لهذا المكان رمزية كبيرة، خصوصاً من الناحية التاريخية والسياحية، إذ أصبح قِبلة للزوار من كل مكان ووجهة للمهتمين بتاريخ الثورة التحريرية (Others)
تابعنا

فوجئ الاستعمار الفرنسي بتوقيت وسرية تحضيرات الثورة الجزائرية التي اندلعت في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 1954، وكان تراب ثاغيث بجبال الأوراس شرقي الجزائر مسرحاً لأولى رصاصات الثوار.

"ثاغيث" تعني نقيشة لاتينية تذكّر برحلة فصيلة عسكرية رومانية عام 145 ميلادياً، حسب لافتة تعرّف بهذه التسمية موجودة في الموقع الذي انطلقت منه ثورة التحرير (1954-1962) ضد الاستعمار.

في الموقع ذاته وُضعت لافتة مكتوب فيها "ثاغيث موقع اندلاع ثورة أوّل نوفمبر"، وإلى جانبها نصب تذكاري يخلّد أسماء الشهداء الذين سقطوا في تلك المعارك.

ويمتد الطريق إلى ثاغيث على مسلك جبلي يزيد علوه كلّما تقدمت، وعلى جانبيه تتراءى بين فينة وأخرى حقول المشمش وواحات النخيل، وبعد قطع نحو 80 كيلومتراً، تلوح في الأفق منعرجات خطيرة وسط الصخور والأحراش، بها موقع ثاغيث على مقربة من قرية تسمى أولاد موسى.

ويوضح الدكتور وأستاذ التاريخ المعاصر بجامعة باتنة، حمال مسرحي، أن موقع ثاغيث أحد المواقع التي نُفّذّت فيها العمليات الأولى فقط.

وتابع: "في بلدية تكوت موقعان آخران، نُفّذَت فيهما عمليات قطع الأسلاك الهاتفية، وتفجير الجسر، ثم إطلاق الرصاص على ثكنة الدرك الفرنسي".

وأوضح أنّ "اندلاع الثورة التحريرية ليلة 1 نوفمبر 1945 لم يكن في باتنة وحدها، بل شمل كل مناطق البلاد مثلما خطّط له القادة الستة الذين أشرفوا على التحضير للعمل المسلح".

ومجموعة القادة الستة تضمّ مصطفى بن بولعيد، ومراد ديدوش، وكريم بلقاسم، ورابح بيطاط، والعربي بن مهيدي، ومحمد بوضياف.

وقال أستاذ التاريخ: "هذه العمليات العسكرية كانت في توقيت متقارب، وكثافتها في منطقة الأوراس عموماً مردّها إلى التحضير الجيّد الذي أشرف عليه الشهيد مصطفى بن بولعيد ومن كان معه"، وفق حديثه لوكالة الأناضول.

وزاد: "دور كبير لعبته المنظمة السرّية (النواة الأولى لنظام جيش التحرير الجزائري، ونشأت عام 1947) في السلاح والذخيرة".

ورجع مسرحي اهتمام الناس بهذا الموقع وتحوله إلى معلم تاريخي، إلى موقعه بطريق وطني، في حين أن باقي العمليات في أماكن معزولة لم تحظَ بالشهرة والترويج الكافي.

وحول ذاكرة ثاغيث، يروي الصحفي والباحث في القضايا التاريخية صالح سعودي: "أشهر قادة الثورة مصطفى بن بولعيد اجتمع قبل ساعات من انطلاق الثورة بقرية أولاد موسى، التي تمتلك طبيعة جبلية حصينة، بنوابه أمثال عباس لغرور، وشيحاني بشير، وعاجي العجّول، وغيرهم، لتوزيع السلاح وتوزيع الأفواج بمناطق باتنة وبسكرة وخنشلة".

وأوضح: "لهذا المكان رمزية كبيرة، خصوصاً من الناحية التاريخية والسياحية، إذ أصبح قِبلة للزوار من كل مكان ووجهة للمهتمّين بتاريخ الثورة التحريرية".

وثورة التحرير الجزائرية جرت بين عامَي 1954 و1962، وانتهت بطرد الاستعمار الفرنسي من البلاد بعد فترة احتلال دامت 130 سنة منذ عام 1830.

وتقول السلطات الجزائرية إن الاستعمار (1830-1962) قتل أكثر من 5 ملايين شهيد، إلى جانب نهب الثروات ومحاولات طمس الهوية الوطنية.

وتحتفل الجزائر الثلاثاء بالذكرى الستين لاستقلال البلاد في 5 يوليو/تموز 1962، تحت شعار "تاريخٌ مجيد وعهدٌ جديد"، مع تنظيم عرض عسكري وُصف بالضخم، لأول مرة منذ عقود.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً