مدفع رشاش من القرن 19.. لماذا يحارب الجيش الأوكراني بأسلحة قديمة؟
مع اندلاع الحرب الأوكرانية، مثَّل التسليح عقبة مهمة أمام جيش كييف، رغم المساعدات الغربية الواسعة لهم في هذا الصدد. ما جعل وسائل الإعلام الدولية ترصد عدداً من الأسلحة القديمة في أيدي الأوكرانيين، بعضها يعود إلى القرن 19 وبداية القرن العشرين.
جندي أوكراني يستخدم مدفع "ماكسيم M1910". (Others)

سخرت وسائل إعلام روسية من صور ترصد استخدام القوات الأوكرانية مدفع "ماكسيم M1910" الرشاش في ساحات المعركة شرقي البلاد، واصفةً السلاح، الذي يُعَدّ أول رشاش أوتوماتيكي في التاريخ، بـ"التحفة التي أُخرجَت من المتحف"، في إشارة إلى نقص السلاح لدى الجيش الأوكراني.

وليس هذا المدفع قطعة السلاح القديمة الوحيدة التي يستعملها الجيش الأوكراني في صده الهجوم الروسي، بل غيره كثير، في وقت يعد فيه التسليح أكبر هموم تلك القوات رغم المساعدات العسكرية الكبيرة التي تلقّتها البلاد. فيما يمكن لهذه الأسلحة، على قدمها، أن تمنح خطوط الدفاع الأوكرانية تقدُّماً، لتمرُّس الجنود على استخدامها.

رشاش من القرن 19

ورصدت صور عدة استخدام القوات الأوكرانية مدفع "ماكسيم M1910" الرشاش في تحصين المواقع الثابتة ونقاط التفتيش على طول خطوط التماسّ مع الجيش الروسي، فيما يعد هذا السلاح النسخة الروسية لأول مدفع رشاش أوتوماتيكي صُمّم في العالم سنة 1883. وأصدرت هذه النسخة سنة 1910، حين استخدمتها قوات القيصر نيكولا خلال الحرب العالمية الأولى.

ويمتاز هذا السلاح بكونه مدرَّعاً ومحمولاً على عجلتين، بما يمكّنه رغم ثقل وزنه البالغ 68 كيلوجراماً، من المناورة والتحرك بسرعة، وعلى الدوران 360 درجة. ويتفوق "ماكسيم M1910" حتى على المدافع الرشاشة الحديثة، بكونه يتوفّر على مبرّد بالماء ملتفّ حول فوهته، مما يزيد كثافة إطلاقه دون خشية الاحتراق من ارتفاع الحرارة.

ويمكن للمدفع أن يطلق 600 طلقة في الدقيقة، من عيار 7.62 مليمتر، ويصل مداه إلى 3000 متر.

وتمتلك أوكرانيا نحو 35000 قطعة من هذا السلاح، أعادها وزير الدفاع الأوكراني سنة 2012 للخدمة، مع إجراء تعديلات عليها كتزويدها بمنظار لزيادة فاعلية التصويب. واستخدمها الجيش الأوكراني خلال معاركه ضد انفصاليي دونباس منذ سنة 2018.

أسلحة قديمة في أيدي الأوكران

إضافة إلى مدفع "ماكسيم M1910"، يستخدم الأوكرانيون أسلحة قديمة أخرى، منها رشاش "Maschinenpistole 40" الألماني، المعروف بـ"MP 40"، الذي يُعَدّ أيقونة الصناعة العسكرية النازية.

يمتاز هذا الرشاش بخفّته، إذ يبلغ وزنه نحو 4 كيلوجرامات، ويمكنه إطلاق 500-600 طلقة من عيار 9 مليمترات في الدقيقة، فيما يبلغ مداه نحو 100 متر، بما يعني أنه مُعَدّ للاشتباكات القريبة.

ويستخدم الأوكرانيون كذلك بندقية "موسين ناغات" الروسية، والتي يعود أول استخدام لها إلى سنة 1891، ويبلغ وزنها 3.4-4 كيلوجرام، وتحمل خزنتها خمس رصاصات من عيار 7.62 مليمتر.

هذا إضافة إلى رشاش "PPS 43" السوفييتي الصنع، الذي أُدخِلَ الخدمة سنة 1942، في ذروة الحرب العالمية الثانية. وتبلغ كثافة نيرانه 500 طلقة من عيار 7.62 مليمتر في الدقيقة، ويزن نحو 3.67 كيلوجرام.

لماذا يستخدم الأوكران أسلحة قديمة؟

منذ بداية الحرب يعاني الجيش الأوكراني مشكلة التسليح، مقارنة بخصمه الروسي ذي التسليح الجيد والكثافة النارية الأعلى، مما يفسّر إعادتها أسلحة قديمة إلى الخدمة في خطوط التماسّ بينها وبين القوات الروسية.

هذا ما يؤكده خبير الشؤون العسكرية والاستراتيجية ليون رادزيوسيني بقوله إن "أوكرانيا في حالة حرب لا مناورات عسكرية، وبالتالي فهي تستخدم جميع قدراتها وأسلحتها ومعداتها، ولديها بالفعل كميات كبيرة جدّاً من مدافع (مكسيم M1910)".

وعلى رغم من كل المساعدات العسكرية التي حصلت عليها أوكرانيا من الغرب، يبقى المأزق قائماً، إذ اصطدمت هذه المساعدات أكثر من مرة بمأزق ضرورة مطابقتها للترسانة الأوكرانية، فلا وقت لتلك القوات للتدرب على سلاح جديد مجهول الاستخدام عندهم.

في هذا الصدد أوضح المحلّل أنه "عندما قررت أمريكا تسليم الجيل الجديد من مدافع هاوتزر (M777) للجيش الأوكراني، أرسلت مدربين إلى المنطقة الشرقية من الناتو لتدريبهم على استخدامها، مما احتاج إلى وقت ونقل خبراتهم إلى الداخل، وهو عكس طبيعة الحرب التي يجب أن يكون المقاتل فيها تَدرَّب عدة مرات على المعدات قبل استخدامها حتى لا يكون ضررها أكبر من نفعها".

TRT عربي