وأشار الشرع في كلمته إلى أن "الحكاية السورية حكاية صراع بين الخير والشر، وبين الحق الضعيف الذي ليس له ناصر إلا الله، والباطل القوي الذي يملك كل أدوات القتل والتدمير"، مضيفاً أن الحكاية السورية "عبرة من عبر التاريخ وتمثيل حقيقي للمعاني الإنسانية النبيلة".
وتحدث الرئيس السوري عن تاريخ سوريا الحضاري، مؤكداً أن بلاده كانت دوماً "منارة يقتدي بها العالم"، مستدركاً بقوله: "غير أن سوريا منذ 60 عاماً وقعت تحت وطأة نظام ظالم غاشم يجهل قيمة الأرض التي حكمها، ويقهر الشعب الودود المسالم".
وأكد الشرع في كلمته أن "النظام السابق استخدم أبشع وسائل القتل والتعذيب، بما في ذلك البراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية، مسبباً قتل نحو مليون شخص، وتشريد نحو 14 مليوناً، وتدمير نحو مليوني منزل".
وأضاف: "لقد صبر شعبنا لسنين طويلة على الظلم والقهر والحرمان، ثم ثار منادياً بحريته وكرامته، فقوبل بالقتل والتنكيل والحرق والاغتصاب والتهجير"، وأكمل قائلاً، إن "النظام السابق مزّق بلادنا طولاً وعرضاً، وهدّم أهم حواضر التاريخ فيها، واستقدم قوات أجنبية وعصابات وميليشيات من أصقاع الأرض".
وأوضح الرئيس السوري أن ما حدث دفع الشعب السوري إلى تنظيم صفوفه لخوض "المواجهة التاريخية الكبرى"، معركة أسفرت عن سقوط النظام السابق واستعادة الشعب لحقوقه من دون تهجير المدنيين أو إلحاق الضرر بهم.
كما أشار الشرع إلى أن النظام المخلوع "ارتهن بلادنا الجميلة، وقتل نحو مليون إنسان، وعذب مئات الآلاف، وهجّر نحو 14 مليون شخص، وهدّم ما يقرب من مليوني منزل فوق رؤوس ساكنيها"، موضحاً أن "الشعب الضعيف تعرّض لأكثر من 200 هجوم موثق بالأسلحة الكيميائية، إذ استنشق نساؤنا وأطفالنا وشبابنا الغازات السامة".
واعتبر أن ما حدث "أجبر الشعب على تنظيم صفوفه والاستعداد لخوض مواجهة تاريخية كبرى في عمل عسكري خاطف". ولفت إلى أن هذه المواجهة "أسقطت منظومة إجرام استمرت 60 عاماً مع كل داعميها، وكانت عملية عسكرية ملؤها الرحمة والخير، قائمة على تغليب العفو والتسامح. معركة لم تتسبب بتهجير أي إنسان أو قتل مدني، وانتهت بنصر بلا ثأر أو عداوات، واستعاد الشعب حقوقه كاملة".
وأكد الشرع أن النصر "حقق العدالة للمظلومين والمعذبين والمهجّرين قسراً، لأمهات الشهداء والمفقودين، وانتصار سوريا كان للعالم أجمع".
وأشار الرئيس السوري إلى أن "سوريا تحولت بهذا النصر من بلد يصدر الأزمات إلى فرصة تاريخية لإحلال الاستقرار والسلام والازدهار، ليس فقط لسوريا، وإنما للمنطقة بأسرها"، وأوضح أن "الإنجاز السوري الفريد والتكاتف الشعبي دفع بعض الأطراف لمحاولة إثارة النعرات الطائفية والصراعات الداخلية، سعياً لمشاريع تقسيم البلاد وتمزيقها من جديد".
وشدّد على أن "الشعب السوري كان يمتلك الوعي الكافي لمنع استمرار الكوارث وعودة سوريا إلى مربعها الأول".
وبين الرئيس السوري أن "الدولة السورية عملت على تشكيل لجان لتقصي الحقائق، ومنحت الأمم المتحدة الإذن بالتقصي كذلك، وخلصت إلى نتائج متماثلة في شفافية غير معهودة في سوريا"، متعهداً بـ"تقديم كل من تلطخت يداه بدماء الأبرياء إلى العدالة".
من جهة أخرى، قال الشرع إن "التهديدات الإسرائيلية ضد بلادنا لم تهدأ منذ 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 إلى اليوم"، ولفت إلى أن "السياسات الإسرائيلية تعمل بشكل يخالف الموقف الدولي الداعم لسوريا ولشعبها، في محاولة لاستغلال المرحلة الانتقالية، ما يعرض المنطقة للدخول في دوامة صراعات جديدة لا يعلم أحد أين تنتهي".
وجدّد الشرع موقف بلاده باستخدام "الحوار والدبلوماسية لتجاوز هذه الأزمة"، وتأكيد "التزام اتفاق فض الاشتباك لعام 1974" مع إسرائيل. ودعا المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب سوريا "لمواجهة هذه المخاطر واحترام سيادة ووحدة أراضيها".
وأشار إلى أن "النشاط الدبلوماسي المكثف ساعد سوريا على استعادة علاقاتها الدولية، وإنشاء شراكات إقليمية وعالمية، توجت برفع معظم العقوبات تدريجياً عن دمشق".
وطالب الشرع برفع العقوبات "بشكل كامل حتى لا تُستغل أداة لتكبيل الشعب السوري ومصادرة حريته من جديد"، كما توجه الشرع بالشكر لكل من وقف إلى جانب الشعب السوري، وخصّ بالذكر تركيا وقطر والسعودية، بالإضافة إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وأكد أن "الألم الذي عاشته سوريا لا تتمناه لأي شعب آخر، فنحن من أكثر الشعوب إدراكاً لمعاناة الحرب والدمار". وتابع: "لذلك ندعم أهل غزة وأطفالها ونساءها، وباقي الشعوب التي تتعرض للانتهاك والاعتداء، وندعو لإيقاف الحرب فوراً".
والأحد، وصل الشرع وعدد من الوزراء إلى نيويورك، ليكون أول رئيس سوري يشارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، منذ 1967.
ومنذ حرب 1967 وخسارة سوريا منطقة الجولان أمام إسرائيل، اتخذت دمشق موقفاً متشدداً من المؤسسات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، معتبرة أنها منحازة لتل أبيب بسبب الدعم الأمريكي والغربي لها.
ولذلك لم يشارك أي رئيس سوري منذ الرئيس السابق نور الدين الأتاسي (1966-1970)، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة على مستوى القمة.
وفي 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، بسطت فصائل سورية سيطرتها على البلاد، منهية 61 عاماً من حكم حزب البعث، و53 سنة من سيطرة النظام السوري المنهار.
وأعلنت الإدارة السورية الجديدة، في 29 يناير/كانون الثاني 2025، الشرع رئيساً للبلاد خلال مرحلة انتقالية من المقرر أن تستمر خمس سنوات. ومنذ الإطاحة بنظام الأسد، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى تحسين علاقات مع دول المنطقة وعلى مستوى العالم.