تركيا
7 دقيقة قراءة
بين التحدي والربح.. كيف تحوّل تركيا حرب ترمب التجارية إلى فرصة؟
أصدرت أكاديمية الاستخبارات الوطنية التركية، الأربعاء، تقريراً بعنوان: "الرسوم الجمركية الأمريكية في عصر الغموض العالمي: الفرص والمخاطر الاستراتيجية لتركيا".
بين التحدي والربح.. كيف تحوّل تركيا حرب ترمب التجارية إلى فرصة؟
يتناول التقرير خلفيات الرسوم الجمركية، ثم يحلل آثارها على اقتصادات وتجارات الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي. / AA
منذ 10 ساعات

يتناول التقرير خلفيات الرسوم الجمركية، ثم يحلل آثارها على اقتصادات وتجارات الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي.

وقال البروفسور الدكتور طلحة كوسه، رئيس أكاديمية الاستخبارات الوطنية، إن التقرير الذي أعدّته الأكاديمية يتناول خلفيات الرسوم الجمركية الأمريكية، ثم يحلل انعكاساتها على اقتصادات وتجارات الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي. 

وأوضح أن التقرير، بعد هذه التحليلات المدعومة برؤية عالمية، يسلط الضوء على سؤال محوري: كيف ستتأثر تركيا بالرسوم الجمركية؟ وذلك من خلال محور السياسات النقدية والمالية، وفي سياق البنية الاقتصادية والقطاعية، وكذلك من الناحية التجارية.

وأضاف كوسه أن التقرير يسعى إلى دراسة آثار الغموض ومخاطر الركود التضخمي (الركود المصحوب بالغلاء) على تركيا، واستعراض الفرص والتهديدات الاستراتيجية الناشئة أو المحتملة، إلى جانب رصد مَواطن القوة والضعف، بما يسهم في صياغة توقعات اقتصادية مستقبلية منسجمة مع أهداف خطط التنمية، ورسم خريطة طريق مناسبة.

وأعرب عن أمله أن يشكل هذا العمل مرجعاً مفيداً لمختلف المؤسسات والهيئات وللرأي العام.

ورغم أن أجواء الغموض التجاري والاقتصادي التي خلقتها الرسوم الجمركية في الولاية الثانية للرئيس الأمريكي دونالد ترمب قد خفّت نسبياً، فإنها ما زالت تُعدّ مصدر قلق مستمر.

وأشار تقرير أكاديمية الاستخبارات الوطنية التركية إلى أن الرسوم الجمركية المعلنة قد توفّر إيرادات إضافية للاقتصاد الأمريكي، لكن هناك شبه إجماع على أنها ستؤثر سلباً في النمو ومعدلات مشاركة القوى العاملة والتضخم.

وأضاف أن هذا الوضع يضع ضغوطاً على قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة، ومع التوتر القائم بين الرئيس ترمب والمؤسسات الاقتصادية تصبح البيئة التجارية والمالية أكثر غموضاً.

وفي ما يتعلق بالصين، لفت التقرير إلى أنها تستحوذ على 15% من حصة سوق الصادرات العالمية، ما يمنحها موقعاً متفوقاً، مؤكّداً أن بكين لم تعد تتصرف وفق قواعد النظام العالمي القديم، بل باتت تستخدم قوتها التجارية سلاحاً سياسياً وأداةً للمناورة، وهو ما ظهر من خلال إجراءاتها الانتقامية ضد الرسوم الأمريكية.

وأضافت الأكاديمية أن الصين عززت موقعها من خلال هيمنتها الاحتكارية على إنتاج وفصل عناصر الأرض النادرة، الأمر الذي منحها مساحة أوسع للتحرك السياسي والدبلوماسي، وجعلها لاعباً رئيسياً في تحديد موازين القوة الاقتصادية عالمياً.

أما الاتحاد الأوروبي، فرجّح التقرير أن يكون الطرف الأكثر خسارة من الرسوم الجمركية، إذ قبل بنسبة 15% تعريفة تجارية، فيما يظل الغموض يكتنف التزامه شراء طاقة من الولايات المتحدة بقيمة 750 مليار دولار واستثمارات بقيمة 600 مليار دولار حتى عام 2028.

تركيا والرسوم الجمركية: فرص استراتيجية رغم التحديات

أشار تقرير أكاديمية الاستخبارات الوطنية التركية إلى أن الرسوم الجمركية التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في بدايتها حددت نسبة الرسوم على تركيا بـ10% فقط، قبل أن تُرفع لاحقاً إلى 15% في مطلع أغسطس/آب 2025.

 ورغم هذه الزيادة، يؤكد التقرير أن أنقرة ما زالت متميزة مقارنةً بعديد من الدول والمجموعات الاقتصادية الأخرى.

وأوضح التقرير أن وزارة التجارة التركية أكدت في بياناتها أن البلاد تفوقت إيجابياً على كثير من الدول في هذا الملف، مرجعاً ذلك إلى أن الولايات المتحدة تنظر إلى تركيا على أنها شريك تجاري متوازن وإيجابي، وأن الصادرات التركية ما زالت تحتفظ بقدرتها التنافسية في الأسواق العالمية، إلى جانب حفاظ أنقرة على موقع قوي في التجارة الخارجية.

وأضاف التقرير أن هذه العوامل مجتمعة تجعل من وضع تركيا فرصة استراتيجية بالمقارنة مع دول آسيوية ولاتينية على وجه الخصوص.

 وفي هذا الإطار، تجري مفاوضات بين أنقرة وواشنطن لخفض الرسوم الجمركية في قطاعات حيوية مثل الصلب، والسيارات، والنحاس، والنسيج والملابس الجاهزة.

وأنشأت وزارة التجارة مجموعة عمل تحت مسمى "دبلوماسية الرسوم الجمركية" لقيادة هذه الجهود على المستوى الوزاري.

كما لفت التقرير إلى قرار صدر في 22 سبتمبر/أيلول 2025 في الجريدة الرسمية يقضي برفع بعض الالتزامات المالية الإضافية المفروضة منذ عام 2018 على سلع مستوردة من الولايات المتحدة.

وعُدّت هذه الخطوة مؤشراً مهماً في سياق السعي إلى رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 100 مليار دولار، إلى جانب مساهمتها في تخفيف الأجواء التجارية المتوترة.

وأشار التقرير كذلك إلى أن أنقرة أعلنت في اليوم نفسه زيادة الرسوم الجمركية على السيارات المستوردة من خارج الاتحاد الأوروبي ومنطقة التجارة الحرة، في خطوة فسّرها الخبراء بمحاولة تركيا تعزيز موقعها التجاري في أجواء لا تزال تتسم بعدم اليقين.

ووفق بيانات وزارة التجارة، كانت الولايات المتحدة ثاني أكبر سوق لصادرات تركيا عام 2024 بعد ألمانيا، وهو ما يمنح أنقرة أفضلية إضافية مع انخفاض نسبة الرسوم مقارنةً بدول تعاني من عجز تجاري مع واشنطن.

وحسب التقرير، فإن عديداً من المدخلات الصناعية في تركيا تأتي من الصين، ما يجعل الرسوم المفروضة على بكين ذات انعكاسات مباشرة أو غير مباشرة على أنقرة.

 ومع ذلك، يرى معدُّو التقرير أن قطاعات مثل النسيج، والآلات، وقطع غيار السيارات، والأثاث، قد تكون من أبرز المستفيدين من الوضع الجديد، فضلًا عن إمكانية تطور تركيا في مجالات أشباه الموصلات والتكنولوجيا مع ارتفاع تكلفة الإنتاج في الأسواق الآسيوية المنافسة.

وختم التقرير بتأكيد أهمية التعمق في دراسة بعض القطاعات بشكل خاص، وتحليل تركيبة الصادرات التركية لفهم الصورة الكاملة للفرص والتحديات، خصوصاً في ظل بيئة تجارية عالمية تتسم بازدياد الغموض وعدم الاستقرار.

أهم القطاعات

وحسب تقرير أكاديمية الاستخبارات الوطنية التركية، يواجه قطاع الكيمياء في الاتحاد الأوروبي تحديات متزايدة، أبرزها تراجع القدرة التنافسية، وارتفاع أسعار الطاقة بمعدل يفوق نظيرتها في الولايات المتحدة بـ3.2 مرة، إضافةً إلى ضعف الطلب الخارجي وتراجع فائض التجارة.

هذه التطورات انعكست سلباً على تركيا التي تعتمد صادراتها بشكل كبير على السوق الأوروبية. ومع ذلك، فإن الاستثمار في التكنولوجيا والبحث والتطوير ودعم الصناعيين قد يمنح أنقرة موقعاً تنافسياً على المدى الطويل.

يشير التقرير إلى أن صادرات القطاع الكيميائي التركي ارتفعت في النصف الأول من 2025 مقارنةً بالفترة نفسها من 2024، لتواصل النمو حتى بعد إعلان الرسوم الجمركية. وبلغت صادرات يوليو/تموز 25 مليار دولار، بينها 1.9 مليار بفعل فارق أسعار الصرف.

 ويرى معدو التقرير أن هذا يحتِّم صياغة سياسات أكثر واقعية لتقليل الاعتماد على العوامل النقدية المؤقتة.

يوضح التقرير أن حجم الإنتاج العالمي للسيارات بلغ 75 مليون وحدة في 2024، ما يعكس مكانته بوصفه محركاً رئيسياً للتجارة والتوازنات الاقتصادية. ومع انتقال الثقل من اليابان إلى الصين التي استحوذت على 36% من السوق، تراجعت الحصة الأوروبية وأُثيرت مخاوف بشأن تنافسيتها.

في هذا السياق، يمنح الموقع الجغرافي لتركيا، إلى جانب انخفاض تكاليف الإنتاج وتوفر اليد العاملة، ميزة نسبية تسمح بجذب استثمارات مباشرة في صناعة السيارات وصناعاتها المساندة، محوّلةً الرسوم الجمركية إلى فرصة بدلاً من تهديد.

وحسب التقرير، يُتوقع أن يكون قطاع النسيج والملابس الجاهزة المستفيد الأكبر من التغيرات الحالية، خصوصاً في زيادة صادراته إلى الولايات المتحدة.

كما يُنتظر أن تحقق قطاعات أخرى مثل الإسمنت والسجاد والرخام والأحذية، مكاسب إضافية. أما الرسوم المفروضة على الصلب والألمنيوم (25% ثم 50% باستثناء بريطانيا)، فرغم أنها تثير مخاوف من ركود عالمي، فإنها تضع تركيا في موقع مماثل لمنافسيها، ما يتيح لها الحفاظ على تنافسيتها. وتشير التقديرات إلى أن هذه الرسوم قد ترفع صادرات تركيا بنحو 6%، رغم تراجع الواردات الأمريكية.

تحديات وتوصيات

مع ذلك، يُحذر التقرير من أن قاعدة الصادرات التركية ما زالت ضيقة، وتتركز في قطاعات محدودة مثل الكيمياء، والسيارات، والنسيج، والدفاع.

ويضيف أن استمرار ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم يقيّد توسع قاعدة المصدرين. ويطالب الصناعيون بخفض الفائدة لتشجيع الاستثمار وتحسين الوصول إلى التمويل، إضافةً إلى ضرورة تنويع قاعدة المصدرين لتجنب الاعتماد على قطاعات محدودة.

وأوصى التقرير بزيادة الاستثمارات في مجالات التكنولوجيا والبحث والتطوير، بوصفها ركيزة أساسية لتعزيز القدرة الإنتاجية ورفع الناتج القومي للبلاد.

وأشار إلى أهمية تعميق الشراكة بين القطاع الصناعي والجامعات، وتوسيع قنوات التواصل مع المصدّرين، إلى جانب زيادة المشاركة في المعارض الدولية، لا سيما في الولايات المتحدة، لاقتناص حصص سوقية جديدة.

وشددت الأكاديمية على ضرورة التحول نحو الاقتصاد الأخضر والرقمي من أجل تقليل التكاليف وتعزيز الكفاءة، مؤكدة أن هذا التوجه يفتح الباب أمام تنافسية أكبر للصناعة التركية.

وفي جانب التمويل، دعا التقرير إلى توسيع نطاق القروض الموجهة للتصدير لتشمل جميع القطاعات بشكل متوازن، مع تطوير تنويع المنتجات في الصناعات القوية مثل الكيمياء والسيارات والنسيج. كما أوصى بتوسيع مسار "الدبلوماسية الجمركية" لدعم مجمل الصناعة التركية.

ولفت التقرير إلى أهمية التركيز على الصناعات الاستراتيجية، خصوصاً أشباه الموصلات والعناصر الأرضية النادرة، بوصفها محركات للنمو المستقبلي ومجالات تضمن لتركيا موقعاً متقدماً في سلاسل القيمة العالمية.

وعلى المستوى الاقتصادي الكلِّي، شدد التقرير على تبني سياسات نقدية تضمن خفض أسعار الفائدة والتضخم وزيادة المشاركة في سوق العمل، إلى جانب تنسيق السياسات المالية مع النقدية لإصلاح النظام الضريبي والحد من فجوات الدخل.

كما أوصى التقرير بتوسيع توزيع الثروة الوطنية لتصل إلى شريحة أوسع من المجتمع، وتعزيز الإنتاجية الكلية للعوامل، ورفع معدلات استخدام القدرات الصناعية. وأكد ضرورة ضمان استمرارية قنوات التواصل بين البنك المركزي والقطاعات المصرفية والإنتاجية والأسر، وتطبيق سياسات من شأنها تعزيز الثقة بالليرة التركية.

وختمت الأكاديمية تقريرها بتأكيد أن قوة الاقتصاد واستقراره مسألة استراتيجية لا تقل أهمية عن أي مجال آخر، محذرةً من أن تركيا، إن لم تستغل الفرص التي وفرتها الرسوم الجمركية الأمريكية لتكبير حجم اقتصادها، فإنها قد تواجه اتساع الفجوة مع الاقتصادات الكبرى على المدى الطويل.

مصدر:TRT Arabi
اكتشف
أردوغان يبحث العلاقات الثنائية وقضايا إقليمية خلال لقائه نظيرَه الفيتنامي في نيويورك
الرئيس التركي يصل إلى واشنطن لإجراء مباحثات مع ترمب
أردوغان: مستمرون بتحويل قطاعات لتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول 2053
أردوغان لماكرون: الضغوط الدولية على حكومة نتنياهو قد تفتح الطريق أمام حل الدولتين
الرئيس أردوغان يلتقي الشرع في نيويورك ويؤكد تطلع تركيا لرفع العقوبات عن سوريا
أمينة أردوغان ترافق الرئيس التركي في مأدبة رسمية مع ترمب وزوجته ميلانيا
أمينة أردوغان تلتقي زوجات قادة دول على هامش الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة
تركيا توقّع اتفاقيتين طويلتي الأمد لتوريد الغاز المسال من أمريكا وأوروبا
تركيا تعلن مساهمات جديدة لدعم برنامج الأغذية العالمي
أردوغان يلتقي رئيس المجلس الرئاسي الليبي وغوتيريش في نيويورك
ترمب يعرض خطة بشأن غزة على قادة دول عربية وإسلامية خلال اجتماع شارك فيه أردوغان
أردوغان يلتقي غوتيريش ويدعو لزيادة الضغوط على إسرائيل لضمان وصول المساعدات إلى غزة
أردوغان: إسرائيل تهدد السلام الإقليمي وأناشد زعماء العالم بالوقوف إلى جانب الفلسطينيين المضطهدين
أمينة أردوغان تستعرض تراث الأناضول وتدعو للتحرك العالمي بشأن غزة
تركيا تدعم استكمال خط سكة الحجاز في سوريا
تركيا ومصر تنفذان مناورات بحرية مشتركة لتعزيز الصداقة والتعاون