ما الذي تتضمنه الوثائق المسربة عن البنتاغون؟ / صورة: AP (Susan Walsh/AP)
تابعنا

"هي الأضخم منذ قضيَّة ويكيليكس عام 2006"، هكذا وصف مسؤولون في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن التسريبات الأخيرة لوثائق سرية من البنتاغون. ووفق تقرير لنيويورك تايمز، التي كانت أول صحيفة تتطرق إلى الموضوع، تضمنت هذه الدفعة من التسريبات أكثر من 100 وثيقة سرية، منها ما منعت وزارة الدفاع مشاركته مع الدول الأجنبية.

وتكشف هذه التسريبات معلومات استخباراتية وعسكرية حساسة بخصوص عدد من الدول والقضايا، من المعارك في أوكرانيا إلى الصين، مروراً بإفريقيا والمحيط الهادئ. كما تفضح اختراق الاستخبارات الأمريكية أجهزة الأمن الروسية، وتجسس الولايات المتحدة على حلفائها المقربين.

وحسب موقع التحقيقات الصحفية "Bellingcat"، فإن هذه التسريبات انطلقت على منصة التواصل الاجتماعي "Discorde"، في غرف المراهقين المولعين بالعتاد العسكري ونظريات اليمين المتطرف، قبل أن تنتقل إلى الصفحات المناصرة لروسيا على تليغرام، فيما أعلنت وزارة العدل الأمريكية أنها أطلقت تحقيقات أولية، لتبيُّن مصادر التسريب.

ووضعت هذه التسريبات وزارة الدفاع الأمريكية في ورطة، إذ كشفت أجهزتها الاستخباراتية للدول المعادية، كما وضعت الولايات المتحدة في مأزق دبلوماسي في علاقاتها بأقرب حلفائها، الذين استنكروا تجسسها عليهم.

عجز الدفاعات الجوية الأوكرانية

ومما نقلته هذه الوثائق المسربة، التي تعود إلى أواخر فبراير/شباط الماضي، كان مدى العجز الذي تعرفه الدفاعات الجوية الأوكرانية، وأنها تواجه وضعية حرجة بسبب قرب نفاد ذخائر أنظمة S-300.

وتعتمد الدفاعات الجوية الأوكرانية أساساً على الأنظمة التي ورثتها البلاد عن الاتحاد السوفييتي، وهي في معظمها أنظمة دفاع صاروخي أرض-جو من طراز S-300، إذ يتوفر بها نحو 250 منظومة من هذا الطراز، وهو ما يمثّل أكثر من 89% من مجهود الدفاع الجوي الأوكراني. وتقول التسريبات إن مخزونات هذه الذخيرة ستنفد بين منتصف أبريل/نيسان الجاري و2 مايو/أيار القادم، في حال لم يجرِ تعويض نقصها.

وتصف الوثيقة المسربة أن منظومات S-300 تُستخدم بشكل كبير في توفير غطاء جوي للجنود الأوكران على جبهات القتال، وتمنع الطيران الروسي وقدراته الصاروخية تنفيذ ضربات مباشرة لهم، مما قد يحبط هجوم الربيع الذي تُعِدّ له كييف طول أشهر الشتاء.

وإذا لم يُستدرك هذا العجز الأوكراني، حسب الوثيقة، فستكون الأجواء الأوكرانية مكشوفة أمام الطائرات والصواريخ والمسيرات الروسية، حسبما تؤكد نيويورك تايمز على لسان مسؤول كبير في البنتاغون، فإن مثل هذا السيناريو سيكون تحدياً كبيراً لأوكرانيا، بخاصة إذا مُنحَت الطائرات المقاتلة والقاذفات الروسية حرية أكبر لمهاجمة مواقع قوات كييف وأهداف المدفعية الأساسية على الأرض.

ورفض المتحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية الكولونيل يوري إهنات، التعليق على ما ورد في التسريبات، واكتفى بقوله: "إذا خسرنا معركة السماء، فستكون العواقب خطيرة على أوكرانيا". وحثّ الحلفاء الغربيين على تقديم المساعدة لأن "هذا ليس وقت المماطلة"، على حد تعبيره.

واشنطن تتجسس على حلفائها

وأوضحت الوثائق المسربة تَجسُّس الولايات المتحدة على حلفائها المقربين، بما فيهم كوريا الجنوبية وإسرائيل. وكشفت إحدى هذه الوثائق تقييماً أمريكياً للسيناريوهات التي قد تدفع إسرائيل إلى تزويد أوكرانيا بالسلاح، على عكس السياسة الحالية للدولة.

وحملت وثيقة أخرى نقاشات داخلية مفصَّلة بين المسؤولين في كوريا الجنوبية، حول الضغط الذي تَعرَّضوا له من واشنطن للمساعدة على إمداد أوكرانيا بالأسلحة، بما يفيد بتنصُّت أجهزة الاستخبارات الأمريكية على حليفها الأوثق في شرق آسيا. وأظهرت وثيقة أخرى أن كبار مساعدي الرئاسة في سيول قلقون من أن الرئيس بايدن قد يتصل بالرئيس يون للضغط عليه لشحن الذخيرة إلى أوكرانيا.

وأثارت هذه الوقائع غضباً واسعاً في أوساط المسؤولين في كوريا الجنوبية، وفي ردّ سياسي عنيف، ندّد مشرعون كوريون جنوبيون بهذا الأمر واصفين إياه بأنه "انتهاك واضح لسيادتنا من الولايات المتحدة". كما تسببت التسريبات في صدام داخل البلد الأسيوي بين الحكومة والمعارضة، واتهمت الرئاسة نواب المعارضة بنشر "شكوك زائفة وسلبية" من أجل كسب الأصوات.

اختراق أجهزة الأمن الروسية

وقدّمت الوثائق المسربة معلومات تكتيكية دقيقة حول الحرب في أوكرانيا، بما فيها استباق مواعيد الضربات التي كانت تنفّذها القوات الروسية، وتحركات تلك القوات، وهو ما يفيد بنجاح الاستخبارات الأمريكية في اختراق نظيرتها الروسية، وأن واشنطن كانت أكثر علماً من كييف بما تخطّط له موسكو.

من ناحية أخرى، وحسب موقع "ديلي ميل" البريطاني، فعلى الرغم من أن هذا التسريب أبرز قدرة الولايات المتحدة على اختراق مستويات عليا من استخبارات الجهات المعادية، فقد أثار أيضاً مخاوف من أن المخابرات الروسية قد يكون لديها الآن فهم أوضح لما كان غائباً عنها بخصوص ما يفعله الأمريكيون، وهو ما يوفّر فرصة لقطع مصادر المعلومات.

مصر تبيع أسلحة لروسيا؟

ووفق ما نقلته واشنطن بوست، كشفت الوثائق المسربة أن مصر كانت تعتزم تزويد روسيا بالأسلحة، وأن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أصدر تعليمات إلى المسؤولين بـ"الحفاظ على سرية الإنتاج والشحن لتجنب إثارة المشكلات مع الغرب".

وقالت الصحيفة الأمريكية إن "الوثيقة مصنفة بالسرية للغاية"، ويعود تاريخها إلى فبراير/شباط المنصرم، وزعمت وجود محادثات بين السيسي وكبار المسؤولين العسكريين المصريين تشير إلى "خطط سرية لتزويد روسيا بـ40 ألف صاروخ".

ونفت القاهرة بالقطع ما ورد في تقرير واشنطن بوست، ووصف مسؤول حكومي مصري، في حديثه للإعلام المحلي، هذه الأخبار بأنها "عبث إعلامي"، وقال إن مصر تتبع "سياسة متوازنة" مع جميع الأطراف الدولية، ونَشرَت التصريحات عدة وسائل إخبارية مصرية تابعة للدولة.

كما اعتبر المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف المعلومات الواردة في التقرير بأنها "خدعة أخرى"، وقال ردّاً على سؤال من أحد المراسلين حول تقرير واشنطن بوست: "يبدو الأمر كأنه خدعة أخرى كثير منها موجود الآن، هذه هي الطريقة التي يجب أن تتعامل بها مع مثل هذه المطبوعات".

TRT عربي
الأكثر تداولاً