منذُ 2017 فككت قوات الأمن الفرنسي 6 جماعات إرهابية يمينية" كانت تخطط لعمليات عنف واسعة بالبلاد (AA)
تابعنا

في حادثة تشغل العالم منذ حصولها يوم الثلاثاء الماضي، تلقى ماكرون صفعة على يد رجل قالت الشرطة الفرنسية إنها عثرت على نسخة من كتاب "كفاحي" لأدولف هتلر وأسلحة نارية في منزله. داميان تاريل (28 عاماً) الذي، وقبل أن تمتد يده إلى وجه رئيس الجمهوريَّة، صاح قائلاً: "تسقط الماكرونية" وأتبعها بصيحة حرب تعود إلى عهد الملكية ما قبل 1789.

ومع أن المشتبه به ليس له سجل إجرامي سابق، كما سبق وأوردت وسائل الإعلام، إلا أن كل ما ذكر يؤشر لأمر واحد هو: ارتباطه بجماعات اليمين المتطرِّف. بل وأكثر من ذلك، صيحاته الملكية تدل على تموقعه أيديولوجياً على أقصى يمين اليمين المتطرِّف، أو ما يسمى بتيار "الرجعية الجديدة" المنتشر بكثرة في أوروبا وأمريكا الشمالية، الذي صنَّفه الكونغريس الأمريكي سنة 2019 كـ "أخطر تهديد إرهابي" تواجهه البلاد، حيث تحقق خطره خلال الهجوم على مبنى الكابيتول الأمريكي في يناير/ 6 كانون الثاني مطلع هذه السنة وكانت تلك الأيديولوجيا هي المتبناة من أغلب من قادوه.

ويعد هذا التيارُ الأكثر تطرفاً بين تيارات اليمين المتطرِّف، حيث يتبنى موقفاً مناهضاً للديموقراطية، وداعياً للرجوع إلى أنماط حكم قروسطية كالملكيات السلطوية، كما يؤمن بالتفوق العرقي وتقييد الأدوار الجندرية داخل المجتمع. ومن هنا يصدق ربطنا المعتدي على ماكرون به، كما تحيلنا تقاريرُ صحفية وتحقيقات إلى تصاعد خطرِ هذه الجماعات العنصرية المسلحة بفرنسا، مما يهدد بأعمال إرهابية محتملة.

ماكرون مسؤول عن تفشي اليمين المتطرف

في تعليقه على الصفعة رد الرئيس الفرنسي بأنها كانت "حادثة فرديَّة" وأن "لا شيء يستدعي التوجس حيالها". الأمر الذي لم تستسغه فعاليات فرنسية، على رأسها الصحفي المخضرم إيدوي بلينيل، الذي كتب قائلًا: "هذه الفعلة تعبِّر عن عنف اليمين المتطرِّف الذي سمح له الاستهتار وانعدام المسؤولية المكرونية بالتفشي".

"نحن الآن أمام يمين متطرف يملي أجندته على الساحة السياسية الفرنسيَّة، بالتواطؤ الكلبيِّ لرأس السلطة وحكومته" يضيف بلينيل في افتتاحيَّة عنونها بـ "الكارثة إلى الأمام"، في إشارة إلى المسار الخطير الذي تقود فيه حركة ماكرون البلاد نحو الكارثة، حيث "الأسوأ هو القادم"، فيما العنف الحاصل "ليس ارتداداً على استهتار السلطة مع هذا الخطر اليميني، بل ومنحه الشَّرعيَّة عبرَ شيطنة المعارضة اليساريَّة".

و "أمام تحرر هذه الموجة اليمينية المتطرفة العنصرية، الإسلاموفبيَّة والمعادية للمهاجرين والمثليين ولليهود، لم يقتصر ماكرون على غض الطرف عنها، بل منحها الممر السريع نحو الصعود والانتشار"، عبرَ أدوات حددَّها الكاتب الصحفي في استخدام وصف "الانعزالية" للتفرقة بين الفرنسيين على أساس الديانة، و"جعل المسلمين أكباش فداء للرهان السياسي" الماكروني، وكذلك عبر وسم اليسار بـ "الإسلامية اليسارية" لأجل وقوفهم مع حق وحريَّة المسلمين، وسم "أشبه باليهودية البلشفية" الذي كان يستخدم إبان حكم المارشال النازي بيتان.

"الإرهاب الأبيض" يجتاح فرنسا

قبلَ ما يزيد عن أسبوعين، كان موقع Médiapart الذي يديره إيدوي بلينيل قد نشر تحقيقاً يكشف أنه: "منذُ 2017 إلى اليوم فككت قوات الأمن الفرنسي 6 جماعات إرهابية يمينية" كانت تخطط لعمليات عنف واسعة بالبلاد. عمليات "كانت تستهدف قلب نظام الحكم باستعمال السلاح"، وتعمد إلى تصفية شخصيات، بما فيها رئيس الجمهوريَّة إيمانويل ماكرون وزعيم حركة "فرنسا الأبيَّة" جان لوك ميلانشان.

ميلانشان نفسه، وحزبه وكتلته الناخبة، الذين كانوا مؤخراً موضوع تهديد جديد بالتَّصفية البدنية، في مقطع فيديو نشره مدوِّن ينتمي إلى جماعات اليمين المتطرِّف، ويصور عملية قنص وطعن لدمية، يقول القائم بتلك الأفعال إنها ناخبة للحركة اليسارية، ويضيف "هكذا يموت الذين يصوِّتون على جان لوك ميلانشان".

تهديد علَّق زعيم "الأبية" بأنه: "قلق للوضعيَّة التي بلغتها الأمور، من تهديدات خطيرة لسلامته الشخصية وسلامة عموم الشعب الفرنسي". وأضاف "إن الأمر يتعلَّق بمؤثرٍ مشهور داخلَ الأوساط اليمينية المتطرفة، وسبق وأن صرح الصحفي إيريك زيمور أنه صديقه". هذا وتوجَّه السياسي الفرنسي بشكاية إلى السلطات الفرنسية وبعث لشركة يوتيوب من أجل حظر المحتوى، ولكنه لم يتلقّ أي تحرك من كلا الطرفين، بالمقابل دعا أنصاره إلى تقديم شكاية جماعية بالمدون صاحب المقطع التحريضي.

هذا ويورد تحقيق Médiapart، مضيفاً على لسان رئيسة شعبة مكافحة الإرهاب بمحكمة باريس، قولها: "كنا في ما مضى نتعامل مع إرهاب اليمين المتطرف باعتباره حالات فرديَّة، الآن نحن أمام مشروع إرهابي متطور جداً". وفي السياق ذاته كشف تقرير آخر لجريدة Le Monde هذه المرة، بأن إحدى الجماعات الإرهابية التي جرى تفكيكها تتكون من 1000 عضو نشيط، وتبلغ دائرة تأثيرها إلى 2000 شخص.

فيما أطلقت فعاليات يسارية دعوات للتظاهر يوم 12 يونيو/حزيران الجاري، احتجاجاً على تصاعد خطاب الكراهية والعنصرية اليمينيَّة المتطرِّفة، والاعتداءات التي أصبحت تستهدف بشكل واسع الأقليات والمعارضين اليساريين بالبلاد.

TRT عربي