تابعنا
إذا سافرتَ إلى إزمير، فلا تفوّت عليك زيارة بلدة ألاجاتي التركية الساحرة.

كانت سانتوريني، تلك الجزيرة اليونانية الجميلة بألوان مبانيها الزرقاء والبيضاء، وحدها الحاضرة في ذهني وأنا أمرّ من جانب مقهى Alaçatı في إسطنبول قبل أعوام.

ورغم انتشاره الكبير في عدة مناطق بما فيها المجمعات التجارية، لم أدخل المقهى إلا صيف عام 2018، وأنا أنتظر بدء مباراة البرازيل ضد بلجيكا في ربع النهائي من كأس العالم.

البوظة بنكهة المستكة الرائعة! كانت ألذّ ما تذوقت من مثلجات في إسطنبول، في ذاك المقهى.

حينها أيقنْت أن اسمه يُنسب إلى بلدة تركية تقع على الساحل الغربي لبحر إيجة في مقاطعة إزمير، وتكتظّ بآلاف السياح سنويّاً.

Alaçatı - ألاجاتي إذاً كانت وُجهتي السياحية الجديدة التي ازداد شوقي إلى السفر إليها، بعدما زارها صديقاي قبل شهرين وأنعما عليّ بتفاصيل عن المكان وصور ساحرة لشاطئها وناسها الطيبين.

لم يكُن حجز فندق في البلدة الصغيرة أمراً صعباً، فهناك عشرات، تجدها على مواقع كثيرة مثل tripadvisor و trivago وغيرها.

وقع اختياري على فندق Meydan d’Azur Alaçatı، كان الأكثر بساطة والأفضل سعراً من غيره، فلم يتجاوز حجز الليلة فيه 140 ليرة تركية (25 دولاراً).

لكن الوصول إلى البلدة لم يكن بطريقة مباشرة من إسطنبول، فكان لا بد من السفر أولاً إلى مطار عدنان مندريس في إزمير.

ومن المطار نفسه يمكن القيادة إلى البلدة أو الركوب بحافلات توصل إلى أقرب نقطة قبل الأجاتي وهي مدينة تشيشمي Çeşme؛ وهو ما فضّلته. ومن تشيشمي التي تبعد 10 دقائق بالسيارة عن الأجاتي، ركبْت سيارة تاكسي، ويمكن انتظار الحافلات الصغيرة dolmuş التي تنطلق للبلدة كل 20 دقيقة.

للاسم حكاية.. Alaçatı

كنت أقرأ أكثر عن البلدة مع اقترابي إليها أكثر. حسب بعض الروايات، فإن اسم البلدة Alaçatı كان إغريقيّاً، ولها اسم آخر لها هو "ألاجا"، ويعني "الحصان الأحمر"، ويُستخدم للمنطقة بأكملها.

لكنّ كتباً يونانية تقول إن كلمة "Alatsata" أتت من الكلمة اليونانية alas άλας التي تعني "الملح"، وسُميّت منطقة الأجاتي بهذا الاسم نسبةً إلى البحيرات الملحية المجاورة لها.

وفي أثناء تَبادُل السكان بين اليونان وتركيا، حين استقرّ اللاجئون الأتراك من اليونان في المنطقة، اعتُمد اسم "الأجاتي" للبلدة منذ ذلك الحين.

من شيشمي إلى الأجاتي، كانت الشواطئ مكتظَّة بالناس، درجة الحرارة وصلت إلى 28 مع أننا في شهر سبتمبر/أيلول.

حين تتحوَّل المنازل إلى فنادق ومقاهٍ

وصلنا إلى مدخل البلدة، لا مجال لمرور السيارات أو الحافلات الكبيرة داخل أزقّتها، لذا مشيْت حتى وصلت إلى الفندق.

فيما كنت أمر بأحياء البلدة التي حوّل أهاليها منازلهم إلى فنادق ومطاعم ومقاهٍ لاستقبال السياح، كنت أتذكر "حارة المسيحيين" في مدينة صور جنوب لبنان، فهناك أيضاً تُفتح بيوت ساكني المنطقة الهادئة إلى فنادق صغيرة، تستقطب سياحاً كُثراً يعشقون شاطئ صور النظيف.

كانت التجربة مُشابهة بشكل كبير، ومُربحة بلا شك، كما يوحي لك اكتظاظ الناس في المقاهي والمطاعم.

حين صعدت إلى غرفتي الصغيرة، كانت الساعة تجاوزت الثانية عشرة ظهراً، لكن أكرمتني صاحبة الفندق بفطور تركي لذيذ بعدما علِمَت أني سأعود إلى إسطنبول في اليوم التالي.

"تأخرت بزيارتنا، بعد أسبوعين سيبدأ البرد وتخفّ الحركة كثيراً"، أخبرتني أكثر عن موسم زيارة السياح بشكل كبير للبلدة الذي يبدأ عادةً في إبريل/نيسان من كل عام ويستمرّ حتى منتصف أكتوبر/تشرين الأول.

جولة في بلدة ألاجاتي

أنهيت الفطور وشربْت آخر رشفة من الشاي. لا أعلم ما قصة كوب الشاي الذي يختلف طعمه مع كل بلدة أو مدينة تركية أزورها؛ تشعر كأنك تتذوق الشاي التركي المخمَّر الطازج لأول مرة.

بدأت جولتي في البلدة المميزة ببيوتها الحجرية القديمة، ومقاهيها الملوَّنة، وكان أول ما استوقفني محلّ يبيع الأنتيكا اسمه Ibrahim bey، امتلأ بالمفاتيح والسلاسل والكاميرات القديمة والفناجين وغيرها.

أخبرني صديقاي عن كرم ضيافة الأهالي هنا، وقد كانا مُحِقَّيْن؛ في كل مرة كنت أدخل فيها إلى محلّ، كانت الابتسامة التي ترحّب بك تعقبها دعوة إلى شرب الشاي أو القهوة فوراً.

أما في محل Imren فكانت المستكة اللذيذة التي تذوقتها لأول مرة في مقهى الأجاتي بإسطنبول موجودة في كل منتج هنا، المربى، الشاي، القهوة، راحة الحلقوم، البسكويت، والبوظة أيضاً، حتى إن الماء الذي يُقدَّم مع القهوة ضيافة كانت فيها المستكة بالنعناع.

في البلدة تجد محلات صناعة يدوية، وتجد أيضاً المتاجر المعروفة مثل Madame Coco وWatson وغيرها.

ومارينا ألاجاتي وشاطئها...

كانت وجهتي الثانية إلى مارينا الأجاتي (المرفأ)، الذي تلفت نظرك قبل الوصول إليه الطواحين المنتشرة بكثرة هنا، فهي تعمل على تحويل طاقة الرياح إلى كهرباء.

كانت منطقة الميناء منطقة التصدير إلى إزمير حتى الحرب العالمية الثانية، ولكن المرفأ فقد أهميته وقلّ استخدامه بعد الحرب، لكنه الآن أصبح ذا شعبية بين المتزلجين.

في المارينا التي تصطفّ حولها مطاعم السمك، كانت قوارب تنقل السياح إلى جزيرة Kara ada القريبة من الأجاتي، تقدّم هذه القوارب رحلة فيها أنشطة منوعة، فهناك مثلاً تعليم الغطس وتكلفته 180 ليرة، أما الحصول على جولة في القارب حول الجزيرة مع مأكولات فالتكلفة كانت 100 ليرة.

وفي حال قررت النزول من القارب في جزيرة Kara فيمكنك السباحة هناك على الشاطئ كما يفعل بعض الزائرين.

أما الشاطئ الآخر الجميل الذي حدّثني عنه صديقاي فلم يكن في ألاجاتي، بل كان في منطقة شيشمي القريبة جدّاً.

ولا تتميز شواطئ ألاجاتي بالسباحة والغوص فقط، بل تشتهر برياضة ركوب الأمواج والتزلج الشراعي بفعل الرياح الثابتة والمياه الصافية في المنطقة.

حوّل أهالي أحياء البلدة منازلهم إلى فنادق ومطاعم ومقاهٍ لاستقبال السياح (iStock)
في كل مرة تدخل فيها إلى محلّ هنا، ترحب بك الابتسامة التي تعقبها دعوة إلى شرب الشاي أو القهوة فوراً (iStock)
اسم البلدة Alaçatı كان إغريقيّاً، ولها اسم آخر لها هو "ألاجا"، ويعني "الحصان الأحمر" (iStock)
في المارينا التي تصطفّ حولها مطاعم السمك، كانت قوارب تنقل السياح إلى جزيرة Kara ada القريبة من الأجاتي (iStock)
ألاجاتي هي بلدة تركية تقع على الساحل الغربي لبحر إيجة في مقاطعة إزمير، وتكتظّ بآلاف السياح سنويّاً (iStock)
TRT عربي