وقالت القيادة العملياتية للقوات المسلحة البولندية في تدوينة على منصة "إكس" إن المجال الجوي للبلاد تعرض لانتهاكات غير مسبوقة، مشيرة إلى تفعيل الإجراءات الدفاعية على الفور بالتعاون مع القوات الحليفة، ورصد عشرات الأجسام عبر الرادار وتحييد تلك التي تشكل تهديداً، مضيفة أن فِرَق الأمن تواصل البحث عن حطام المسيرات التي جرى إسقاطها.
وعثرت فرق الشرطة في قرية "تشوزنوكا" بمحافظة لوبلين على حطام إحدى الطائرات، بينما أعلنت السلطات عن إغلاق مؤقت لمطارات وارسو وشوبان، وارسو-مودلين، لوبلين، وريشوف-ياسيونكا كإجراء احترازي.
كما شوهد جنود بولنديون يقومون بدوريات في شوارع بلدية ويريكي بعد أن أصابَت طائرة مسيّرة أو جسم مشابه مبنى سكنياً، وفقاً للسلطات المحلية.
ولاحقاً من اليوم، أعلن حلف شمال الأطلسي "الناتو" التصدي لأعداد كبيرة من الطائرات المسيرة التي دخلت المجال الجوي البولندي مساء الثلاثاء.
وفي تدوينة على منصة "إكس" قالت متحدثة "الناتو" أليسون هارت، إن مسيرات عديدة دخلت الأجواء البولندية طيلة الليلة الماضية.
وأضافت أن منظومات الدفاع الجوي التابعة لبولندا و"الناتو"، تصدت معاً للطائرات المسيرة، دون أن تذكر مصدرها أو نجاحها في اعتراضها من عدمه. وأشارت إلى أن أمين عام "الناتو" مارك روته، على اتصال مباشر مع القيادة البولندية، وأن الحلف يجري "مشاورات وثيقة" مع القيادة البولندية حول الحادثة.
تحرك بولندي
واستدعت بولندا الأربعاء القائم بالأعمال الروسي، وفق ما أفادت وكالة "ريا نوفوستي" الرسمية في موسكو، بعدما أعلنت وارسو إسقاط مسيّرات انتهكت مجالها الجوي خلال الليل.
وقال القائم بالأعمال الروسي الموقت في بولندا أندري أورداش للوكالة إنه استُدعي إلى وزارة الخارجية، مضيفاً أن وارسو لم تقدم بعد أدلة على أن الطائرات المسيّرة التي أسقطت ليل الثلاثاء الأربعاء أتت من روسيا.
المادة 4 من معاهدة الناتو
ووصف الرئيس البولندي كارول ناوروكي "انتهاك" المسيرات الروسية لأجواء بلاده، بأنه "لحظة غير مسبوقة في تاريخ الناتو"، وقال في تصريح صحفي، الأربعاء، أنه على تواصل دائم مع رؤساء الدول الحليفة والأمين العام لحلف الناتو مارك روته.
وأضاف ناوروكي أن إمكانية تفعيل المادة الرابعة من معاهدة شمال الأطلسي (الناتو) مطروحة على جدول الأعمال.
وتتيح المادة الرابعة لأي دولة عضو في الناتو طلب التشاور مع الحلفاء، في حال استشعرت أن سلامتها الإقليمية أو استقلالها السياسي أو أمنها معرض للتهديد.
وتابع ناوروكي: "هذه لحظة غير مسبوقة في تاريخ الناتو. أشكر جميع جنودنا وطيارينا وحلفائنا. لقد نجحت الآليات. وبفضل جنودنا وطيارينا وحلفائنا، أثبتنا قدرتنا على الاستجابة لمثل هذه المواقف".
من جانبه، صرح رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك أن قوات بلاده تمكنت من تحييد الطائرات المسيرة التي شكلت "تهديداً مباشراً" للبلاد، وأشاد توسك في تصريح عقب اجتماع استثنائي للحكومة، الأربعاء، بسرعة استجابة الجيش البولندي.
وتابع: "عملية اتخاذ القرار كانت سلسة، وتم القضاء على التهديد بفضل الموقف الحازم لقادتنا وجنودنا وحلفائنا. لقد اجتاز جيشنا وحلفاؤنا الاختبار الأول"، لافتاً إلى أن حلفاء الناتو يواجهون "استفزازاً واسع النطاق" من موسكو، مؤكداً أن هذه هي المرة الأولى التي تُسقط فيها طائرة روسية مُسيّرة فوق أراضي دولة عضو بالناتو.
غضب أوروبي
ووصفت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، كايا كالاس، انتهاك روسيا للأجواء البولندية بأنه "الأخطر" للمجال الجوي الأوروبي منذ بداية الحرب بأوكرانيا في فبراير/شباط 2022.
وأعربت كالاس، في منشور على منصة إكس الأربعاء، عن تضامن الاتحاد الأوروبي مع بولندا التي اخترقت مجالها الجوي مسيرات روسية مساء الثلاثاء، وأشارت إلى أن الانتهاك الروسي للأجواء البولندية هو "أخطر انتهاك" من جانب روسيا للمجال الجوي الأوروبي منذ بداية الحرب عام 2022.
وأوضحت أنها على تواصل مع الأمين العام لحلف "الناتو" مارك روته، ووزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي، بشأن الحادثة، وأضافت: "روسيا لم تنهِ الحرب بل على العكس، قامت بتصعيدها، يجب علينا زيادة كلفة الحرب على موسكو، وتعزيز دعمنا لأوكرانيا، والاستثمار في دفاع أوروبا".
كما أدانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين الانتهاك الروسي للمجال الجوي البولندي، واصفة إياه بأنه "متهور وغير مسبوق"، مؤكدة التضامن الكامل لأوروبا مع بولندا.
من جهته، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن "انتهاك المسيرات الروسية للمجال الجوي البولندي سابقة بالغة الخطورة على أوروبا"، وأورد في منشور على حسابه في تليغرام الأربعاء، أن الجيش الروسي شنّ هجمات بمسيرات وصواريخ على مناطق مختلفة من أوكرانيا خلال ساعات الليل.
وأوضح أن روسيا استخدمت 415 مسيرة وأكثر من 40 صاروخ كروز وصاروخاً باليستياً في الهجوم، وأن 8 مسيرات انتهكت المجال الجوي البولندي.
كما أدان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التوغل الروسي، مطالباً موسكو بوضع حد لما وصفه بـ"الهروب إلى الأمام" في الحرب مع أوكرانيا، مؤكداً أن فرنسا لن تتساهل مع أمن الحلفاء.
ومنذ 24 فبراير/شباط 2022، تشن روسيا هجوماً عسكرياً على جارتها أوكرانيا وتشترط لإنهائه تخلي كييف عن الانضمام لكيانات عسكرية غربية، وهو ما تعتبره كييف "تدخلاً" في شؤونها.