هدنة سادسة بين المقاومة وإسرائيل في غزة منذ عام 2008.. هل من جديد؟ (AA)
تابعنا

شن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات على قطاع غزة ضمن ما سمّاها عملية عسكرية بدأها الجمعة ضد حركة الجهاد الإسلامي راح ضحيتها عشرات الشهداء ومئات الجرحى الفلسطينيين. في المقابل أطلقت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد، رشقات صاروخية وقذائف هاون باتجاه المواقع الإسرائيلية.

وبعد القصف الإسرائيلي الذي استمر طوال الأيام الثلاثة الماضية وتسبب في مقتل 44 فلسطينياً بينهم 15 طفلاً، أعلنت حركة الجهاد الإسلامي مساء الأحد أنه جرى التوصل إلى وقف إطلاق نار مع إسرائيل في قطاع غزة بوساطة مصرية.

ومع التوصل إلى الهدنة، وصفها البعض بأنها "هشة" بين حركة الجهاد الإسلامي وإسرائيل التي دخلت حيز التنفيذ عند الساعة الحادية عشر والنصف بتوقيت فلسطين، حلت الهدنة الأخيرة في المرتبة السادسة على قائمة الهدنات التي عُقدت بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل في غزة منذ عام 2008، والتي كانت برعاية الوسيط المصري الذي يحضر وقت الحرب ويغيب عن تنفيذ الوعود التي تقطعها إسرائيل وترفض تنفيذها أمام مرأى ومسمع العالم أجمع.

هدنة هشة مرهونة بتنفيذ الوعود

في معرض حديثه إلى وكالة الأناضول، قال داوود شهاب الناطق باسم الحركة: "بوساطة مصرية جرى التوصل لوقف إطلاق نار يدخل حيز التنفيذ عند الساعة الحادية عشر والنصف بتوقيت فلسطين (9:30 ت غ)". وأضاف: "الاتفاق جاء بعد أن وعدت مصر بالعمل على الإفراج عن الأسير المضرب عن الطعام خليل عواودة، والأسير بسام السعدي".

وينص اتفاق وقف إطلاق النار على "عمل مصر على الإفراج عن القيادي في حركة الجهاد الإسلامي بسام السعدي بأقرب وقت ممكن، وأن تبذل جهودها وتلتزم العمل للإفراج عن الأسير خليل عواودة ونقله للعلاج".

فيما قال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي مصعب البريم: "التوصل إلى تهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي جرى وفق شروط سرايا القدس والمقاومة"، مضيفاً أن المقاومة رفضت الوساطات حتى اللحظة الأخيرة إلا وفق شروطها الخاصة. لكن حركة الجهاد أكدت في بيان نشرته مسبقاً احتفاظها بحق الرد على أي عدوان.

وفي أعقاب ترحيب الرئيس الأمريكي جو بايدن الأحد بالهدنة الأخيرة، وشكره نظيره المصري عبد الفتاح السيسي على دور بلاده في المفاوضات التي أفضت إلى وقف إطلاق النار، نستعرض في هذا التقرير اتفاقيات التهدئة التي أعقبت الحروب الخمس الأخيرة حتى العام الماضي، وكيف تنصلت إسرائيل من كل شروطها رغم الكفالة المصرية.

اتفاقيات تهدئة ووعود لم تُنفذ

فيما يلي أبرز اتفاقات التهدئة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية في غزة منذ حصارها القطاع وإعلانه كياناً معادياً في أواخر عام 2007:

1- الرصاص المصبوب 2008-2009

أواخر ديسمبر/كانون الأول 2008، أشعل رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أيهود أولمرت حرباً على غزة سماها: "عملية الرصاص المصبوب"، لترد عليها المقاومة الفلسطينية بعملية مضادة أطلقت عليها اسم عليها اسم "معركة الفرقان". استمرت العملية 23 يوماً حتى التوصل إلى اتفاق تهدئة يوم 18 يناير/كانون الثاني 2009. وأسفرت الحرب عن أكثر من 1400 شهيد فلسطيني، بينهم مئات من الأطفال والنساء والمسنين، إضافة إلى أكثر من 5400 جريح، فيما أعلنت إسرائيل مقتل 13 إسرائيلياً وإصابة 300 آخرين.

بدورها، أنهت الحربَ تهدئة دامت ستة أشهر جرى التوصل إليها بين حركة حماس، التي فرضت سيطرتها على قطاع غزة في يونيو/حزيران 2007 وإسرائيل، التي أعلنت غزة كياناً معادياً وفرض حصاراً صارماً عليها، برعاية مصرية في يونيو 2008. وهي التهدئة التي لم تنفذ إسرائيل خلالها تعهداتها، ومنها رفع الحصار عن غزة.

  • 2- عمود السحاب 2012

بدأت الحرب التي أسمتها إسرائيل "عمود السحاب"، وردت عليها المقاومة الفلسطينية بمعركة "حجارة السجيل"، في ظل حكومة بنيامين نتنياهو في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، بعد اغتيال إسرائيل قائد كتائب عز الدين القسام (الجناح العسكري لحركة حماس) أحمد الجعبري. وفيما أسفرت الحرب، التي استمرت 8 أيام، عن استشهاد نحو 177 فلسطينياً، بينهم 42 طفلاً و11 امرأة، وجرح نحو 1200 آخرين، أعلنت إسرائيل مقتل 20 إسرائيلياً وجرح أكثر من 600 آخرين.

وفي 21 نوفمبر 2012، توصل الطرفان إلى اتفاق تهدئة برعاية مصرية، وأعلنت وزارة الخارجية المصرية توقيع اتفاق تهدئة يبدأ سريانه الساعة الـ 9 مساءً بتوقيت فلسطين، ويشمل وقف الهجمات وتسهيل حركة المعابر والسكان.

3- الجرف الصامد 2014

في 7 يوليو/تموز 2014 شنت حكومة نتنياهو عملية عسكرية ضد قطاع غزة سمتها "الجرف الصامد"، وردت عليها المقاومة بمعركة "العصف المأكول". أسفرت الحرب، التي استمرت 51 يوماً، عن استشهاد أكثر من 2300 شهيد ونحو 11 ألف جريح، في حين قُتل 68 جندياً إسرائيلياً، وجرح أكثر من 2500 إسرائيلي، بينهم 740 عسكرياً. كما أعلنت كتائب القسام أسرها الجنديَيْن الإسرائيليَيْن شاؤول آرون وهدار جولدن.

يُذكر أن إسرائيل قبل الحرب لم تفِ بإطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين وإعادة اعتقال عشرات من محرري صفقة الجندي الإسرائيلي "شاليط" الذي اعتقلته حماس في قطاع غزة لسنوات.

4- معركة صيحة الفجر 2019

في 12 نوفمبر عام 2019، اغتالت اسرائيل بهاء أبو العطا القائد الميداني في سرايا القدس الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي في غزة، لترد حركة الجهاد الإسلامي في عملية استمرت بضعة أيام أطلقت عليها "معركة صيحة الفجر"، أطلقت خلالها مئات الصواريخ. وأسفرت غارات إسرائيلية عن استشهاد 34 فلسطينياً، وجرح أكثر من 100 آخرين.

وفيما شمل اتفاق التهدئة شروطاً تتضمن التزام الاحتلال الإسرائيلي وقف عمليات الاغتيال، ووقف استهداف مسيرات العودة الأسبوعية قرب حدود قطاع غزة، والتزام مفاوضات تخفيف الحصار عن القطاع مقابل الهدوء على المناطق الحدودية، فإنه لم يمضِ سوى بضعة أيام حتى انتهكته إسرائيل عقب إطلاقها عدداً من الصواريخ سببت خسائر كبيرة في ممتلكات المواطنين الفلسطينيين.

5- حارس الأسوار 2021

لم يتوانَ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن تأجيج الأوضاع مع الفلسطينيين في مايو/أيار 2021 عقب مواجهته خطر العزل والمحاكمة بسبب تهم فساد ورِشى. فبعد سماحه للمستوطنين بسرقة بيوت الفلسطينيين في حي الشيخ جراح بالقدس، واقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى، أطلقت المقاومة الفلسطينية أكثر من 4 آلاف صاروخ باتجاه إسرائيل في عملية أسمتها "سيف القدس"، وردت عليها إسرائيل بعملية عسكرية أطلقت عليها اسم "حارس الأسوار"، أسفرت عن استشهاد نحو 250 فلسطينياً وجرح أكثر من 5 آلاف آخرون.

وعلى الرغم من إصرار نتنياهو على مواصلة عملية العملية العسكرية لردع حماس، وُقف إطلاق النار بعد وساطات وتحركات وضغوط دولية.

TRT عربي