جسد واحد.. كيف تكاتف الشعب التركي للمساهمة في نجدة متضرري الزلازل؟ / الصورة: AA (Others)
تابعنا

في أعقاب عاصفة الزلازل التي ضربت مدن جنوبي تركيا، وتسببت في انهيار آلاف المباني وأودت بحياة 3419 شخصاً وأصابت ما يقرب من 20 ألفاً، ظهر التضامن والتكافل المثالي الذي طالما أظهره المواطنون الأتراك عند كل نازلة، لمدّ يد العون لمساعدة المتضررين فور حصول كارثة طبيعية.

فمنذ اللحظات الأولى اجتمع الشعب التركي بطرق مختلفة للمساهمة في جهود الإغاثة، من الأفراد إلى المنظمات، وكان التضامن والتكافل والدعم واضحاً إذ سعى الجميع لمساعدة المتضررين من الزلازل.

تبرع المواطنون والشركات والمؤسسات بالأموال والإمدادات والموادّ الغذائية للمساعدة في جهود الإغاثة التي تقودها الجهات الرسمية وتشرف عليها، فيما عملت مجموعات المتطوعين على مدار الساعة لتقديم الخدمات الأساسية، مثل توزيع المساعدات وإنشاء ملاجئ مؤقتة وتوفير الرعاية الطبية، فضلاً عن مساعدة الفرق الرسمية بعمليات البحث والإنقاذ.

بالإضافة إلى ذلك عملت الحكومة والمنظمات غير الربحية والبلديات وهيئات المجتمع المدني معاً لتنسيق جهود الإغاثة وتقديم المساعدة للمتضررين من الكارثة. وبينما نظمت إدارة الكوارث والطوارئ التركية "أفاد" أعمال البحث والإنقاذ، لعب الهلال الأحمر التركي، وهو منظمة إنسانية، دوراً حيوياً في تنسيق جهود الإغاثة وتقديم المساعدات للمحتاجين.

إطلاق حملات تَبرُّع

عقب كل كارثة طبيعية، ومِن مبدأ أنّ الجمهورية التركية "دولة اجتماعية" (Sosyal Devleti)، تقف الحكومة التركية والشعب يداً واحدة في مدّ يد العون لمساعدة المتضررين عبر إطلاق حملات جمع التبرعات المالية والعينية، بجانب المساعدات الفورية التي تقدّمها الدولة ومؤسساتها الأهلية للأفراد والعائلات المتضررة.

وفي الوقت الذي أطلق فيه الهلال الأحمر التركي حملات للتبرع بالدم في عموم المحافظات التركية، شاركت "أفاد" حساباتها البنكية مع المواطنين لجمع التبرعات المالية، وكذلك فعل عديد من المؤسسات المحلية وجمعيات المجتمع المدني.

ولتوفير أماكن سكن دافئة خلال الأشهر القادمة للناس الذين تهدمت بيوتهم، نظّمَت جمعية "أحباب" غير الربحية، التي يرأسها المغني هالوق ليفينت، حملة لشراء 3000 كونتينر ستوزّعها على العائلات المحتاجة في المناطق المتضررة.

وبينما بدأت البلديات في عموم تركيا إرسال الطعام والماء والمطاعم المتنقلة إلى المناطق المنكوبة، إلى جانب الخيام والمولّدات وأدوات التدفئة، أرسلت الشركات الخاصة الملابس والطعام والمعدات، كما أرسلت كبرى شركات الإنشاءات معداتها الثقيلة للمشاركة في أعمال الإنقاذ.

على سبيل المثال، أعلنت شركات بايكار، المشهورة في صناعة مسيّرة بيرقدار، تبرعها بأكثر من 50 مليون ليرة تركية تبرُّعات عينية بالتعاون مع "أفاد" والهلال الأحمر التركي، فيما نظّم مطعم محلي في إسطنبول حملة لجمع التبرعات، خصّص 100% من العائدات لجهود الإغاثة.

وعلى المستوى الفردي تَبرَّع الأتراك من جميع أنحاء البلاد بالإمدادات والموادّ الغذائية، كما استُخدمَت وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الوعي وتشجيع الناس على المساهمة في الإغاثة.

وعموماً، لا تساعد روح الوحدة والكرم لدى الشعب التركي في تقديم الدعم للمحتاجين وقت الكارثة وحسب، بل تستمر لما بعدها من خلال استمرار تقديم المساعدات في أثناء عملية التعافي أيضاً، إذ تنطلق حملات دعم مالية وعينية مشابهة من أجل مساعدة الدولة في أعمال البناء وإعادة الإعمار.

المساعدة في أعمال الإنقاذ

في ساعات صباح الاثنين، تَدفَّق آلاف المتطوعين من إسطنبول وأنقرة وإزمير وبقية المدن التركية إلى المطارات ومراكز التنسيق والنقل للمشاركة في جهود البحث والإنقاذ إلى مناطق الزلازل بالتنسيق مع إدارة "أفاد" التي يشارك ما يقرب من 25 ألف عنصر من أعضائها في الخدمة بالمناطق المتضررة.


كذلك أعلن والي إسطنبول علي يرلي قايا، اعتباراً من الساعة 06:00 صباحاً، إرسال 12752 فرداً من متطوعي "أفاد" إلى المناطق المتضررة، وبالأخصّ هاطاي، على متن 73 طائرة من إسطنبول.

كما أرسل معظم البلديات طواقم إنقاذها المتخصصة، إلى جانب فرق الإطفاء والمعدات وسيارات الإسعاف، إلى المناطق المنكوبة.

في الوقت ذاته بدأ عمال المناجم في تركيا -وهم من الأكثر خبرة في حالات انتشال العالقين تحت الأنقاض- تكوين مجموعات استعداداً للذهاب إلى المدن التي ضربتها الزلازل بالتنسيق مع إدارة الكوارث والطوارئ التركية "أفاد"، المسؤولة الوحيدة عن تنسيق جهود البحث والإنقاذ في عموم المنطقة، والتي تعمل تحت مظلتها الآن جميع مؤسسات الدولة والبلديات.

وعلى الرغم من التحديات التي فرضتها الكارثة، وصلت فرق الإنقاذ المشكَّلة من متطوعين إلى عديد من الأماكن وبدؤوا فعليّاً تقديم المساعدة للمحتاجين.

وبينما تطوع آلاف الأطباء والمهندسين وعمال البناء من شَتّى المدن التركية لتقديم خدماتهم من أجل دعم جهود الإغاثة، تَطوَّع المواطنون العاديون بوقتهم وقدّموا الدعم العاطفي وساعدوا في عملية التنظيف ونقل التراب والحجارة.





TRT عربي