آراء
سياسة
8 دقيقة قراءة
انسحاب أولي لقوات الاتحاد الإفريقي في الصومال.. كيف يؤثر بالأمن؟
في وقت يشهد فيه جنوب الصومال حرباً ضروساً مع تنظيم حركة الشباب الإرهابية، بدأت بعثة الاتحاد الإفريقي الانتقالية في الصومال (أتمس) الانسحاب التدريجي، امتثالاً لقرار الأمم المتحدة (2670/ 2022).
انسحاب أولي لقوات الاتحاد الإفريقي في الصومال.. كيف يؤثر بالأمن؟
جنود تابعون لبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال / صورة: Reuters
7 أغسطس 2023

في وقت يشهد فيه جنوب الصومال حرباً ضروساً مع تنظيم حركة الشباب الإرهابية، بدأت بعثة الاتحاد الإفريقي الانتقالية في الصومال (أتمس) الانسحاب التدريجي، امتثالاً لقرار الأمم المتحدة (2670/ 2022).

كانت حكومة محمد عبد الله فرماجو السابقة، قد عملت على دفع الاتحاد الإفريقي، إلى مباشرة وضع استراتيجية لخروج قوّاتها من الصومال، وقد جرى تغيير اسم بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال (أميصوم 2007-2022) إلى بعثة الاتحاد الإفريقي الانتقالية في الصومال (أتمس 2022 - 2024)، وذلك في مارس/آذار 2022، ومن أهمّ مهامّها إضعاف تنظيم حركة الشباب الإرهابية في الصومال.

ورغم الانتفاضة الشعبيّة في جنوب الصومال نهاية العام الماضي، فإنّ تنظيم حركة الشباب الإرهابية ما زال موجوداً في بعض المناطق الاستراتيجية من إدارة جنوب غرب الصومال، وجوبا لاند.

عدد الجيش المنسحب

بدأت قوات "أتمس" في 24 يونيو/حزيران الماضي، بتسليم قاعدتي "ميرتقوو" و"حاجي علي" العسكريتين، اللتين تقعان في إقليم شبيلي الوسطى، إلى القوات الصومالية، ووصل عدد الجيش المنسحب بحلول 30 من الشهر ذاته، إلى 2000 جندي، وقد رحّب الرئيس حسن شيخ محمود، في آخر زيارة له للأمم المتحدة بخطة انسحاب قوات "أتمس" من الصومال، وتوقّع أن تنسحب الدفعة الثانية في نهاية العام الجاري، حيث تنتهي عملية الانسحاب في ديسمبر 2024.

كان مؤتمر كمبالا، الذي انعقد في أبريل/نيسان الماضي، فاصلاً في تسريع عملية الانسحاب، بعد اجتماع قادة الدول الإفريقية الخمس المشاركة في البعثة الإفريقية، وقرارهم تنفيذ جدول زمني منقّح لعملية الانسحاب، وقد طفقت البعثة الإفريقية في مباشرة تنفيذه.

وأقام مبعوث الأمم الإفريقية لدى الصومال، السفير محمد الأمين السويف، مؤتمراً صحفياً في مقديشو، حيث أكّد أنّ "الاختتام الناجح للجزء الأول من الانسحاب التدريجي لا يقلّل بأيّ حال من التزام البعثة بناء السلام وتحقيق الاستقرار وجهود المصالحة في الصومال"، وأردف الأمين بقوله إنّ "قوات (أتمس) تكرّس الأمن في الصومال"، معرباً عن تطلّعه إلى "المرحلة التالية من الهجوم الذي تقوده الصومال لدحر تنظيم حركة الشباب الإرهابية، والذي سيزيد من تدهور التنظيم ويعزّز الاستقرار ويحرّر المزيد من المجتمع الصومالي".

نقص التمويل من "أتمس"

وبعد مرور 16 عاماً على قدومها إلى الصومال، تواجه البعثة الإفريقية ضائقة مالية، أبطأت عملياتها، وأثارت مخاوف من تأجيل عملية الانسحاب مخافة نقص التمويل من البعثة، وقد أعرب الرئيس الكيني خلال محادثته مع مؤسسة "مو إبراهيم" الداعمة للديمقراطية في القارة الإفريقية، عن "أسفه لعدم تمكّن الاتحاد الإفريقي من جمع 85 مليون دولار لدعم مهمّة بعثة الاتحاد الإفريقية في الصومال".

ويعد الاتحاد الأوروبي أكبر مساهم مباشر في بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال (أتمس) بمبلغٍ إجماليّ يقارب 2.3 مليار يورو منذ عام 2007، والاتحاد الأوروبي على استعداد للبقاء منخرطاً بشكل وثيق وملتزم تماماً بالمساهمة في أنشطة بعثة الاتحاد الإفريقي (أتمس) وتعزيز الإنجازات التي حُققت حتى الآن، وفي عام 2022، أضاف الاتّحاد الأوروبي 120 مليون يورو إلى الموارد التي جُمعت سابقاً لبعثة الاتّحاد الإفريقي (أتمس) في عام 2021.

الوضع الأمني في الصومال

وأسفرت الانتفاضة العشائرية ضد تنظيم حركة الشباب الإرهابية، في منتصف العام الماضي، عن تحرير عدد من مدن في إدارتَي هيرشبيلي وغلمدغ، وانضمّ الجيش الصومالي إلى الانتفاضة، وكان مسانداً قوياً في تفكيك تنظيم حركة الشباب الإرهابية وسط الصومال، ولم تشارك القوات الإفريقية الموجودة في تلك المناطق، والتزموا ثكناتهم العسكرية، لكنَّ تحالف العشائر والقوات النظاميّة الصومالية نجح في دحر "الشباب" والسيطرة على معاقلها وسط البلاد.

وبعد المؤتمر الأمني بالعاصمة مقديشو، في فبراير/شباط الماضي، بين قادة دول الجوار للصومال، كان من المتوقّع تحريك الوجه الثاني من الحرب ضد "الشباب"، وبمشاركة عسكرية للدول المجاورة للصومال -جيبوتي، كينيا وإثيوبيا- ولكن الحرب لم تبدأ كما كان متوقعاً أو مخططاً له -إن صحّ التعبير- وأرادت الحكومة الصوماليّة تقليص مشاركة الجيش العشائري في الوجه الثاني من الحرب، مما أسفر عن امتعاض الشعب وتقليل وتيرة الحرب ضد تنظيم حركة الشباب الإرهابية.

وشهد الجيش الصومالي تغييرات على مستوى القادة، حيث عيّن اللواء إبراهيم شيخ محيي الدين قائداً للقوات المسلّحة للصومال، خلفاً لأدواي يوسف راغي، فيما أسند للعميد أحمد آدم علي، منصب قائد المشاة للجيش الصومالي بدلاً من الجنرال محمد بيحي.

ويرى الكاتب الصومالي محمد فاتولي في حديثه مع TRT عربي أن "المُعضلة لا تكمن في التغييرات على مستوى القيادة في المؤسسة العسكرية في الصومال، بل إنّ المكوّن القبلي داخل الجيش الصومالي يلعب دوراً حيوياً في فشل معارك الجيش ضد حركة الشباب، لأن العامل القبلي ما زال قوياً ويمثّل عَقبة كأْداء في إرجاع العقيدة العسكرية التي كان الجيش الصومالي يتمتع بها قبل انهيار الصومال عام 1991".

وفي خضمّ هذه التغييرات الدراماتيكية في الجيش الصومالي، شنّ تنظيم حركة الشباب الإرهابية هجوماً مكثفاً في نهاية شهر مايو/أيار الماضي حتى منتصف شهر يونيو/حزيران، استهدف القاعدتين العسكريتين لبعثة الاتحاد الإفريقية، "بولو مرير" و"مَسكواي"، وقد قُتل العشرات من قوات البعثة الإفريقية.

وتدّل هذه الهجمات على أنَّ الحركة ما زالت موجودة في أدغال جنوب الصومال، وتستطيع أن تنفّذ هجمات نوعيّة من وقت لآخر، رغم الجبهات القتالية الكثيرة التي تشنّها القوات الصومالية ضد تنظيم حركة الشباب الإرهابية في جنوب البلاد.

كيف سيتأثر الأمن في الصومال؟

وتؤدّي قوات الاتحاد الإفريقي منذ عام 2007، دوراً محورياً في تثبيت الأمن جنوب الصومال، وفي 2011 سيطرت قوات الاتحاد الإفريقي بشكل كامل على العاصمة مقديشو، وتنتشر قوات "أتمس" على أربع قواعد رئيسية في وسط وجنوب البلاد.

ومن المرجّح أن يؤثّر برنامج الانسحاب المخطط من قوات بعثة الاتحاد الإفريقي التي يصل قوامها إلى 20 ألف جندي، في نهاية 2024، بشكل سلبيّ، على العمليات القتالية ضد تنظيم حركة الشباب الإرهابية الجارية في جنوب الصومال، حيث إنّ القوات الصومالية استنجدت بدول الجوار للمشاركة في الحرب، وهي رسالة تؤكّد احتياج الجيش الصومالي لقوّة خارجيّة تسانده في الهجمات المنظّمة التي يشنها ضد "الشباب".

من جانبه، أعرب مؤسس شركة "إيغل رينغ" للخدمات الأمنية في مقديشو، ونائب رئيس وكالة الأمن القومي الصومالي السابق، عبد السلام يوسف غوليد، لإذاعة "صوت أمريكا"، عن قلقه الكبير من "أنّ الصومال يمكن أن تصبح أفغانستان أخرى إذا غادرت قوات الاتحاد الإفريقي البلاد من دون أن تحصل الصومال على قوات أمن قوية ومسلحة تسليحاً جيّداً وتتمتع بتمويل ودعم دولي مشابه لذلك الذي تتلقاه قوات (أتمس)". فيما يقول محاضر العلوم السياسية والمتخصص في شؤون الأمن والسياسة في الصومال، عمر عبدي جمعالي، إنّه بدعم دولي حقيقي للصومال، يمكن للجيش الوطني للبلاد أن يتحمل عبء الأمن ومسؤوليته.

وأردف جمعالي، في حديثه مع TRT عربي، أنّه "إذا أرادت الحكومة الصومالية تقليل عبء الأمن الكبير الذي يقع على عاتقها بعد اكتمال خطوة الانسحاب لقوات الاتحاد الإفريقي (أتمس) فعليها أن تُعجّل الوجه الثاني من الحرب ضد (الشباب)، وأن تواجه التحديّات الأمنيّة باستراتيجية عسكرية بعيدة المدى، وأن تبني قوات صومالية تتسم بعقيدة حربية راسخة".

بدوره يُعرب فاتولي عن اعتقاده "أنّ القوات التي من المفترض أن تحلّ محلّ قوات (أتمس) هم جيش درّبته حكومات مختلفة، وهم جدد في الخدمة العسكرية، وليست لديهم خبرة عسكرية كافية، ولا معدّات جيّدة تؤّهلهم للقتال في الأدغال، لأجل ذلك من الصعب في ظلّ هذه الظروف الحالية أن تكون بديلاً لقوات البعثة الإفريقية (أتمس)".

ويضيف فاتولي أن "الإنجازات التي حققتها القوات الصومالية في الوجه الأول من الحرب كفيلة برفع معنوياتهم وبناء عقليّة قتاليّة تسمح له بمزاولة الإنجازات والانتقال إلى الوجه الثاني من الحرب ضد حركة الشباب".

ويرجّح الكاتب الصومالي أن يؤثّر الانسحاب السريع للقوات الإفريقية على الأمن في جنوب الصومال، داعياً الحكومة الصومالية إلى إدارة التأثّر المحتمل من انسحاب قوات حفظ السلام الإفريقي في الصومال، لكي لا تحصل العودة الدراماتيكية لنموذج "طالبان" في أفغانستان.

مصدر:TRT عربي
اكتشف
جرحى فلسطينيون وممتلكات مدمرة في هجمات مستوطنين شمال وجنوب الضفة
ماليزيا.. مصرع امرأة وفقدان نحو 290 شخصاً في غرق قارب مهاجرين
"الدعم السريع" تحرق وتدفن مئات الجثث في الفاشر.. والأمم المتحدة تحذر من تفاقم أزمة النزوح
العراق يبدأ التصويت الخاص لأكثر من 1.3 مليون عسكري ضمن الانتخابات البرلمانية
الفلبين تُجلي أكثر من 100 ألف شخص مع تحول إعصار "فونغ وونغ" إلى فائق القوة واقترابه من اليابسة
أوكرانيا تعلن مقتل 7 أشخاص في قصف روسي استهدف منشآت طاقة نووية مولّدة للكهرباء
جيش الاحتلال الإسرائيلي يزعم اغتيال ثلاثة عناصر من حزب الله اللبناني
الاتحاد الآيرلندي لكرة القدم يوافق على اقتراح لمنع إسرائيل من المشاركة في مسابقات الاتحاد الأوروبي
بمشاركة 57 دولة.. الرياض تستضيف دورة ألعاب التضامن الإسلامي
"الحوثي" تعلن تفكيك شبكة تجسس تابعة للولايات المتحدة وإسرائيل في صنعاء
هجمات روسية تستهدف البنية التحتية الأوكرانية وزيلينسكي يدعو لتشديد العقوبات على موسكو
"الدعم السريع" تنكل بمدنيي الفاشر وسط أزمة إنسانية ومسؤول يحذر من "تقسيم السودان"
العراق يدخل مرحلة الصمت الانتخابي قبل انطلاق الانتخابات البرلمانية الأحد
قتلى ومصابون في غارات إسرائيلية جديدة جنوبي وشرقي لبنان
أفغانستان وباكستان تعلنان الفشل في التوصل إلى اتفاق سلام
إيران تصف اتهامات أمريكا بالتخطيط لاغتيال السفيرة الإسرائيلية في المكسيك بـ"الافتراءات"
السودان.. الأمم المتحدة تقول إن "الدعم السريع" ارتكبت "فظائع جماعية" وتدعو لاغتنام مقترح الهدنة
رداً على حزب الله.. سلام: قرار الحرب والسلم بيد الدولة وحدها ولا رأي لأي طرف آخر
العراق.. المفوضية تعلن جاهزيتها للانتخابات العامة والصمت الانتخابي يبدأ السبت
وسط حديث عن هدنة مرتقبة.. الجيش السوداني يتصدى لهجمات بطائرات مسيّرة على أم درمان وعطبرة