آراء
العالم
5 دقيقة قراءة
كيف خاب ظنّ الرياض في القمم الثلاث؟
ظاهر بيانَي القمتين العربية والخليجية شيء، وحقيقة مواقف غالبية دولهما شيء آخر. وإذا دلّ هذا التناقض على أمر فيدلّ على هزال الموقف العربي الرسمي العام، وضعف الموقف السعودي-الإماراتي-البحريني وعزلته.
كيف خاب ظنّ الرياض في القمم الثلاث؟
العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز ، والرئيس التونسي بيجي قائد السبسي وولي عهد الامارات  الأمير محمد بن آل نهيان. رويترز / حمد محمد محمد في الكويت / Reuters
3 يونيو 2019

ثلاث قمم عُقدت في مكة تباعاً خلال يومين. وقد بادرت الحكومة السعودية إلى عقد القمتين الأوليين العربية والخليجية لتستبقا القمة الإسلامية من أجل ضمان إدانة إيران من خلال اتهامها بأنها وراء ما حدث من تفجير جزئي لأربع سفن راسية في ميناء للإمارات العربية، وبضرب مواقع بترولية قرب الرياض من خلال سبع طائرات "درون"، علماً أن التفجير الأول كانت إيران من بين من استنكروه، وأما التفجير الثاني فأعلن الحوثيون من صنعاء مسؤوليتهم المباشرة عنه.وقد طرحوا وقف القصف المتبادل في آن واحد:قصف السعودية لليمن، وقصف الحوثيين للسعودية.

ولكي تضمن السعودية القرارين بتحميل إيران مسؤوليتهما دون امتلاك أي دليل قاطع ضدّ إيران، ومن ثم إدانة إيران من خلال القمتين اللتين لُفّق بياناهما، فقد حصرت موضوع القمتين في مناقشة التفجيرين المذكورين فقط، والإصرار على عدم التعرض لأي موضوع آخر.

من ثم كان البيانان حاضرين ليجري تمريرهما بإحراج البعض، وبتخجيل البعض الآخر، أو بدفع الثمن مقابل سكوت من تبقى. فقد كان المهمّ أن تخرج الإدانة لإيران، وذلك بغض النظر عن صعوبة إيجاد مشارك عربي غير السعودية والإمارات والبحرين، قد اتهم إيران بالتفجيرين، وعلى مدى عدة أسابيع. فما الذي جرى حتى تخرج الإدانة عن القمة العربية بتحفُّظ دولة واحدة هي العراق؟ وقد كتب تحفُّظه بعد صدور البيان الذي لم يصوَّت عليه، ولم يناقَش، وهو مشروع قرار، أي قبل أن يصبح قراراً.

لذلك، وعلى الرغم من عدم تسويغ مواقف الدول العربية التي سمحت بتمرير البيانين، فإن البيانين بعيدان كل البعد عن اعتبارهما معبّريْن عن كل من صدرا باسمه، عدا السعودية والإمارات والبحرين. ثم أوليس مما يلفت النظر، وله دلالته، كَوْن مصر التي تُعتبر "حليفاً" للثلاثي آنف الذكر، لم يشر رئيسها عبد الفتاح السيسي في كلمته إلى اتهام إيران؟ وهذا، لا معنى له إلاّ الاختلاف بين موقف مصر، وتمرير بيان القمة العربية، وهو ما ينطبق أيضاً على ثلاث دول عربية خليجية وهي الكويت وعمان وقطر، وقد مرّرت أيضاً بيان القمة الخليجية.

خلاصة، ظاهر بيانَي القمتين العربية والخليجية شيء، وحقيقة مواقف غالبية دولهما شيء آخر. وإذا دلّ هذا التناقض على أمر فيدلّ على هزال الموقف العربي الرسمي العام من جهة، كما يدل على ضعف الموقف السعودي-الإماراتي-البحريني وعزلته من جهة أخرى. ولهذا فما ينبغي للذين فرحوا بصدور البيانين أن يفرحوا طويلاً وكثيراً، لأن الحقيقة يجب أن تُبكِيهم، أو يجب أن لا تُفرِحهم.

قمة مؤتمر التعاون الإسلامي ووجهت ضربة غير مباشرة إلى ورشة البحرين المعادية للشعب الفلسطيني.

- منير شفيق

ويجيء بيان قمة مؤتمر التعاون الإسلامي، وهو الذي أعطى صورة غير الصورة التي عبّر عنها بيانا القمة العربية والقمة الخليجية، وذلك عندما خلا من أي ذكر لإدانة لإيران. وهو ما حظي بتأييد غالبية من سبق لهم ومرَّروا بيانَي القمتين العربية والخليجية، مما يؤكد صحة ما سبق تحليله أعلاه في قراءة ما هو ظاهر وما هو حقيقي في القمتين العربية والخليجية.

فقمة مؤتمر التعاون الإسلامي جبّت القمتين اللتين سبقتاها من جهة، ووجهت ضربة غير مباشرة إلى ورشة البحرين المعادية للشعب الفلسطيني من جهة ثانية، كما سدّدت من جهة ثالثة ضربة مباشرة إلى ما سيعلنه جيراد كوشنر من صفقة قرنٍ إن أعلنها، كما وعد. طبعاً أفضل بالنسبة إليه، وهو لا يستحق أي خير، أن لا يعلنها، فتفشل وتُمَرَّغ في الوحل.

فكوشنر، كما بدا حتى الآن، لا يملك من المواهب غير كونه زوج بنت الرئيس. فقد راح يظن أن باستطاعته إقناع الفلسطينيين ببيع حقوقهم في فلسطين بالمال والرفاه الاقتصادي. وهو ظنٌّ ما كان ليخطر ببال أجهل الجاهلين في عرضه على الفلسطينيين. وقد أثبت هذا العرض أنه الوحيد الذي بإمكانه أن يحقّق إجماعاً فلسطينيّاً استثنائيّاً ضده. ولم يسبق أن تَحقَّق إجماع فلسطيني كالإجماع الراهن في رفض "صفقة القرن" التي يعدّها، أو أعدّها، جاريد كوشنر ومن لفَّ لفَّهُ من أمثال جيسون غرينبلات، والسفير ديفيد فريدمان، وجون بولتون.

أي دور لمؤتمر التعاون الإسلامي إذا كانت السعودية من سيترأسه وهي التي تضع ثقلها إلى جانب جاريد كوشنر في ورشة البحرين وتناصب عدداً من الدول الإسلامية العداء.

- منير شفيق

وهكذا تكون السعودية والإمارات والبحرين في حالة عزلة وفشل حين توضع المؤتمرات الثلاثة في سلة واحدة، كما أرادت لها السعودية أن توضع في سلة واحدة. والأنكى كيف ستتصرف السعودية بمؤتمر قمة التعاون الإسلامي وروحية قراراته بعد أن تسلمت من تركيا رئاستها للدورة القادمة؟ وكيف يمكنها أن تتصرف بهذه الأمانة وهي التي تُصِرّ على مناصبة إيران وتركيا العداء؟

والسؤال: أي دور لمؤتمر التعاون الإسلامي إذا كانت السعودية من سيترأسه، وهي التي تضع ثقلها إلى جانب جاريد كوشنر في ورشة البحرين وتناصب عدداً من الدول الإسلامية العداء، ناهيك بالعداء الذي أعلنه ولي العهد محمد بن سلمان للفلسطينيين ولقضية فلسطين؟

جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن TRT عربي.

مصدر:TRT عربي
اكتشف
توغل إسرائيلي بعدة قرى جنوبي سوريا والطيران الحربي يحلق على علو منخفض في أجواء القنيطرة
قوات الاحتلال الإسرائيلي تجدد توغلاتها واعتداءاتها في الجنوب السوري
غوتيريش: اجتماعات مرتقبة في جنيف بين طرفي النزاع في السودان
كأس العرب.. السعودية تنتزع التأهل بعد فوز صعب على فلسطين وسوريا تغادر البطولة
إصابة طبيب فلسطيني برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي في جنين شمالي الضفة
مئات الشهداء منذ وقف النار وانهيار مبانٍ بفعل العاصفة "بايرون".. وحكومة غزة ترد على مزاعم المساعدات
لافروف: روسيا مستعدة إذا اتخذت أوروبا قراراً بخوض حرب
33 قتيلاً في غارة شنها الجيش على مستشفى في ميانمار
الشيباني: إلغاء عقوبات "قيصر" إنجاز تاريخي وتجسيد لنجاح الدبلوماسية السورية
"تعدٍّ غير مسبوق على الحرمات".. حماس تدين تهديد بن غفير بهدم قبر القسام قرب حيفا
إعلام عبري: واشنطن تمنع دبلوماسيين أوروبيين من دخول مركز التنسيق بشأن غزة بطلب من إسرائيل
اجتماع سوري-فرنسي لمناقشة التعاون الأمني في مكافحة الإرهاب
أكسيوس: إدارة ترمب تعتزم تعيين جنرال أمريكي لقيادة قوة الاستقرار الدولية في غزة
"توازنات جديدة وشراكات عالمية".. انطلاق قمة إسطنبول الاقتصادية بنسختها التاسعة
مناورات جوية أمريكية-يابانية عقب دوريات عسكرية صينية-روسية في محيط اليابان