رُبّ ضارَّةٍ نافِعَة.. لم تثمر مساعي "سانت إتيان" الفرنسي لضمّ المهاجم المصري مصطفى محمد، فتحوّلت بوصلة هداف الزمالك إلى "غلطة سراي" التركي، ليحقق بداية رائعة دفعت كثيرين إلى تشبيه بداياته بالمسار الأوروبي لمواطنه النجم محمد صلاح.
وأصبح مصطفى محمد أوّل محترف مصري يسجّل أهدافاً في 4 مباريات متتالية في بداية مشواره الجديد في مختلف المسابقات، كاسراً رقم أسطورة الأهلي السابق صالح سليم موسم 62-63 مع فريقه النمساوي غراتسر، حسب الوسائل الاعلام المصرية، وبدأت المقارنات تنهال بين محمد وصلاح.
واستهلّ صلاح مسيرته في الدوري السويسري مع "بازل" قادماً من "المقاولين العرب"، قبل أن يشقّ طريقه نحو النجومية، ليصبح أفضل لاعب إفريقي، ومنافساً على الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم في صفوف ليفربول الإنجليزي، بعد مراحل عدة قطعها مع تشيلسي الإنجليزي، وفيورنتينا وروما الإيطاليَّين.
وشهدت الأسابيع الماضية مدّاً وجزراً واتهامات من إدارة سانت إتيان لبعض مسؤولي الزمالك بطلب عمولة أغضبت إدارة القلعة البيضاء، فتحوّل مسار مصطفى من فريق احتضن النجم السابق ميشال بلاتيني، إلى أسود إسطنبول الملوّنين بالأصفر والأحمر.
وأكّد الزمالك بعدها أن وجهة محمد هي غلطة سراي، وأن عقده يتضمن الحصول على مليونَي دولار نقداً بعد إتمام الصفقة. وسيحصل "غلطة سراي" على عقد اللاعب في حال تفعيل بند شرائه نهائياً مقابل 4 ملايين دولار، على أن يُفعَّل هذا البند في وقت أقصاه 31 ديسمبر/كانون الأول 2021.
ولم يتأخر ابن الثالثة والعشرين في التعبير مراراً على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي عن رغبته في الاحتراف في أوروبا.
وسجّل محمد من ركلة جزاء هدف فريقه الثالث ضد باشاك شهير (3-صفر)، ثم هدف الفوز على أرض الغريم التاريخي فنربختشة (1-صفر) بتسديدة زاحفة جميلة من حافة المنطقة بعد تلاعبه بالدفاع.
وقلّص بعدها الفارق خلال الخسارة أمام ضيفه ألانيا سبور (2-3) في ربع نهائي الكأس، ثم سجّل هدف الفوز من ركلة جزاء في الدقيقة قبل الأخيرة الأحد ضد "قاسم باشا"، بعدما ساهم برأسية قوية في تسجيل الهدف الأول (2-1).
وكانت لفتة زميله النيجيري هنري أونييكورو جميلة، فبعدما حصل على الركلة نظّف نقطة الجزاء من الثلوج وغرّد بعد الفوز: "ماذا يمكنني أن أفعل أكثر لأجلك يا أخي؟ اشرب الشاي واستمتع"، فردّ عليه محمد: "شكراً يا صديقي! دم واحد، عائلة واحدة".
رقم 9 كلاسيكي
وأصبح محمد أول لاعب يسجِّل في أول 3 مباريات متتالية في الدوري التركي منذ الفرنسي بافيتيمبي غوميس، مهاجم الهلال السعودي حالياً، عام 2017.
ويحمل مدرّبه الجديد فاتح تيريم إرثا كروياً ثقيلاً في تركيا بعد عدة تجارب مع "غلطة سراي" والمنتخب الوطني.
وأصبح ابن محافظة الجيزة الذي أعاره الزمالك لنوادي الداخلية وطنطا والجيش، قبل وصوله إلى غلطة سراي منذ أسبوعين، النجم المنتظر ليحمل شعلة مواطنه صلاح.
وقال مواطنه أحمد حسام ميدو مهاجم أياكس الهولندي ومرسيليا الفرنسي وتوتنهام الإنكليزي السابق: "من المهم جداً أن يتابع عمله بجدية وأن يجتهد كل يوم ولا يكتفي بما لديه، فهو يمتلك كل الإمكانيات ليحترف في أفضل أندية العالم".
وتابع ميدو الذي اعتاد أيضاً اللعب في صفوف الزمالك: "لقد بدأ ينقرض الرقم 9 الكلاسيكي الذي يلعب برأسه كمحطة مثل مصطفى ورأس حربة داخل المنطقة. ولو بقي مُركِّزاً ولائقاً بدنياً ولم يتكاسل، فسيكون بمقدوره أن يلعب في أفضل أندية العالم".
وأشاد ميدو بالقدرة الذهنية لتأقلمه مع الأجواء الجديدة: "يلعب تحت الثلج في أجواء لم يعتَدها، ويسجّل في آخر دقيقة. لقد أجبر منتقديه على تغيير رأيهم فيه".
وألمح ميدو إلى انتقاد مهاجم الأهلي الدولي السابق أحمد بلال حول أن محمد لا يصلح لقيادة هجوم المنتخب، لكن الدولي السابق تراجع وعلّق على هدف مواطنه الرابع: "مبروك مصطفى محمد، بداية رائعة، كل التوفيق".
نحو الدوري الإنكليزي
وقال شوقي غريب مدرب المنتخب الأولمبي، إن "مصطفى يعرف تماماً ماذا يريد من مسيرته، فقد أراد دوماً اللعب في أوروبا، وهو يلعب الآن مع فريق كبير في تركيا تحت إشراف أحد أكثر المدربين خبرة في أوروبا، فاتح تيريم".
وتابع المدرب الذي يأمل في بروز محمد مع تشكيلته في أولمبياد طوكيو المقبل: "أتوقع أن ينضم إلى أحد أبرز الأندية الأوروبية قريباً، فهو يذكّرني بمحمد صلاح عندما بدأ في اللعب مع بازل السويسري".
ويتصدّر غلطة سراي حالياً بفارق الأهداف عن فنربخشة بعد 24 مرحلة في الدوري، وذلك بعد تحقيقه 6 انتصارات متوالية.
ورأى الحارس الدولي السابق في مونديال 1990 أحمد شوبير، إن "مصطفى محمد يقدّم أفضل انطلاقة لمحترف مصري عبر التاريخ، في ظلّ تسجيله وتألقه في جميع المباريات مع غلطة سراي بشكل مميز، وهذه الانطلاقة لم تحدث منذ احتراف صالح سليم".
وأضاف: "يُحسب لمصطفى وجوده في دوري أقل قوة في أوروبا من أجل اكتساب الخبرات، ومن ثم الانتقال إلى الدوري الإنجليزي مستقبلاً والتألق به".
وقال صاحب البنية الصلبة بعد قدومه إلى إسطنبول: "أشكر دعم الجماهير. وجدت الحب نفسه تجاهي في نادي الزمالك. أحسست هنا منذ البداية كأني داخل عائلتي، وأنا سعيد جداً في بيتي الثاني".
