سياسة
6 دقيقة قراءة
تعاون واسع ومناورات روسية-جزائرية.. كيف انحسر نفوذ فرنسا مقابل تمدد روسيا؟
تزامناً مع تصاعد التوتر بين الجزائر وفرنسا، انطلقت مؤخراً تدريبات عسكرية مشتركة بين روسيا والجزائر في حوض المتوسط، والتي من المتوقع أن تستمر إلى يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، ما اعتبره كثيرون بمثابة رسالة مباشرة إلى باريس.
تعاون واسع ومناورات روسية-جزائرية.. كيف انحسر نفوذ فرنسا مقابل تمدد روسيا؟
تعاون واسع ومناورات روسية-جزائرية.. كيف انحسر نفوذ فرنسا مقابل تمدد روسيا / Getty Images
17 نوفمبر 2021

سعياً منها لاستعادة نفوذها السياسي والعسكري في إفريقيا، الذي كان قد تراجع مع انهيار الاتحاد السوفييتي قبل عقود، تقود موسكو منذ عام 2018 سياسة خارجية أكثر انفتاحاً في الملفات والتحولات الإفريقية، مزاحمة في ذلك فرنسا التي لطالما اعتبرت هذه المنطقة، امتداداً جيوستراتيجياً لها.

وفي هذا السياق صرح الرئيسي الروسي فلاديمير بوتين، خلال أول قمة روسية-إفريقية انعقدت في سوتشي، أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2019 قائلاً : "إن تقوية العلاقات مع البلدان الإفريقية تعد إحدى أولويات السياسة الخارجية الروسية"، معلناً في الأثناء عن استثمارات كبيرة في عدة مجالات وشراكات مع عدة بلدان إفريقية.

وفي الوقت الذي بدأ فيه الوجود الفرنسي يتآكل في منطقة الساحل الإفريقي مقابل تمدد النفوذ الروسي، اشتعل فتيل أزمة دبلوماسية مع الجزائر بلغ ذروت خلال الفترة الأخيرة، ويبدو أن روسيا على غرار بقية اللاعبين الإقليميين المتزاحمين على القارة السمراء لن تفوت فرصة استثمار الخلاف لبناء تحالف وشراكة مع بلد تطمح أن يكون بوابتها نحو إفريقيا.

تعاون عسكري واستراتيجي

بالرغم من أن علاقة التعاون بين الجزائر وروسيا ليست بالجديدة، إلا أنها شهدت تطوراً ملحوظاً على مختلف الأصعدة خلال الفترة الأخيرة، استدعى انتباه الكثيرين، ورجح احتمال استثناء الجزائر لفرنسا من دائرة التحالفات الرئيسية لها، مقابل تمتين العلاقات وتطويرها مع روسيا، بخاصة مع احتدام الخلاف بين باريس والدولة المغاربية مؤخراً.

ويبدو أن آخر مناورة عسكرية مشتركة بين القوات الروسية والقوات الجزائرية في حوض المتوسط، قد تلقفها صناع القرار الفرنسي بمثابة التنبيه والرسالة المباشرة على انكفاء الدور الفرنسي في هذه المنطقة مع بداية التمدد الروسي، رغم أنها لم تكن المناورة الأولى حيث قد نظمت أيضاً البحرية الروسية والجزائرية مناورة سابقة في نوفمبر/تشرين الثاني 2019.

ووفق ما أشارت إليه وزارة الدفاع الجزائرية في بيان رسمي فإنه : "قد وصلت مفرزة سفن حربية للبحرية الروسية تتكون من الفرقاطة "الأميرال غريغوريفيتش" والطواف "دميتري روغاتشيف" وزورق الإنقاذ "أس بي 742"، التي تتبع الأسطول البحري الروسي الدائم في البحر الأبيض المتوسط، إلى ميناء الجزائر، للمشاركة في مناورات مشتركة مع البحرية الجزائرية تحت عنوان "المناورة البحرية المشتركة 2021"، والتي تستمر حتى 20 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي."

وتندرج التدريبات العسكرية المشتركة بين القوتين في حوض المتوسط، في إطار التعاون العسكري والاستراتيجي المتفق عليه بين البلدين. وكان وفد عسكري روسي قد زار العاصمة الجزائرية خلال سبتمبر/أيلول الماضي، لبحث التعاون الثنائي في المجال العسكري التقني مع الجزائر. واستضافت لاحقاً عقب هذه الزيارة، المنطقة العسكرية الجنوبية لروسيا الاتحادية، نحو 80 جندياً من الجيش الجزائري للتدريبات المشتركة مع الجنود الروس، وذلك لأول مرة.

ويعتبر خبراء ومحللون، في ذلك تحولاً سريعاً في نسق التعاون العسكري المشترك بين البلدين الذين يبدو أنهما يتجهان نحو مزيد من تطوير العلاقة في ظل التحولات الإقليمية الأخيرة.

فعلى الصعيد ذاته تعتبر الجزائر أيضاً من بين أهم مستوردي الأسلحة العسكرية الروسية، وتحتل في ذلك المرتبة الثالثة عالمياً. وقد أبرمت أول اتفاقية عسكرية ضخمة في عهد بوتين مع الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة عام 2006 بقيمة 7.5 مليار دولار مقابل شطب الديون الجزائرية حينها إلى روسيا، عقبها بعد ذلك وإلى اليوم إبرام العديد من الاتفاقيات الأخرى في قطاعات الصناعات الدفاعية والعسكرية وقطاع النفط والغاز والمناجم والنقل والصحة.

فرنسا تخسر أكبر سوق للحبوب

أما على الصعيد الزراعي، فبعد أن كانت فرنسا المورد الرئيسي الذي يزود الجزائر بحاجتها من القمح، تسللت روسيا مؤخراً إلى هذا السوق الضخم، عارضة في الأثناء أسعاراً تنافسية مع فرنسا ومغرية للجانب الجزائري.

وفي الوقت الذي بدأت فيه الجزائر تسعى فعلياً إلى التخلص من الاستحواذ الفرنسي المستمر منذ عقود في مختلف القطاعات الحيوية، قرر البلد الإفريقي تغيير شروط استيراد القمح والانفتاح على أسواق أوروبا الشرقية.

واعتبرت المناقصة الأخيرة التي أعلنت عنها الجهات الرسمية في الجزائر ضربة للفلاحين الفرنسيين وللسلطات الفرنسية.

ووفق ما أعلنت عنه وسائل إعلامية محلية جزائرية فقد دخلت 4 شركات روسية وأوكرانية قائمة مورّدي القمح إلى الجزائر، بهدف "الانفتاح على أسواق أوروبا الشرقية والتخلّص من الهيمنة والاحتكار الفرنسي".

روسيا منافس لفرنسا في الجزائر

تعيش اليوم فرنسا أحلك فتراتها في مناطق نفوذها الإفريقي السابقة، وذلك مقابل التمدد والحضور القوي لروسيا في المنطقة، سواء عبر المليشيات الروسية "فاغنر" المنتشرة في الساحل الإفريقي، أو عبر إبرام عدة اتفاقيات عسكرية واستراتيجية وتطوير الشراكات المختلفة مع عدة أقطاب ودول افريقية، لطالما امتعضت من الاستنزاف والاستحواذ الفرنسي لها منذ عقود، حتى بعد حصولها على الاستقلال.

وبينما شهدت العلاقات بين الجزائر وفرنسا توترات شديدة خلال الفترة الماضية انتهت بإغلاق الجزائر أجواءها أمام الطائرات الفرنسية المتجهة إلى الساحل الإفريقي ورفض الرئيس الجزائري زيارة باريس لحضور مؤتمر فرنسا حول الملف الليبي بدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يرجح خبراء ومحللون أن موسكو لن تفوت الفرصة في ملء الفراغ الفرنسي وتمتين علاقتها وتطويرها مع الجزائر، التي ستسعى روسيا لتكون بوابتها نحو القارة السمراء التي تزخر بالموارد والثروات وتعزز من قوة ونفوذ اللاعبين الإقليميين المتنافسين.

مصدر:TRT عربي
اكتشف
مفوضية اللاجئين تتوقع عودة مليون سوري إلى بلادهم في 2026
شهيدان ومفقودون في غزة جراء انهيار مبنى تضرر بالحرب وسط استمرار خرق الاتفاق
واشنطن تحتجز ناقلة نفط ثانية قبالة فنزويلا.. وكاراكاس تستنكر وترفض "السرقة"
الولايات المتحدة تحتجز ناقلة نفط ثانية قبالة فنزويلا
استشهاد فلسطينيَّين أحدهما طفل برصاص جيش الاحتلال في الضفة
رئيس الاستخبارات التركية يبحث مع وفد حماس بإسطنبول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
ويتكوف: اجتماع ميامي يهدف إلى دفع الاستعدادات للمرحلة الثانية من اتفاق غزة
جيش الاحتلال يستهدف فلسطينيين شمال غزة والدفاع المدني ينتشل جثامين 94 شهيداً
وزير الدفاع التركي يؤكد ضرورة تطهير "قسد" من الإرهاب قبل دمجها بالجيش السوري
تركيا تتحدث عن تفاصيل اجتماع ميامي بشأن الانتقال إلى المرحلة الثانية في غزة
رئيس الوزراء اللبناني يؤكد قرب انتهاء المرحلة الأولى من خطة "حصر السلاح بيد الدولة"
رئيس وزراء السودان يتوجه إلى الولايات المتحدة لبحث تداعيات الحرب وإفراج جزئي عن كوادر طبية في نيالا
أردوغان يعلن بدء بناء حاملة طائرات محلية ثانية ويؤكد تعزيز قدرات الردع التركية
بزعم "حظر التطرف".. أستراليا وألمانيا توسعان حظر رموز حماس وحزب الله بعد هجمات بوندي
إصابة فلسطينيَّين واعتقال آخرين خلال اقتحامات إسرائيلية في الضفة الغربية