سوريا الجديدة
4 دقيقة قراءة
استراتيجية التفكيك ومحاولات استعادة الصورة.. ماذا تريد إسرائيل من سوريا الجديدة؟
استغلت إسرائيل الاشتباكات بين مجموعات درزية مدعومة منها وعشائر بدوية لتتدخل عسكرياً عبر شن غارات جوية استهدفت قوات الجيش السوري، كما سُمح لمئات الدروز من حملة الجنسية الإسرائيلية، بينهم جنود في جيش الاحتلال، بالعبور إلى سوريا للمشاركة في القتال.
استراتيجية التفكيك ومحاولات استعادة الصورة.. ماذا تريد إسرائيل من سوريا الجديدة؟
مقر هيئة الأركان العامة السورية المُدمّر إثر غارات جوية إسرائيلية متعددة في وسط دمشق / AA
29 يوليو 2025

 هذا التدخل يندرج ضمن استراتيجية إسرائيلية تهدف إلى منع أي سلطة سورية جديدة من إعادة هندسة المشهد السياسي بما لا يتوافق مع مصالحها، مع تركيز خاص على محافظات جنوب سوريا. 

إسرائيل لا تريد سوريا موحدة

يتضح من التحليل الأولي لسياسات الدول المنخرطة في الشأن السوري منذ سقوط الأسد، وعلى رأسها الولايات المتحدة إضافة إلى دول الاتحاد الأوروبي وتركيا والدول العربية، أن هذه الأطراف تميل إلى صيغة سوريا موحدة، وإلى وحدة وسلامة الأراضي السورية تحت قيادة الإدارة الجديدة برئاسة الرئيس أحمد الشرع، ورغم الشروط والضغوط المفروضة على سوريا الجديدة، فإن هذا المسار قد يفتح الأفق لقيام دولة سورية قوية وموحدة.

وفي هذا الصدد تبرز إسرائيل طرفاً وحيداً يرفض صيغة سوريا الموحدة ويسعى لتثبيت صيغة جديدة ضمن استراتيجية أكبر تشكك في الإدارة الجديدة وتحث على عدم الثقة بها وتسعى إلى إحباط جهودها، وقد كان ملحوظاً سعي تل أبيب إلى منع رفع العقوبات عن سوريا وانزعاجها من القرار الأمريكي برفع العقوبات مؤخراً.

إن رفض تل أبيب صيغة سوريا الموحدة ينسجم مع رؤية تسعى إلى الوصول إلى تفكيك سوريا إلى مكونات منقسمة يدين جزء منها بالولاء للدولة العبرية ويبقى محتاجاً إلى توفير الحماية منها، وتستغل من أجل تحقيق ذلك الانقسامات الطائفية والقومية لتكريس الخلافات. 

وتبدو المناطق التي توجد فيها المجموعات المسلحة الدرزية في الجنوب هي المناطق الأكثر ترجيحاً لبدء هذه الاستراتيجية، لأسباب منها: علاقة هذه المجموعات مع الاحتلال، والقرب الجغرافي لهذه المنطقة للحدود مع الجولان المحتل من إسرائيل، إضافة إلى بُعدها نسبياً عن حدود الدول الأخرى الأكثر انخراطاً في المشهد الأمني السوري مثل تركيا.

تعزيز الردع المفقود

تعيش إسرائيل منذ السابع من أكتوبر تغييرات كبيرة في النظرية الأمنية، فقد كان تاريه 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 علامة فارقة في تصوراتها الأمنية، وأدى إلى انهيارات في كثير من الصور التي رسمتها لنفسها.

ومن بين القضايا التي شعرت فيها الدولة العبرية بأن تدهوراً كبيراً شابها هي إمكانيات الردع، وبالتالي تحاول من خلال تدخلها العسكري المستمر في سوريا استعادة صورة الردع المفقود، ومن زاوية أخرى لم تعد إسرائيل متسامحة مع أبسط التهديدات ولم تعد متسامحة مع وجود قدرات في هذه المساحات ولو لم توجد نيَّات عدوانية تجاهها.

من هذه النقطة تنبثق عدة قضايا، منها رفض الاحتلال الإسرائيلي عودة الجيش السوري إلى مناطق الجنوب والمطالبات بوجود مناطق منزوعة السلاح تحت سيطرة المليشيات الدرزية.

من المهم الإشارة هنا إلى أن تل أبيب تحاول تنفيذ استراتجيتها عبر الأدوات الناعمة، فهي تستغل أيضاً الحيل السياسية لتنفيذ استراتيجيتها في سوريا.

ما لا تستطيع أخذه السياسة، تقول إنها جاهزة لأخذه بالقوة، كما أنها تتخذ من الخطوات السياسية أداة تضليلية عن سلوكها التحريضي والتحضيري للأقليات لتكسير كل مقومات الاستقرار في سوريا.

وفي هذا السياق ذكر الكاتب الإسرائيلي إيتي مدينا في مقال بصحيفة يديعوت أحرونوت أن "هذه السياسة القائمة على (النار والحوار) تُحوّل الاستراتيجيات إلى أداة تشكيلية تقريباً في كل ساحات العمل التي تنشط فيها إسرائيل لتحقيق أهدافها.

 إنها استراتيجيات لا تعمل بصورة تسلسلية، أي إنهاء الحرب ثم الانتقال إلى الاتفاقات، إنما تمزج استخدام القوة كعنصر حيوي في صوغ الإنجازات السياسية، في أثناء الحدث وبصورة متزامنة".  

وأضاف مدينا أن "هذا هو النهج الذي تتبعه إسرائيل في لبنان، وفي قطاع غزة، والآن أيضاً في سوريا. وبهذه الطريقة، تنجح إسرائيل في توليد ردع عسكري يقود إلى تأثير سياسي، ويضمن قبل كل شيء فاعلية الخطوة السياسية، دون الاعتماد على (قصاصة ورق موقّعة)، كما عرفنا في الماضي".

الشرق الأوسط تحت الاستهداف

إن الاستراتيجية الإسرائيلية في سوريا تبدو أيضاً أوسع من السويداء وأوسع من جنوب سوريا، بل أوسع من سوريا، وتتعدى ذلك إلى استهداف منطقة الشرق الأوسط كلها، وقد عبر بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، في أكثر من مناسبة عن نيَّات إسرائيل لتغيير خارطة الشرق الأوسط برمته.

وبالتالي فإن اسرائيل، وتحديداً بعد سياستها العدوانية تجاه غزة ولبنان واليمن وسوريا وإيران وقدرتها على جر واشنطن للتماهي مع مخططاتها تعتقد أنها قادرة على المضي في استهداف المنطقة كلها ضمن مشروع جيو-سياسي أوسع.

لهذا ليس مستغرباً أن توجد خطوات إسرائيلية متزامنة مع الفعل العسكري الذي يستهدف الجنوب السوري بشكل مركز تدعو إلى إبعاد سوريا الجديدة عن تركيا وعن عمق سوريا العربي والإسلامي عبر الضغط الأمريكي للتأثير في هوية وقوة سوريا الجديدة وتموضعها الجيو-سياسي.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كتّابها، ولا تعبِّر بالضرورة عن TRT عربي.

مصدر:TRT ARABI
اكتشف
القاهرة تؤكد دعمها لسيادة سوريا وترفض الاعتداءات الإسرائيلية
الشرع يعلن إطلاق "صندوق التنمية السوري" لإعادة الإعمار ويؤكد: سنبني سوريا بسواعد أبنائها
مقتل سوري إثر استهداف مسيَّرة مجهولة سيارة مدنية في حلب
الدفاع التركية تحذر من تهديدات YPG الإرهابي بسوريا وتدين جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة
استهدف عناصر أمن.. انفجار عبوة ناسفة في دمشق دون إصابات
اكتشاف آثار يورانيوم في موقع نووي سري بسوريا يُرجح ارتباطه بالأسلحة النووية
إعلام سوري: قوات إسرائيلية تعتقل 7 سوريين خلال توغل بريف القنيطرة جنوب سوريا
الداخلية السورية تعلن ضبط شحنة أسلحة معدّة للتهريب إلى مناطق  YPG الإرهابي في ريف دمشق
ستنطلق قريباً.. تركيا تعلن عملية تعاون شاملة مع سوريا في مجال التعليم
فرنسا تصدر مذكرة توقيف بحق بشار الأسد بشأن جرائم ضد صحفيين عام 2012
سوريا تستأنف تصدير النفط الثقيل لأول مرة منذ 14 عاماً
أردوغان: نعمل على تعزيز تعاوننا مع جارتنا سوريا في شتى المجالات بما فيها التدريب العسكري
توغل إسرائيلي جديد في بلدة العشة بريف القنيطرة السورية ومداهمة منزلين
الشرع يدشن مشاريع تنموية في حمص وسط آمالٍ سورية باستقرار اقتصادي بعد قرارات واشنطن
إسرائيل تنفذ طلعات جوية مكثفة واعتقالات وتتوغل في بلدة جنوب سوريا والأمم المتحدة توثق الانتهاكات
الشرع يتفق مع رئيس المخابرات العراقي على زيادة التعاون الأمني