ما مصير الهجوم الأوكراني المضاد بعد التسريبات الأمريكية؟ / صورة: AFP (AFP)
تابعنا

لم تُلقِ الوثائق الأمريكية المسربة بظلالها على علاقات واشنطن مع كل من الأعداء والأصدقاء وحسب، بل كشفت أيضاً عن تخوف البيت الأبيض من فشل أوكرانيا في هجوم الربيع المضاد وأشارت إلى أن أي مكاسب ستكون متواضعة، لأن كييف تواجه نقصاً حاداً في القوات والأسلحة.

وحسب ما نقلته صحيفة الغارديان البريطانية حذرت المخابرات الأمريكية في فبراير/شباط الماضي من أن أوكرانيا قد تفشل في حشد ما يكفي من القوات والأسلحة للهجوم المضاد المخطط له في الربيع، وقد تكون النتائج "أقل بكثير" من أهداف كييف لاستعادة الأراضي التي استولت عليها روسيا.

وذكرت وثيقة نقلتها صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، ووصفت بأنها "سرية للغاية"، أن كييف كانت تواجه نقصاً كبيراً في "تكوين القوة والاستدامة" وبالتالي من المحتمل فقط أن تحقق "مكاسب إقليمية متواضعة".

الوثيقة عبارة عن مشهد سريع للوضع في أوائل فبراير/شباط 2023، وليس من الواضح إلى أي مدى تمكنت أوكرانيا، بدعم من الدول الأعضاء في الناتو، من تعويض النقص منذ ذلك الحين.

نقص في القوات والتدريب

اطلعت الغارديان على وثيقة أخرى، مؤرخة بـ23 فبراير الماضي، تعطي لمحة عامة عن التقدم المحرز في بناء 12 لواء جديد "ذي مصداقية قتالية" لقيادة الهجوم المضاد، مجهزين بعتاد مكون من 253 دبابة ونحو 1500 مركبة مدرعة أخرى من مختلف الأنواع. إذ جرى إنشاء ثلاثة ألوية من الأوكرانيين وحدهم، بينما كان من المقرر إنشاء التسعة المتبقية بمساعدة الولايات المتحدة والحلفاء والشركاء.

وجاء في الوثيقة أن الألوية التي عول عليها للمشاركة في الهجوم المضاد كانت بعيدة كل البعد عن الجاهزية لخوض القتال، إذ لم يبدأ تدريب خمسة ألوية منها وقت كتابة الوثيقة. فيما كان لدى ستة من الألوية الأخرى نصف أو أقل من المعدات التي يحتاجون إليها.

وبينما لم يؤكد البيت الأبيض رسمياً صحة هذه الوثائق، على الرغم من أن وزارة العدل بدأت بالفعل تحقيقاً جنائياً للوقوف على حادثة التسريب، لم تعلق كييف رسمياً بعدُ على التسريبات التي لم تكشف عن المعضلات ونقص القوات التي تعاني منها قوات كييف وحسب، بل كشفت أيضاً عن الانتشار العسكري الأوكراني على طول الخطوط الأمامية ونقاط ضعفها، لا سيما في شكل ونوع مخزونات الذخيرة المستنفدة.

"اللعب على المكشوف"

تمثل حادثة الكشف عن الوثائق السرية للغاية أسوأ خرق للأمن القومي لواشنطن منذ سنوات عديدة، لكن ما زاد الأمر سوءاً التفاصيل التي تضمنتها بعض هذه الوثائق حول افتقار أوكرانيا للذخيرة وطرق جمع المعلومات الاستخباراتية الأمريكية المستخدمة ضد روسيا.

وتضمنت الوثائق، التي ظهرت على الإنترنت، تفاصيل حول موضوعات عدة بدءاً من الحرب في أوكرانيا وصولاً إلى الصين والشرق الأوسط وإفريقيا، ويسعى المسؤولون الأمريكيون لتحديد مصدر التسريب، حيث قال بعض الخبراء إنه قد يكون أمريكياً.

ومع ذلك، لا يزال مسؤولون أوكرانيون، تحدثوا لوكالة رويترز الجمعة، يصرون على أن الوثائق التي تردد أنها سرّبت تحتوي على معلومات وهمية وتبدو كحملة تضليل تنفذها روسيا.

بالمقابل، لم يركز الكرملين على مصداقية الوثائق عندما نشرت لأول مرة على موقع ديسكورد (منصة اجتماعية لممارسي ألعاب الكمبيوتر) مطلع مارس/آذار الماضي، لكن سرعان ما بدأت معظم وسائل الإعلام الروسية في تصوير الوثائق على أنها مزيفة تهدف إلى توفير ستار تمويه للهجوم الأوكراني المضاد المنتظر بدؤه في أي وقت قريباً.

لهذا، قد تكون "خطط الحرب المسربة" محرجة للولايات المتحدة لكنها مفيدة لروسيا. وقد يكون التسريب مؤامرة مماثلة لتلك التي ابتكرتها القوات البريطانية في الحرب العالمية الثانية، حيث هدفت عملية "اللحم المفروم" (Mincemeat) إلى نقل خطط معركة وهمية إلى مكتب أدولف هتلر للتمويه، وفقاً لما نقلته شبكة سكاي نيوز.

ما مصير هجوم الربيع المضاد؟

نقلاً عن مصدر مقرب من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ذكرت شبكة CNN أن أوكرانيا اضطرت إلى تعديل بعض خططها العسكرية قبل هجوم مضاد جرى التبجح به كثيراً بسبب المعلومات التي كشفت عنها التسريبات.

ورداً على سؤال حول تغيير أوكرانيا لخططها، قال مساعد الرئاسة الأوكراني ميخايلو بودولياك: "إن الخطط الاستراتيجية لأوكرانيا لم تتغير، لكن الخطط التكتيكية الأكثر دقة تخضع دائماً للتغيير. فالسيناريوهات العملياتية والتكتيكية تُوضع للتنقيح باستمرار، وذلك بناء على تقييم الوضع في ساحة المعركة وتوفر الموارد ومعلومات المخابرات حول موارد العدو وما إلى ذلك".

وسبق لوثيقة مسربة أن أشارت بالتفصيل إلى الكيفية التي سيجري فيها استنفاد أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية S-300 بحلول 2 مايو/أيار المقبل إذا ما استخدمت بنفس المعدل الحالي، مما يعني أن روسيا يمكن أن تغير مسار الحرب بالطائرات النفاثة.

تجدر الإشارة أيضاً إلى أن التسريبات كشفت بالفعل عن أن اختراق الولايات المتحدة لوزارة الدفاع الروسية ومجموعة فاغنر أعمق مما كان يُفهم سابقاً، فقد جُمع كثير من المعلومات حول روسيا عبر الاتصالات التي جرى اعتراضها، ما أثار مخاوف من أن الروس قد يغيرون الآن طريقة اتصالهم لإخفاء تخطيطهم بشكل أفضل.

TRT عربي
الأكثر تداولاً