بعد نجاح احتجاجات الشعب السوداني في الإطاحة بالرئيس عمر البشير من حكم استمر فيه ثلاثة عقود، يخشى السودانيون من انفراد الجيش بالسلطة، بخاصة في ظل محاولات فض الاعتصام المستمر أمام القيادة العامة للقوات المسلحة في العاصمة الخرطوم، والذي يطالب بتسليم السلطة للمدنيين.
المجلس اعتمد على "إحساسه بأن وفد المفاوضات لا يمثل القيادة الحقيقية للحراك"، حسب تصريحه في مؤتمر صحفي، الثلاثاء، لتبرير فشل المفاوضات مع قوى الحرية والتغيير.
نسخة جديدة للنظام
تعثرت جولة المفاوضات الثالثة بين المجلس العسكري وتحالف قوى الحرية والتغيير لتشكيل مجلس سيادي، وإثر هذا التعثر، اتهم تجمع المهنيين السودانيين المجلس العسكري الانتقالي بمحاولة فض الاعتصام.
وقال التجمع في سلسلة تغريدات على تويتر إن المجلس العسكري هو "النسخة الجديدة للنظام البائد"، مشيراً إلى محاولته لفض الاعتصام، إذ "حاولت مجموعة من القوات النظامية ترتدى الزي المدني، فضّ المتاريس التي تغلق الطرق المؤدية إلى مقر الاعتصام من الناحية الشرقية قبل أن تنسحب".
التجمع طلب من المواطنين السودانيين داخل ساحة الاعتصام، ترتيب الصفوف وإقامة المتاريس وحمايتها، كما ناشد الذين يقطنون في أحياء العاصمة والمناطق المجاورة الخروج إلى الشوارع وتسيير المواكب والتوجه إلى ساحة الاعتصام.
ودعا التجمع إلى العصيان المدني والإضراب العام، رافضاً إبداء أي تهاون في إنهاء المظاهرات، ومعتبراً أن "هذه التصرفات التي صدرت من المجلس العسكري تتنافى مع روح المسؤولية الوطنية وشعارات الثورة في الحرية والسلام والعدالة".
المجلس العسكري يُصعّد
في الوقت الذي صرحت فيه قوى الحرية والتغيير بأنها جددت مطالبها بسلطة مدنية كاملة وأنه لم يُتّفَق مع المجلس العسكري على النسب المقررة في المجلس السيادي، وفي حين أصرت القوى على استمرار الاعتصام حتى تحقيق مطالب الثورة، ومع إقرارها بالوصول إلى طريق مسدود في المفاوضات، أشار نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي محمد حمدان دقلو، المعرف باسم حميدتي، خلال مؤتمر صحفي الثلاثاء، إلى أن قوى الحراك طرحت ملفات كالدستور وصلاحيات المجلس السيادي في جولة الحوار الثالثة، وأنهم يحترمون رأي الحراك، "لكن لدى المجلس مطالب مشروعة"، معتبراً "ممثلي قوى الحراك غير صادقين".
من جانبه قال المتحدث باسم المجلس العسكري السوداني شمس الدين الكباشي، إن المجلس "اعترف بقوى إعلان الحرية والتغيير، لكن أعضاء وفدهم التفاوضي يتغيرون من اجتماع إلى آخر"، في الوقت الذي تَمسَّك فيه عضو المجلس العسكري السوداني ياسر العطا بالتفاوض قائلاً "نريد شراكة حقيقة مع قوى الحرية والتغيير".
البداية الخاطئة
يُقدر الكاتب والصحفي محجوب عروة في حديث لـTRT عربي، أن السبب الأساسي لهذا الخلاف بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير هو "البداية الخاطئة"، ووجود أجندات خلف الجهات المفاوضة.
وأضاف "لا بد أن يكون في النظام الدستوري حكماء وعقلاء وخبراء حتى يضعوا الأسس السليمة لكيفية التفاوض وترتيب الأولويات من أجل الوصول إلى الفترة الانتقالية".
وعن الأسباب التي أدت إلى بداية خاطئة، يقول محجوب "إن الثورة كانت مفاجئة والصراع كان عنيفاً جداً، وفوجئ الجيش بالتغيير، ما أدى إلى الفوضى وعدم وجود منهجية علمية بالتفاوض".
وقال "لا بد من وجود خبراء محايدين همهم المصلحة الوطنية والمصالح العليا للبلاد، فمن الواضح وجود أجندات في كلا الطرفين".