قلب تركيا الاقتصادي.. كيف تخطط تركيا لتحصين إسطنبول ضد الزلازل؟ / صورة: AA (Muhammed Enes Yildirim/AA)
تابعنا

دفعت عاصفة الزلازل المدمرة، التي تعرضت لها تركيا في 6 فبراير/شباط، المسؤولين إلى إعادة التفكير في كيفية التعامل مع الزلزال الكبير المنتظر أن يضرب بأي وقت منطقة مرمرة المحيطة بمدينة إسطنبول، والتي تعد بمثابة قلب تركيا الصناعي نظراً لانتشار معظم المصانع والشركات التركية في هذه المنطقة المكتظة بالسكان والمعرضة للزلزال.

فبعد الخسائر الفادحة في الأرواح والممتلكات التي خلّفتها ما وُصفت بأنها أسوأ كارثة في تاريخ تركيا الحديث، والتي تسببت في مقتل أكثر من 45 ألف شخص وأدت إلى دمار أكثر من 200 ألف مبنى في 11 مقاطعة في جنوب شرق تركيا، انتعشت المخاوف مجدداً في إسطنبول التي هي بالأساس على موعد مع زلزال يتوقع أن يكون كبيراً.

وبينما تضمد تركيا الجروح في المناطق المنكوبة التي ضربتها زلازل الشهر الماضي، تركز في الوقت ذاته على اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة وإدخالها حيز التنفيذ بسرعة قبل وقوع زلزال إسطنبول الذي يتوقع أن يكون بمثابة "زلزال تركيا الكبير".

%30 من سكان تركيا

في عام 1999 تعرضت إسطنبول والمنطقة المحيطة بها، والتي تقع بالقرب من صدع شمال الأناضول الزلزالي النشط، لزلزالين قويين تفصل بينهما ثلاثة أشهر فقط، تسببا في مقتل ما يقرب من 20 ألفاً، ما يعني أن زلزالاً بهذه القوة والشدة من شأنه أن يلحق ضرراً بالغاً في الأرواح والممتلكات، فضلاً عن الهزة القوية التي قد يتعرض لها الاقتصاد التركي.

وتقع إسطنبول وثماني مدن أخرى هي: بورصة، كوجالي، باليكسير، تكيرداغ، جناق قلعة، سكاريا، كيركلاريلي ويالوفا، إما فوق صدع شمال الأناضول الزلزالي أو بالقرب منه، ما يعني أنها ستتأثر كلياً أو جزئياً بزلزال إسطنبول الكبير المتوقع.

وبالإضافة إلى إسطنبول التي يسكنها حالياً 18.7% من سكان تركيا بإجمالي 15.9 مليون شخص، فإن الزلزال المنتظر يهدد بشكل مباشر ما مجموعه 25.6 مليون شخص موزعين على ما يقرب من 8 ملايين أسرة في إسطنبول والمحافظات المجاورة، وهو ما يشكل نحو 30% من إجمالي سكان تركيا.

إسطنبول.. قلب تركيا الاقتصادي

تعتبر إسطنبول بمثابة قلب الاقتصاد التركي، فهي المركز الحيوي الذي يوفر جميع العمليات الاقتصادية، والتي تشمل الإنتاج والتوزيع والتجارة الخارجية والخدمات اللوجستية والتمويل في المحافظات الـ80 الأخرى. لهذا السبب، يشكل الزلزال الكبير المتوقع في المنطقة تهديداً حيوياً للبلاد بأكملها بسبب احتمال شل اقتصاد البلاد.

وفي المحافظات التسع التي يهددها زلزال إسطنبول، يوجد ما مجموعه 470 شركة من بين أكبر 1000 شركة صناعية في تركيا، 307 منها في إسطنبول فقط. فيما تمثل هذه المقاطعات 64% من صادرات تركيا، وتدفع 61% من الضرائب. وفي عام 2022، حققت إسطنبول وحدها حصة 49% من إجمالي صادرات تركيا بواقع 124.6 مليار دولار، من إجمالي صادرات وصلت إلى نحو 254.2 مليار دولار.

وبينما تشكل إسطنبول وحدها 31.4% من إجمالي الناتج المحلي لتركيا، فإنها رفقة المدن الثمانية المجاورة يشكلون نحو 48% من إجمالي الناتج المحلي. بعبارة أخرى، يجري إنشاء نصف الدخل القومي لتركيا من خلال 9 مقاطعات من المتوقع أن تتعرض لزلزال كبير.

خطة عمل ضخمة

في حين أن هناك 4 ملايين و755 ألف و86 أسرة في إسطنبول، فإن أكثر من نصف المباني المسكونة هي مبانى بُنيت قبل زلزال مرمرة عام 1999، ما يعني أنها قد تكون شيدت دون مراعاة التصميم المقاوم للزلازل. وبينما بدأت بلدية إسطنبول في استقبال طلبات تقييم المباني والمباشرة في هدم الخطرة منها، أغلقت ولاية إسطنبول 93 مدرسة وعدداً من المستشفيات لأن مبانيها قديمة ولن تتحمل أي زلزال قادم.

من جانبه، قال وزير البيئة والتطوير العمراني التركي مراد كوروم، الثلاثاء، إنه سيجري نقل حوالي 1.5 مليون وحدة سكنية في إسطنبول تعتبر محفوفة بالمخاطر، إلى ما قال إنهما منطقتان احتياطيتان مخطط لهما في الجانبين الأوروبي والآسيوي من المدينة.

وأضاف كوروم: "لقد أكملنا خطتنا الاستراتيجية المكانية الوطنية، وسنتخذ خطوات لتعزيز مناطقنا الصناعية ضد الزلازل بخطط لوجستية جديدة". مشيراً إلى أن الرئيس رجب طيب أردوغان سيعلن عن مشاريع أساسية في الأيام المقبلة.

TRT عربي