توجه غربي لإمداد أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى.. هل يتغير مجرى الحرب؟ / صورة: AFP (AFP)
تابعنا

منذ بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا قبل 14 شهراً، أعربت الولايات المتحدة ومعها حلفاؤها الغربيون عن هدفين أساسيين لسياستهم في ما يتعلق بالحرب، أولاً: مساعدة أوكرانيا على الانتصار وهزيمة روسيا عسكرياً. وثانيًا: تجنب الصدام العسكري المباشر بين الناتو وروسيا.

كانت الحيلة بالنسبة إلى واشنطن وغيرها من أعضاء الناتو الذين يقدمون مساعدات عسكرية لأوكرانيا هي حساب المدى الذي يمكنهم الذهاب إليه دون تجاوز الخط الأحمر الذي قد يؤدي إلى اندلاع صدام مباشر بين الناتو وروسيا، والذي تمثل بعدم تزويد أوكرانيا حتى اللحظة بطائرات مقاتلة أو صواريخ بعيدة المدى.

ومع ذلك يبدو أن بريطانيا قد تبنَّت رأياً مخالفاً في الأيام الماضية، فحسب تقرير حديث نشرته صحيفة واشنطن بوست، تبدو بريطانيا التي تفاخرت بكونها متقدمة على حلفائها الغربيين في إدخال أنظمة أسلحة جديدة إلى أوكرانيا، مستعدة الآن لإرسال صواريخ بعيدة المدى إلى كييف.

تحركات بريطانية

في إشعار شراء نشر في 2 مايو/أيار الجاري من قِبل الصندوق الدولي لأوكرانيا بقيادة بريطانيا، ومجموعة من دول شمال أوروبا التي أنشأت آلية لإرسال أسلحة إلى ساحة المعركة، طلبت وزارة الدفاع البريطانية "إبداء الاهتمام" بتوفير قدرات الضرب بمدى يصل إلى 300 كيلومتر، أو ما يقرب من 200 ميل. وقد طلب الإشعار الرد في غضون ثلاثة أيام.

من جانبه قال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن الذي عُقِد في فبراير/شباط الماضي: "إذا كانت في هذا الصراع لحظة يمكننا إحداث فرق بها فلماذا لا نغتنمها؟ ما الذي ننتظره؟". وقال سوناك في خطابه: "ستكون المملكة المتحدة أول دولة تزود أوكرانيا بأسلحة طويلة المدى".

وبعد الولايات المتحدة، كانت بريطانيا ثاني أكبر مورد للمساعدات العسكرية لأوكرانيا، إذ ساهمت بمبلغ 2.5 مليار دولار من الذخائر العام الماضي. على الرغم من أن هذا ليس سوى جزء بسيط مما قدمته واشنطن، فقد ادعى البريطانيون أن لديهم طليعة، فقد أرسلوا بعض الأسلحة المضادة للطائرات والدبابات لمكافحة الهجوم الروسي في فبراير/شباط 2022، ومؤخراً من خلال تدريب الطيارين على معايير الناتو للطائرات المقاتلة.

وفي سياق متصل، ذكّر المسؤول البريطاني الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بكيفية اختراق بريطانيا للخط الأحمر بإعلانها في منتصف يناير/كانون الثاني من جانب واحد أنها سترسل 14 دبابة تشالنجر بريطانية الصنع. وفي النهاية حذت الولايات المتحدة وألمانيا وغيرهما في أوروبا حذوها ووعدت بإرسال دروعها الثقيلة. وأضاف بشأن الصواريخ بعيدة المدى: "نحن نعلم أنه إذا قدمنا شيئاً ما فإنه يجعل الأمر أسهل قليلاً على الآخرين".

صاروخ كروز ستورم شادو

لم يُتخذ أي قرار نهائي بعد، وفقاً للمسؤول البريطاني نفسه الذي رفض تأكيد نوع أو توقيت أو كمية الأسلحة قيد النظر. لكن الإشعار يُعَدّ خطوة جوهرية تجاه قيام بريطانيا بتزويد مثل هذه الذخائر، التي تتطابق مواصفاتها وقدراتها بشكل وثيق مع صواريخ كروز ستورم شادو (Storm Shadow) التي تطلق من الجو.

فيما أكدت المخابرات الأمريكية أن بريطانيا لا تعتزم إرسال عدد غير محدد من صواريخ ستورم شادو إلى أوكرانيا وحسب، بل تخطط أيضاً لإرسال أفراد بريطانيين للمساعدة في الاستهداف.

وقد جرى تطوير صاروخ كروز ستورم شادو في الأصل باعتباره مشروعاً أنجلو-فرنسياً في أوائل التسعينيات ويدخل في ترسانات عدد من الدول في أوروبا والخليج. استخدمتها بريطانيا في العراق عام 2003 في ليبيا عام 2011، وجرى تكييفها لتلائم عدداً من الطائرات المختلفة. ويمكن تركيب هذه الصواريخ على طائرات أوكرانيا السوفيتية الصنع والوصول إلى الأراضي الروسية.

ويغطي مدى الصاروخ المسافة بين الأراضي التي تسيطر عليها أوكرانيا وسيفاستوبول، أكبر مدينة في شبه جزيرة القرم ومقر أسطول البحر الأسود الروسي. ومن شأن هذا النوع من الأسلحة أن يسمح لقوات كييف بتبني التكتيكات التي تستخدمها روسيا بالفعل، والتي تطلق "صواريخ كروز (من الطائرات) داخل أراضيها لتتجاوز الدفاعات الجوية الأوكرانية". برنامج دراسات الأمن الدولي المتخصص في أنظمة الأسلحة المستخدمة في حرب أوكرانيا.

هل يتغير مجرى الحرب؟

قدمت الولايات المتحدة أنظمة الصواريخ الدقيقة متعددة الإطلاق، بما في ذلك منظومة هيمارس، ولكن فقط مع الذخائر التي يقتصر مداها على نحو 50 ميلاً. وفي حزمة أسلحة جديدة أُعلن عنها في فبراير/شباط الماضي، قال البنتاغون إنه سيرسل إلى أوكرانيا قنابل صغيرة القطر أرضية الإطلاق (GLSDB) بضعف هذا المدى. ويمكن أيضاً إطلاقها من هيمارس، لكن التسليم غير متوقع حتى وقت لاحق من هذا العام على أقرب تقدير.

ومنذ فترة طويلة، تناشد أوكرانيا الدول الغربية للحصول على صواريخ ذات مدى أطول، بحجة أن مثل هذه الأسلحة يمكن أن تغير مسار الحرب من خلال السماح لقواتها باستهداف مراكز القيادة الروسية وخطوط الإمداد والذخيرة ومستودعات الوقود في عمق شبه جزيرة القرم والأراضي التي تسيطر عليها روسيا.

وبينما تستعد كييف لشنّ هجوم مضاد كبير في أقرب وقت خلال الأسابيع العديدة المقبلة، فإن القدرة على الضرب بعيداً خلف الخطوط الأمامية لروسيا ستساعد في تمهيد الطريق لهجوم بري بالدبابات وقوات المشاة، فيما قال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف للاتحاد الأوروبي في وقت سابق من هذا العام: "إذا تمكنّا من الضرب على مسافة تصل إلى 300 كيلومتر فلن يكون الجيش الروسي قادراً على توفير الدفاع وسيضطر إلى الخسارة".

وحاول ريزنيكوف مجدداً تهدئة مخاوف التصعيد الغربي من خلال تقديم الضمانات بأن هذه الأسلحة لن تُستخدم في هجمات على الأراضي الروسية.


TRT عربي