العالم
5 دقيقة قراءة
لماذا لا يزال العمل المنزلي غير مدفوع الأجر في العالم؟
لا يزال العمل المنزلي الذي يؤديه عديد من ربات البيوت في العالم عملاً غير مدفوع الأجر، باعتباره عملاً غير منتج، ولا يُعترف بدوره في خدمة المجتمع والمساهمة في العجلة الاقتصادية للبلدان.
لماذا لا يزال العمل المنزلي غير مدفوع الأجر في العالم؟
العمل المنزلي / Getty Images
17 مارس 2021

كثيرات من النساء يقضين حياتهن في المنزل ينظّفن ويكنسن ويرتّبن ويطبخن ويربّين الأطفال وينتقلن بالسطول الثقيلة من غرفةٍ إلى غرفة، يُعِدن لأزواجهنّ الظروف الملائمة للعمل، ولأطفالهنّ الظروف الملائمة للدراسة، دون أن يحصلن على قرشٍ واحدٍ لقاء كلّ هذا العمل، لأنّ العمل المنزلي لا يزال عملاً غير مدفوع الأجر في العالم.

قضت رشيدة (45 عاماً) ستة عشر عاماً من حياتها في العمل المنزلي، دون احتساب العمل الذي كانت تقوم به في بيت والديها قبل أن تتزوّج، إذ عملت على توفير الأجواء المناسبة لزوجها الموظّف ولأبنائها الثلاثة حتى يكونوا مرتاحين: بيتٌ نظيف طيلة الوقت، وطعامٌ جاهز. بالإضافة إلى ذلك، تحرص رشيدة على مساعدة أبنائها على إنجاز واجباتهم المنزلية بعد المدرسة، مثلما تفعل كثيرات من الأمهات في العالم.

رشيدة هي أول من يستيقظ في الصباح، وآخر من ينام في المساء. بل إن دوامها يستمرّ إلى الليل، حيث عليها أن تستيقظ في كلّ مرّة لترضع طفلها أو تغيّر حفاظاته.

لكنّ كل هذا العمل الذي تقوم به رشيدة وكثيرٌ من النساء ربات البيوت في العالم لا يُعتَبر عملاً، بل "جلوساً في البيت" فقط، ولذلك لا يحصلن لقاءه على أي شيء، باعتباره عملاً غير منتِج.

تقول رشيدة: "إنه لا يُعتَبر عملاً ولا مجهوداً ولا أي شيءٍ من هذا القبيل، بل شيئاً طبيعياً يولَد معنا، وعلينا أن نتحمّله حتى نموت. لدرجة أنني لم أسأل نفسي يوماً "لماذا لا تحصل النساء في العالم على أجر مقابل العمل المنزلي؟".

"اللاعدالة الاجتماعية"

رشيدة ليست الوحيدة، فأغلب ربّات البيوت يقمن بمجهودٍ جسديّ جبار دون أن ينتظرن أجراً. إذ يدخل هذا العمل في إطار "الواجب الطبيعي" الذي لا أجر له سوى الطعام والمبيت.

في هذا السياق، تحكي حنان، ربة بيت، لـTRT عربي: "أحياناً أشعر أنّ المجهود الذي أقوم به داخل البيت أكبر من المجهود الذي يقوم به زوجي خارج البيت، لأنّ عمل زوجي ينتهي في وقتٍ معيّن، يعود بعده إلى البيت ليحظى بقسط من الراحة، بينما أظل أنا واقفةً طيلة النهار، ولا يُفترض في عملي أن ينتهي في ساعةٍ معيّنة. إنه عمل 24 ساعة على 24".

وتضيف حنان: "أشعر أن الأمرَ غير عادل، لأنني، بالرغم من عملي الكثير والأعباء العديدة الملقاة على كاهلي، أظلّ دائماً في وضعية دونية، أنتظر أن يجود عليّ زوجي بنقود الحمّام".

يفسّر عبد الرحيم العطري، مختصّ في علم الاجتماع، هذا الوضع بكون "الزواج في ظل المجتمعات الذكورية يُبنى على أساس التراتب وعلى أساس اللاعدالة الاجتماعية، بمعنى أن المرأة تكون في وضعية دونية والرجل في وضعية أعلى، بحكم أنه مَن يعمل ويعول البيت، ومن ثمّ فعملها المنزليّ هذا لا يستحق أي ترتيب".

ويضيف العطري في حديثه لـTRT عربي: "العمل المنزلي يلتصق بالمرأة ويفترض فيه أنه من الأشياء الطبيعية التي عليها أن تقوم بها دون أن تطالب بمقابل لها أو حتى بوضعية اعتبارية تعطي مقابلاً لما تقوم به".

"عمل بلا قيمة"

اعتبرت عديد من المناضلات النسويات أن عمل المرأة في البيت، بالنسبة للمجتمع الذكوري، يدخل ضمن دائرة عمل العبيد، وذلك لما بينه وبين عمل العبيد من مشتركات، فهو أولاً عملٌ طبيعي ولصيق بالمرأة، وثانياً هو عمل لا مقابل له.

وفي هذا السياق، تطرقت الكاتبة والباحثة الإيطالية سيلفيا فيديرتشي في كتابها "كاليبان والساحرة" إلى غياب قيمة للعمل المنزلي الذي تقوم به النساء كنتيجة للرأسمالية، والسبب، بالنسبة لها، أنّ هذا العمل غير منتِج وهو واجب طبيعي على المرأة، ولذلك لا يخضع لقواعد سوق العمل، رغم أهميته.

لذلك، فإن العديد من النساء اللواتي ولجن سوق العمل وأصبحن يشتغلن خارج البيت، ظل العمل المنزليّ مرافقاً لهنّ بعد الانتهاء من العمل خارج البيت، إذ يُعتبر من مسؤولياتهنّ وحدهنّ.

يقول عبد الرحيم العطري في حديثه لـTRT عربي إنّ أحد أهم الأسباب التي جعلت العمل المنزلي عملاً بدون أجر ولا قيمة هو النظام الرأسمالي الذي يحكم المجتمعات الإنسانية اليوم. "فقبل هذا النظام، كانت الأسر تعيش وفق ما يسمى بالاقتصاد التضامني الداخلي، وفي إطار عملٍ جماعي، ولم يكن هناك عمل مأجور، والذي حدث هو أن النقود أصبحت حاضرة بقوة في العلاقات الاجتماعية، وأصبح كلّ عمل هو مقابل النقود، وهو نتيجة طبيعية لاتساع الممارسات الرأسمالية والاستهلاكية ولبروز علاقات جديدة لا يمكن تقييمها إلا من خلال زاوية الربح والخسارة".

ويضيف العطري: "يدخل العمل المنزلي ضمن علاقات إنتاجية غير مربحة وغير مدرة للدخل، مع أنه في الأخير عمل منتج وعمل تأسيساتي بدونه لا يمكن أن يذهب الزوج إلى العمل وبدونه لن يدرس الأبناء، بمعنى أنه عملٌ حيوي ويتطلب جهداً كبيراً مقارنةً بأعمالٍ أخرى مدفوعة الأجر، ولا بد من الاعتراف بقيمته".

مصدر:TRT عربي
اكتشف
14 قتيلاً وعشرات المفقودين في فيضانات اجتاحت شرق تايوان
السودان.. 27 قتيلاً وجريحاً في هجوم مسيّرة على سوق شعبية في الفاشر
إسرائيل تُبقي جسر الملك حسين مغلقاً بعد هجوم مسلح
إعادة فتح مطارَي كوبنهاغن وأوسلو بعد إغلاق مؤقت بسبب رصد طائرات مسيّرة
هجوم أوكراني يستهدف منطقة سياحية في شبه جزيرة القرم ويوقع قتلى وجرحى
مادورو يوجه رسالة إلى ترمب ويعرض إجراء محادثات مباشرة مع واشنطن
السعودية تعلن تقديم دعم إضافي لتنمية وإعمار اليمن بقيمة 368 مليون دولار
إستونيا تؤكد اختراق روسيا أجواءها.. واجتماع لـ"الناتو" الأسبوع المقبل رغم نفي موسكو
ارتفاع عدد القتلى في الفاشر إلى أكثر من 75 سودانياً جراء قصف "الدعم السريع" مسجداً
"لقربها من الصين".. ترمب يريد استعادة السيطرة على قاعدة جوية بأفغانستان وكابول ترد
مقتل 3 شرطيين وإصابة اثنين خلال إطلاق نار في بنسلفانيا الأمريكية
خطوة متوقعة.. الفيدرالي الأمريكي يخفض الفائدة 25 نقطة أساس
قطر تتولى قيادة قوة دولية معنية بالأمن البحري للخليج
مصرع وفقدان 61 مهاجراً معظمهم سودانيون قبالة السواحل الليبية
قبيل زيارته المرتقبة.. اعتقالات في بريطانيا بعد عرض صورة لترمب برفقة إبستين على قلعة وندسور
مصرع 15 شخصاً وفقدان آخرين إثر أمطار غزيرة وانهيارات أرضية في شمال الهند