لطالما كانت المعكرونة جزءاً أساسياً من المطبخ الإيطالي، كيف لا وهو الطعام المحبوب في جميع أنحاء البلاد إلى جانب البيتزا طبعاً، إنها وجبة بسيطة ومشبعة وغير مكلفة، ويمكن تحضيرها بعدة طرق، وقد كانت لفترة طويلة عنصراً أساسياً في سلة شراء الأسر الإيطالية.

ومع ذلك، ذكرت صحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية أن تكلفة المعكرونة قد ارتفعت بنسبة 17.5 بالمئة على أساس سنوي في مارس/آذار، الأمر الذي دعا وزير الصناعة في البلاد أدولفو أورسو، إلى اجتماع يوم الخميس للجنة جديدة لمناقشة الزيادة في سعر المعكرونة، وفقاً لما نقلته صحيفة واشنطن بوست.

وعلى الرغم من انخفاض أسعار القمح، المكوّن الأساسي لإنتاج المعكرونة، إلا أن الأسعار قد شهدت زيادة بأكثر من ضعف تضخم أسعار المستهلكين في إيطاليا، والتي بلغت 8.1 في المئة في مارس، وفقاً للبنك المركزي الأوروبي، الأمر الذي أجبر الحكومة الإيطالية لعقد اجتماع أزمة هذا الأسبوع من أجل نقاش القفزة في أسعار المعكرونة.

اجتماع أزمة

قد لا يهتم المستهلكون في بعض البلدان بارتفاع أسعار المعكرونة، لكن في إيطاليا، إذ يعدّ هذا الطعام جزءاً من الهوية الوطنية، فإن الارتفاع الشديد في أسعار المعكرونة تسبّب بأزمة وطنية.

وبينما اتهمت مجموعات المستهلكين المنتجين بالمضاربة وقدمت شكوى رسمية تطلب من السلطات التحقيق، قال المنتجون: إن مزيجاً من العوامل -بما في ذلك ارتفاع تكاليف الطاقة واضطرابات سلسلة التوريد والتضخّم- يؤدي إلى ارتفاع تكاليفهم، ما يجبرهم على فرض المزيد من الرسوم على المعكرونة، وهي عنصر أساسي في النظام الغذائي الإيطالي.

أصبح الوضع مقلقاً للغاية لدرجة أن الحكومة الإيطالية عقدت اجتماع أزمة لمناقشة الحلول المحتملة. على حين قالت وزارة الصناعة: إن محادثات الأزمة سوف تترأسها هيئة رقابية عيّنتها الحكومة بشأن التضخم في 11 مايو/أيار الجاري، وسيكون أول اجتماع للجنة جديدة شُكّلت لمراقبة تحركات الأسعار غير العادية.

من جهته، قاد ضامن مراقبة الأسعار بينيديتو مينيو الخميس المناقشة الحادة بشأن ارتفاع الأسعار، وقال في بيان عقب الاجتماع إنه "من المتوقع حدوث انخفاض كبير في تكلفة المعكرونة قريباً"، وإن السلطات ستواصل مراقبة الأسعار "لحماية المستهلكين".

المعكرونة: طعام الإيطاليين الوطني

تُنتج المعكرونة الإيطالية من القمح الصلب، الذي انخفضت أسعاره، وفقاً لكولديريتي، أكبر هيئة زراعية في إيطاليا، بنسبة 30 في المئة منذ العام الماضي. وقالت الجماعة في بيان إن صناعة المعكرونة لا تتطلب سوى إضافة الماء إلى القمح، مشيرةً إلى أن ارتفاع الأسعار أمرٌ غير مبرر.

ولا تزال المعكرونة التي يبلغ سعرها نحو 2 دولار للصندوق، غير مكلفة نسبياً، لكن أيّ نزاع في إيطاليا يتعلق بهذا الطعام، الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالهوية الوطنية، يجذب انتباهاً كبيراً.

وعلى الرغم من أن سعر علبة المعكرونة قد يكون منخفضاً نسبياً، إلا أن السياق الاقتصادي في إيطاليا يعني أن العائلات قد لا تزال تشعر بضيق الزيادة في مثل هذا المنتج الشهير. لا يزال ارتفاع الأسعار مصدر قلق مع انكماش الاقتصاد الإيطالي في نهاية العام الماضي.

وتجدر الإشارة إلى أن أحد التقديرات يشير إلى أن أكثر من 60% من الإيطاليين يتناولون المعكرونة يومياً، وفقاً لما نقله تقرير واشنطن بوست.

مع ذلك، يشير منتجو المعكرونة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج. وقالت إيفانا كالو، المتحدثة باسم Unione Italiana Food، وهي هيئة صناعية: إن مواد الطاقة والتعبئة والخدمات اللوجستية سجلت ارتفاعاً كبيراً في الأسعار؛ ما زاد من التكاليف. وأشارت إلى أن ارتفاع التكاليف يتماشى مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية. وكتبت في رسالة بالبريد الإلكتروني: "سيكون تأثير تضخّم المعكرونة في ميزانية العائلات الإيطالية محدوداً"؛ نظراً إلى أنها لا تكلف سوى بضعة يوروهات.

ما علاقة الحرب الأوكرانية؟

ويشير خبراء آخرون إلى أن توابع الصراع في أوكرانيا العام الماضي، عندما تأثرت أسواق السلع الأساسية في البلاد بشكل كبير، لا تزال محسوسة.

وفي سياق متصل، قالت الأستاذة الإيطالية في علوم تذوّق الطعام ميشيل كريبا: "أُنتجت المعكرونة الموجودة على الرفوف اليوم منذ أشهر عندما اشتُري القمح الصلب بأسعار مرتفعة وبتكاليف الطاقة في ذروة الأزمة".

يُذكر أنها ليست هذه هي المرة الأولى التي تجد الشركات فيها نفسها في موقف صعب بسبب سعر المعكرونة. ففي عام 2009، داهمت الوكالات الإيطالية كبار صانعي المعكرونة بسبب مزاعم بتثبيت الأسعار وغرّمتهم ما يقرب من 18 مليون دولار.