داهمت الشرطة الفرنسية، صبيحة الثلاثاء، مقر الإقامة الشخصية للصحفية الاستقصائية أريان لافريو، إذ ألقت القبض عليها وصادرت معداتها الإلكترونية. بينما يأتي هذا على خلفية تحقيق فضحت فيه الصحفية علاقات عسكرية مشبوهة تنتهجها حكومة ماكرون.
واتهم المدعي العام الصحفية المحتجزة بإفشاء أسرار الدفاع الوطني. بينما يرى أعضاء منظمة "ديسكلوز" للتحقيقات الصحفية، التي تعمل معها لافريو، بأن سلطات البلاد تضغط من أجل الحصول على هوية المصادر المعتمدة في التحقيق المذكور.
اعتقال أريان لافريو
وعممت منظمة "ديسكلوز"، صباح الثلاثاء، بلاغاً قالت فيه إنه "منذ الساعة السادسة صباحاً، تجري مداهمة وتفتيش منزل الصحفية أريان لافريو، المؤلفة المشاركة في سلسلة التحقيقات المعنونة: "أوراق مصر"، واصفة الأمر بـ"الوضع الخطير والمثير للقلق".
وأشارت المنظمة الصحفية إلى أنه "بحضور قاضي التحقيق، اعتقلت عناصر مديرية الأمن العام (DGSI) الصحفية أريان لافريو، في إطار التحقيق في قضية إفشاء أسرار الدفاع الوطني ونشر معلومات من شأنها كشف وكيل محمي، التي فتحت شهر يوليو/تموز 2022".
واعتبرت "ديسكلوز" أن هدف هذه المداهمات التي طالت صحفييها، هو الضغط من أجل كشف مصادر مئات الوثائق السرية المسربة عن وزارة الدفاع الفرنسية، التي اعتمدتها المنظمة لصياغات تحقيقها المذكور.
إدانات ضد المساس بحرية الصحافة
كما أدانت "ديسكلوز"، في بلاغها المذكور، عملية المداهمة والتفتيش ومصادرة المعدات التي تعرضت لها صحفيتها أريان لافريو. ومن جانبها أيضاً، منظمة "مراسلون بلا حدود"، التي تعنى بحماية حرية الصحافة، عبرت عن الإدانة نفسها لما وصفته بـ"أعمال الشرطة الفرنسية التي قد تمس بحق حماية المصادر الصحفية".
وفي تصريحات أدلى بها لـTRT عربي، قال بافول سزالاي، مسؤول أوروبا الغربية في منظمة "مراسلون بلا حدود"، إن المنظمة "تدين اعتقال الصحفية أريان لافريو ومداهمة بيتها ومصادرة معداتها الإلكترونية"، وتطالب "مديرية الأمن العام بعدم المساس بحرية حماية المصادر الصحفية".
وأضاف مسؤول المنظمة، بأن: "عملية مديرية الأمن العام الفرنسية تمثل تصعيداً في الضغوطات على الصحفيين بهدف دفعهم إلى كشف مصادرهم، هذه الضغوطات والتهديدات مثيرة للقلق، لأن حق الصحفيين في حماية مصادرهم هو إحدى ركائز حرية الصحافة".
وأوضح المتحدث قائلاً: "لفرنسا عثرات تاريخية فيما يخص حماية المصادر الصحفية، لكن غالباً ما لا تؤدي هذه التهديدات والضغوطات إلى الأهداف التي ترجوها الشرطة"، مشيراً إلى أن "فرنسا تحتل المركز الـ24 في تصنيف حرية الصحافة لعام 2023، وهو ترتيب جيد، غير أن مثل هذه الضغوطات لكشف المصادر الصحفية تمثل إحدى نقاط ضعف حرية الصحافة في فرنسا".
وشدد بافول سزالاي على أن "مراسلين بلا حدود تراقب عن كثب قضية اعتقال ومداهمة وتفتيش بيت أريان لافريو"، وتعهد بالتحرك "من أجل أن يطلق سراح الصحفية في أقرب وقت ممكن وأن تتنازل الشرطة عن ملاحقتها قانونياً".
عام من قمع الصحافة في فرنسا
من ناحية أخرى، وطوال هذه السنة، عانى الصحفيون الفرنسيون قمعاً شرساً في أثناء تغطيتهم المظاهرات الحاشدة ضد إصلاح نظام التقاعد في البلاد.
وحسب بيانات الداخلية الفرنسية سُجل ما لا يقل عن 36 حالة عنف للشرطة بحق الصحفيين خلال تلك الاحتجاجات التي دامت لأسابيع، في حين يعد هذا الرقم أقل مما حدث في الواقع، لأنه مرتبط بعدد التحقيقات التي فتحت إثر تقدم الصحفيين بالشكوى، ولا يشمل الذين فضلوا عدم التقدم بها.
ويعد عنف الشرطة، وبالخصوص ضد الصحفيين، ظاهرة ملازمة لحكومات ماكرون في مواجهة الاحتجاجات المتعددة ضدها في الشارع. وخلال الشهور الأولى من احتجاجات السترات الصفراء، بين خريف 2018 وربيع 2019، رُصد ما لا يقل عن 120 حادثة عنف قام بها عناصر الأمن ضد صحفيين، أصيب خلالها 57 صحفياً.
إضافة إلى هذا سعت الحكومة الفرنسية عام 2020، إلى تمرير قانون "الأمن العام"، الذي يحظر تصوير عناصر الأمن في أثناء تأدية عملهم. وهو ما احتج ضده مهنيو قطاع الإعلام الفرنسي وقتها، معتبرين أنه يكمّم أفواه الصحفيين، ويمس بحرية الصحافة التي يقرها دستور البلاد.
وسبق أن نددت منظمة "مراسلون بلا حدود"، في تقريرها السنوي لحرية الصحافة، بالواقع الذي يعيشه الصحفيون الفرنسيون. وأشارت المنظمة إلى أنه "رغم اعتماد خطة وطنية جديدة للحفاظ على النظام العام بشكل يحترم حرية الصحافة، فإن المراسلين ما زالوا يتعرضون إلى عنف الشرطة".


















