)، لديها ترخيص لتجارة المعدات العسكرية في المملكة المتحدة، وفق المنظمة.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل، بدعم أمريكي، إبادة في غزة، خلّفت 64 ألفاً و455 شهيداً، و162 ألفاً و776 جريحاً من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 393 فلسطينياً، بينهم 140 طفلاً.