احتجاجات مناهضة للإجهاض في الولايات المتحدة.  (Roberto Schmidt/AFP)
تابعنا

أعلنت المحكمة العليا في الولايات المتحدة، اليوم الجمعة، قرارها ببطلان حكم تاريخي كفل لما يقارب 50 سنة دستورية حق المرأة في الإجهاض، وقننه على مستوى البلاد. هذا عبر حكم صدر أيدته المحكمة بأغلبيتها المحافظة، وبنتيجة ستة أصوات مقابل ثلاثة.

وعللت المحكمة العليا قرارها الأخير بالقول: إن الحكم الصادر عام 1973 في قضية "رو ضد وايد"، وسمح بالإجهاض قبل أن يتمكن الجنين من الحياة خارج الرحم، بين 24 و28 أسبوعاً من الحمل، كان خاطئاً لأن الدستور الأمريكي لا يأتي بالتحديد على ذكر حقوق الإجهاض.

وبموجب حكم المحكمة العليا سيصبح تحديد حقوق الإجهاض موكلاً لكل ولاية على حدة، ما لم يتخذ الكونغرس إجراءات في هذا الشأن، في حين أنّ قرابة نصف الولايات لديها أو ستصدر قوانين تحظر الإجهاض، كما سنّت ولايات أخرى إجراءات صارمة لتنظم العمليات.

فيما أثارت هذه الخطوة امتعاض الأوساط الليبرالية والنسوية الأمريكية، التي اعتبرت القرار إجهازاً على حقوق النساء وحريتهم في تقرير مصير أجسادهن. وعرفت مناطق متفرقة من البلاد تجمهر محتجين على إلغاء حق الإجهاض، كما من المزمع أن تعرف نهاية الأسبوع مسيرات حاشدة لهذا الغرض.

ما قصة "رو ضد وايد"؟

تعود أطوار الحكم الملغى من قبل المحكمة الدستورية الأمريكية، يوم الجمعة، إلى سنة 1970، حين قررت المواطنة الأمريكية نورما ماكورفي الطعن في قانون ولاية تكساس الذي يجرم الإجهاض، ذلك بعد حملها بشكل غير مرغوب فيه.

وقتها كان قانون ولاية تكساس يستثني حالات، كوقوع حمل نتيجة اغتصاب، من هنا أتى اقتراح أحد صديقاتها أن تدعي بأن "خمسة رجال سود ارتكبوا في حقها تلك الجريمة". غير أن ماكروفي رفضت وأصرت على رفع القضية ضد قانون الولاية، في ملف غيرت فيه اسمها حماية لها إلى جين رو، ومنه عرف بـ "رو" ضد "ويد" المحامي الذي وكل للدفاع عن ولاية تكساس.

واستغرقت القضية ثلاث سنوات من المحاكمات لتصل إلى المحكمة العليا الأمريكية، خلالها قادت الترافع لجانب رو المحاميتان ليندا كوفي وسارة ويدينغتون، اللتان كانتا تناضلان قبلها من أجل حق الإجهاض. واعتمدت المحاميتان في خطتهما على كشف عدم الدقة الذي يشوب عدداً من بنود تجريم الإجهاض في قوانين تكساس، كما تعارضها مع عدد من بنود الإعلان الدستوري الأمريكي.

وفي 22 يناير/كانون الثاني 1973، أيدت المحكمة العليا الأمريكية الحكم لصالح ماكروفي ضد قوانين تكساس، ومن ثم أصبح هذا الحكم الوثيقة التي تضمن دستورية حق الإجهاض في الولايات المتحدة، إلى حين إبطالها في قرار ذات المحكمة يوم الجمعة.

شقاق سياسي حول الإجهاض

ومنذ قضية "رو ضد ويد" الأولى، أخذ النقاش حول حق الإجهاض طابعاً سياسياً، ومساحة صدام بين الجمهوريين والديموقراطيين. حيث يذكر الصحفي والكاتب الأمريكي الشهير بوب ودورد، في كتابه "الأخوية: خبايا المحكمة العليا"، غضب القاضي ويليام دوغلاس من مناورة رئيس القضاة وارن برجر لتأجيل القرار بعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر 1972، حتى لا يحرج صديقه الرئيس ريتشارد نيكسون في ذلك الوقت.

وفي سنة 2016، عشية انتخابه الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة، تعهد دونالد ترمب بإسقاط حق الإجهاض، وتقييد السماح به فقط في حالات الاغتصاب وزنا المحارم وتشكيل الحمل تهديداً لحياة الأم. وقاد حملته الانتخابية رافعاً هذا الشعار، وتلقى دعماً كبيراً من تحالف "داعمي الحياة" المناهض للإجهاض.

ولم ينجح الرئيس الأمريكي المحافظ في تنفيذ تعهداته بشكل تام، لكنه مهَّد لها عبر ما يمكن أن يترتب عن قرار المحكمة الدستورية. إذ تولى ترمب خلال ولايته تعيين ثلاثة قضاة موالين له في المحكمة العليا، وبذلك قلب التوازن السياسي داخلها إلى صالح المحافظين، بستة قضاة يمينيين مقابل ثلاثة ليبراليين.

وعاد موضوع الإجهاض مجدداً إلى حلبة التنافس الانتخابي على بعد أشهر قليلة من الاستحقاقات النصفية، والتي من المزمع إجراؤها في نوفمبر/تشرين الثاني القادم. ويراهن الرئيس الديمقراطي جو بايدن على تأكيد الأغلبية في الكونغرس للنصف المتبقي من ولايته.

TRT عربي