خلال مراسم احتفالية أقيمت بمناسبة تأسيس قبرص في العاصمة ليفكوشا، الاثنين 15 نوفمبر/تشرين الثاني 1983. (AA)
تابعنا

تحتفل جمهورية شمال قبرص التركية 38 لتأسيسها، التي تصادف 15 نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام.

ومنذ عام 1974 تعاني جزيرة قبرص الانقسام بين شطرين: تركي في الشمال ويوناني في الجنوب. وتأسست دولة قبرص التركية الاتحادية فعلياً في عام 1975، عقب "عملية السلام" العسكرية التي أطلقها الجيش التركي في الجزيرة عام 1974، لكن الإعلان عن تأسيسها رسمياً أُرجئ إلى عام 1983.

وكان لـ "عملية السلام" التركية التي أطلقتها القوات المسلحة التركية، الفضل في إنهاء قمع واضطهاد القبارصة الأتراك جنوبيّ الجزيرة، وإحلال السلام وحماية حقوق الأقلّية التركية في قبرص، فضلاً عن قطع الطريق أمام المحاولات اليونانية لضمّ الجزيرة، التي أسفرت بعد نجاحها عن إسقاط حكم المجلس العسكري (الطغمة العسكرية) في اليونان.

خلفية تاريخية

لأكثر من 3 قرون اعتُبرت قبرص أراضي عثمانية إلى أن تغير الحال بعد هزيمة العثمانيين ضد الروس في في "حرب 93" بين عامَي 1877 و1878، التي على أثرها مُنح حقّ إدارة الجزيرة لإنجلترا وفقاً لمعاهدة برلين عام 1878 التي أبقت ملكيتها للعثمانيين، رغبة في الحصول على الدعم الإنجليزي ضد الروس. ولكن مع هزيمة الدولة العثمانية التي حاربت إلى جانب ألمانيا ضد إنجلترا وحلفائها في الحرب العالمية الأولى، أعلنت إنجلترا ضمّها الجزيرة في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 1914.

وفي خمسينيات القرن الماضي بدأت المحاولات الأولى لضمّ قبرص للأراضي اليونانية، إلا أن تركيا جابهتها حينها من خلال اتخاذ إجراءات لإنشاء دولة واحدة ذات طائفتين على الجزيرة، وهو ما تحقق عام 1959، تحت ضمانة كل من تركيا واليونان وإنجلترا.

لكن تأسيس دولة قبرص لم يجلب السلام المأمول لأتراك الجزيرة قطّ، خصوصاً أن سياسيي الجنوب لم يتخلّوا أبداً عن هدفهم في الاتحاد مع اليونان، فلم يمضِ وقت طويل حتى بدؤوا التنظيم واتخاذ الإجراءات على هذا الطريق، وبدأت معها هجمات على أتراك الجزيرة من منظمة القبارصة الجنوبيين (EOKA) الإرهابية. فيما شهد شهر ديسمبر/كانون الأول عام 1963 أكثر الهجمات دموية، وكان الهجوم وحشياً لدرجة أنه سُجل في التاريخ باسم "عيد الميلاد الدامي"، إذ ذُبح فيه مئات الأتراك في ليلة واحدة.

ومع تصاعُد الهجمات ضدّ أتراك الجزيرة في عام 1964، بدأت تركيا الاستعداد للتدخُّل في الجزيرة، إذ باشرت قواتها الجوية بالتحليق في سماء نيقوسيا معلنةً قرب عمليتها العسكرية، إلا أن التهديد الأمريكي حينها حال دون تنفيذ العملية العسكرية.

عملية السلام التركية

ازدادت أنشطة (EOKA) الإرهابية وأصبحت أكثر جرأة ودموية بعد تخلّي تركيا عن العملية العسكرية عام 1964، ونتج عنها حشر أتراك قبرص في رقعة أقلّ من 3% من مساحة الجزيرة الإجمالية.

ورداً على المحاولات اليونانية لضمّ الجزيرة وما كان سينتج عنه من إبادة جماعية للأتراك القبارصة، أطلقت تركيا عملية السلام القبرصية في صباح يوم 20 يوليو/تموز 1974، إذ ظهرت مظلات الجيش التركي في سماء قبرص في ساعات الصباح الباكر.

وعلى الرغم من نجاح الجيش التركي في كسر المقاومة اليونانية خلال يومين فقط، اضطُرّت الحكومة التركية إلى وقف عمليتها العسكرية واجتمعت مرة أخرى مع اليونان وإنجلترا وفقاً لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إلا أن المفاوضات شهدت تعنُّت اليونان، الأمر الذي دعا تركيا إلى مواصلة عمليتها العسكرية يوم 14 أغسطس/آب بعد تلقيهم رسالة مشفرة من ووزير الخارجية آنذاك توران غونيش، مفادها "فلتخرج عائشة في إجازة" كعلامة على أنه لا ينبغي إضاعة الوقت (عائشة كانت ابنة وزير الخارجية التركي).

التأسيس

رؤوف دنكطاش مؤسس جمهوية شمال قبرص التركية ورئيسها السابق. (Others)

وخلال 4 أيام فقط، تَمكَّن الجيش التركي من السيطرة على أكثر من 35% من الجزيرة، وضمن أمن الأقلية التركية التي تسكن الجزيرة بشكل كامل هذه المرة.

وفي أعقاب العملية العسكرية رُسمت الحدود الحالية لقبرص رسمياً، وأُعلنَ تأسيس دولة قبرص التركية الفيدرالية بتاريخ 13 فبراير/شباط 1975، التي تحولت إلى جمهورية شمال قبرص التركية (KKTC) اعتباراً من 15 نوفمبر/تشرين الثاني 1983 بعد فشل مفاوضات الدولة الواحدة لشعبيين، وموافقة جميع نواب البرلمان بقيادة رؤوف دنكتاش على إعلان الاستقلال من طرف واحد.

وفي عام 2004 رفضت إدارة جنوب قبرص اليونانية خطة قدّمتها الأمم المتحدة لتوحيد شطرَي الجزيرة، وهو الأمر الذي أبطل صيغة الدولة الاتحادية التي لم تعُد ترضى الجانب اليوناني ولم تُعطِ حق المساواة للقبارصة الأتراك الذين يطالبون بدولة ذات سيادة مستقلة قائمة على المساواة في الجزيرة القبرصية، وهو الأمر الذي تدعمه تركيا.

TRT عربي