ما مدى عجز الدفاعات الجوية الأوكرانية؟ / صورة: Reuters (Reuters)
تابعنا

دفعة ثانية من الوثائق السرية لوزارة الدفاع الأمريكية سُربت على وسائل التواصل الجمعة، بعد الدفعة الأولى من التسريبات أواخر فبراير/شباط الماضي، ما اعتبره مسؤولون بالبنتاغون "كابوساً"، لا للولايات المتحدة فحسب، بل لحلفائها الكنديين والبريطانيين والأستراليين والنيوزيلانديين.

ووفق تقرير لـ"نيويورك تايمز" تضمنت هذه الدفعة الجديدة من التسريبات أزيد من 100 وثيقة سرية، منها ما منع البنتاغون مشاركته مع الدول الأجنبية. وتكشف معلومات استخباراتية وعسكرية حساسة بخصوص عدد من دول القضايا، من المعارك في أوكرانيا إلى الصين، مروراً بإفريقيا والمحيط الهادي.

ومما كشفته هذه الوثائق، مدى العجز الذي تعرفه الدفاعات الجوية الأوكرانية، بوصول مخزونات البلاد من الذخائر إلى مستويات حرجة، واحتمال نفادها مايو/أيار القادم، إذا لم يُعوَّض النقص، ما قد يكشف الأجواء الأوكرانية بعد نحو 6 أشهر من تعرضها لهجمات جوية عنيفة، كما قد يحبط الهجوم الذي تعد كييف لإطلاقه في الربيع.

ما مدى عجز الدفاعات الجوية الأوكرانية؟

تعتمد الدفاعات الجوية الأوكرانية بشكل أساسي على الأنظمة التي ورثتها البلاد عن الاتحاد السوفيتي، وفي معظمها أنظمة دفاع صاروخي أرض-جو من طراز S-300. حيث تتوفر على نحو 250 منظومة من هذا الطراز، وهو ما يمثل أزيد من 89% من مجهود الدفاع الجوي الأوكراني.

بالمقابل يكشف تقرير سُرب عن البنتاغون يعود إلى أواخر فبراير/شباط الماضي أن الدفاعات الجوية الأوكرانية تواجه وضعية حرجة بسبب قرب نفاد ذخائر أنظمة S-300. وتقول التسريبات إن مخزونات هذه الذخيرة ستنفد بين منتصف أبريل/نيسان الجاري و2 مايو/أيار القادم، في حال لم يجرِ تعويض نقصها.

وتصف الوثيقة المسربة بأن منظومات S-300 تستخدم بشكل كبير في توفير غطاء جوي للجنود الأوكران على جبهات القتال، وتمنع الطيران الروسي وقدراته الصاروخية تنفيذ ضربات مباشرة لهم، ما قد يحبط هجوم الربيع الذي تعد له كييف طول شهور الشتاء.

وإذا لم يُستدرك هذا العجز الأوكراني، حسب الوثيقة، ستكون الأجواء الأوكرانية مكشوفة أمام الطائرات والصواريخ والمسيرات الروسية. وهو ما تؤكده "نيويورك تايمز"، على لسان مسؤول كبير في البنتاغون، فإن مثل هذه السيناريو سيكون تحدياً كبيراً لأوكرانيا، بخاصة إذا جرى منح الطائرات المقاتلة والقاذفات الروسية حرية أكبر لمهاجمة مواقع قوات كييف وأهداف المدفعية الأساسية على الأرض.

فيما رفض المتحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية الكولونيل يوري إهنات، التعليق على ما ورد في التسريبات. واكتفى بالقول: "إذا خسرنا معركة السماء، فإن العواقب ستكون خطيرة للغاية على أوكرانيا"، وحث الحلفاء الغربيين على تقديم المساعدة لأن "هذا ليس وقت المماطلة"، على حد تعبيره.

ماذا ستفعل واشنطن؟

حتى الآن، لم تسلم الولايات المتحدة لكييف سوى نظامين من طراز "NASAMS"، جرى نشرهما في كل من زابوريجيا وخيرسون. واحتفت وزارة الدفاع الأوكرانية بنجاعته مؤخراً، قائلة إنه "أسقط نحو 100 صاروخ ومُسيرة انتحارية روسية".

بالمقابل كانت إدارة بايدن أعلنت في 4 أبريل/نيسان الجاري أنها سترسل صواريخ اعتراضية وذخائر إضافية للدفاع الجوي الأوكراني، كجزء من حزمة مساعدات بقيمة 2.6 مليار دولار، سيجري استخدام جزء منها لمساعدة كييف في الاستعداد لهجوم الربيع المخطط له.

وبخصوص هذا تورد "نيويورك تايمز" نقلاً عن مسؤولي الدفاع الأمريكي بأن الحسم في ما إذا ستكون هذه المساعدات كافية لسد العجز الأوكراني يعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك ما إذا كان حلفاء الناتو ينفذون عمليات التسليم الخاصة بهم، وما إذا كان بوتين سيواصل رفض المخاطرة بطائراته الحربية القيمة.

عجز في الذخائر

وتعاني أوكرانيا عجزاً كذلك في الذخائر المدفعية، إذ تستخدم كييف المدفعية بكثافة . وتقدَّر أعداد المدفعية المستخدمة من القوات الأوكرانية بنحو 1600 وحدة، منها 1150 ورثتها البلاد من الحقبة السوفيتية: 750 هاوتزر يطلق قذائف 152 ملم، 350 هاوتزر يطلق قذائف 122ملم.

بالإضافة إلى أكثر من 424 مدفعية تلقتها كييف كمساعدات من حلفائها الغربيين، بما فيها أزيد من 352 مدفعية طويلة المدى تستخدم قذائف عيار 155ملم، منها 152 من طراز "M777" من الولايات المتحدة وكندا، و47 من طراز "Caesar" من فرنسا والدنمارك، و20 من طراز "PzH2000" من ألمانيا.

فيما استخدام هذا العدد الكبير من المدفعية، يجعل الجيش الأوكراني يستهلك بشكل كبير ذخائرها. وحسب ورقة حقائق نشرتها وزارة الدفاع الأمريكية، استخدمت قوات كييف ما معدله 3000 قذيفة من عيار 155 ملم في اليوم, وفي تقديرات أخرى قد يبلغ العدد 10 آلاف قذيفة في اليوم.

وقالت وزارة الدفاع الأمريكية، إنها زودت أوكرانيا بمليون قذيفة، بالإضافة إلى مليون أخرى من القذائف بعيارات أقل (152، 122 و105 ملم). ورغم هذا يتزايد الطلب الأوكراني على هذه الذخائر مع قرب الربيع، ما عبَّر عنه وزير دفاع كييف أوليكسي ريزنيكوف منتصف فبراير/شباط الماضي بالقول: "مهمة اليوم تأمين ما يكفي من الذخائر".

TRT عربي