تدريبات المستوطنين على الأسلحة (Others)
تابعنا

منذ اليوم الأول لانطلاق العدوان الإسرائيلي على غزة قبل أربعة أشهر، نظر المستوطنون إلى حرب غزة باعتبارها ساعة ذهبية لتحقيق طموحاتهم في الضفة الغربية. مستغلين العنف سلاحاً، ومستفيدين من دعم وزراء الحكومة اليمنية الأكثر تطرفاً، ساعدوا جيش الاحتلال بالاعتداء على الفلسطينيين وممتلكاتهم في مختلف مناطق الضفة الغربية المحتلة.

ووسط تصاعد وتيرة عنف المستوطنين منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، طلب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في أوقات سابقة، من إسرائيل اتخاذ خطوات "عاجلة" لوقف أعمال العنف التي ينفذها المستوطنون الإسرائيليون. ومن بين الـ500 شهيد الذين قُتلوا على يد قوات الاحتلال بالضفة الغربية، قالت الأمم المتحدة إن 8 منهم على الأقل قُتلوا على يد المستوطنين الإسرائيليين.

التحذيرات الأمريكية هذه لم تكبح جماح المستوطنين، ولا جماح وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتامير بن جفير الذي وزّع بنادق هجومية على المستوطنين في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ما دفع واشنطن مطلع الشهر الجاري لفرض عقوبات طالت 4 مستوطنين لارتباطهم بتصاعد العنف ضد المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية.

كما طالبت الإدارة الأمريكية بتوضيحات عاجلة من السلطات الإسرائيلية حول الانتهاكات المدنية التي يرتكبها الجيش والمستوطنون على حد سواء بحق فلسطينيي الضفة. وذلك في وقت يطالب فيه عدد من المشرعين الديمقراطيين، ومن بينهم النائبة فلسطينية الأصل في مجلس النواب الأمريكي رشيدة طليب، بتفعيل "قانون ليهي" الذي يحظر توريد الأسلحة إلى الجهات الأمنية التي تخالف المعايير الأمريكية للحفاظ على حقوق الإنسان.

ما المقصود بـ "قانون ليهي"؟

تاريخياً، قدمت الولايات المتحدة مساعدات عسكرية كبيرة لمختلف البلدان لأسباب استراتيجية ودبلوماسية. ومع ذلك، ظهرت المخاوف عندما ظهرت أدلة على ارتكاب وحدات عسكرية فظائع أو انتهاكات لحقوق الإنسان مع الإفلات من العقاب، إذ غالباً ما تستخدِم الأسلحة والتدريبات المقدمة من الولايات المتحدة.

وفي عام 1997، صدر قانون سمي على اسم السيناتور باتريك ليهي، وكان له تأثير كبير على كيفية تقديم الولايات المتحدة المساعدة العسكرية إلى الدول الأجنبية. ومع التركيز بشكل أساسي على منع الدعم الأمريكي من الوصول إلى الوحدات الأمنية المتورطة في انتهاكات حقوق الإنسان.

ويعتبر قانون ليهي جزءاً من قانون مخصصات وزارة الدفاع الأمريكية. وينطبق القانون على المساعدات العسكرية الأمريكية للدول الأجنبية، ويحظر توفير الأسلحة والتدريب والدعم العسكري لوحدات الأمن الأجنبية التي يشتبه بشكل موثوق في ارتكابها انتهاكات لحقوق الإنسان. والغرض من هذه السياسة هو ضمان عدم استخدام الأموال والموارد الأمريكية لدعم الوحدات الأمنية التي تنتهك حقوق الإنسان.

هل تفعّل الولايات المتحدة قانون ليهي ضد إسرائيل؟

نقلت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية عن مصادر مُطّلعة تأكيدها أن الولايات المتحدة طلبت من إسرائيل إجابات عاجلة بشأن سلسلة من الحوادث في الضفة الغربية قد يكون الجيش الإسرائيلي انتهك فيها قانون ليهي. وحسب تلك المصادر، فإنه إذا لم تكن الإجابات مُرضية للولايات المتحدة فهذا يعني وفق قانون ليهي أن القوات الإسرائيلية العاملة في الضفة الغربية قد لا تتلقى دعماً أمنياً أمريكياً.

وفي 24 يناير/كانون الثاني، أرسلت عضوة الكونجرس رشيدة طليب مع النواب كوري بوش وأندريه كارسون وهانك جونسون وسمر لي رسائل إلى الرئيس بايدن ومكتب محاسبة الحكومة الأمريكية (GAO) لحثهم على تقييم امتثال وزارة الخارجية لقانون العقوبات فيما يتعلق بالمساعدة الأمنية للحكومة الإسرائيلية في ضوء التقارير عن انتهاكات القانون الدولي.

وتدعو طليب وزملاؤها الرئيس بايدن ومكتب المحاسبة الحكومي إلى بذل العناية الواجبة لضمان اتباع القانون في عمليات نقل الأسلحة الأمريكية.

فيما أشار كل من لورا لومب وويليام هارتونغ، من معهد كوينسي بواشنطن، إلى أنهما، وانطلاقاً من الحكم الذي أصدرته محكمة العدل الدولية بخصوص دعوى جنوب إفريقيا حول احتمال ضلوع إسرائيل في أعمال إبادة جماعية في غزة، يدعوان إدارة الرئيس جو بايدن إلى مراجعة السياسة الأمريكية الحالية، بشأن إمداد إسرائيل بالأسلحة التي تُستخدم في الهجمات على القطاع. وطالبوه كذلك بالتخلي عن ممارسة منح إسرائيل معاملة خاصة واستثنائية.

الاستثناء الإسرائيلي

سواء كانت إدارة البيت الأبيض بيد الديمقراطيين أو الجمهورين، لطالما كانت إسرائيل فوق جميع القوانين والأعراف التي تحظر تقديم المساعدات العسكرية الأمريكية. ومع بدء العدوان على غزة، أعلنت واشنطن بكل وضوح أنها لن تضع "خطوطاً حمراء" أمام نشاطات تل أبيب العسكرية في غزة. وشدد وزير الدفاع لويد أوستن في 12 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على أن الولايات المتحدة "لم تضع أي شروط على توفير" الأسلحة والمساعدات الأمريكية لإسرائيل.

وعلى الرغم من استعراض كبار المسؤولين الأمريكيين بهدوء أكثر من اثنتي عشرة حادثة تتعلق بالانتهاكات الجسيمة المزعومة لحقوق الإنسان من قبل قوات الأمن الإسرائيلية منذ عام 2020، لكنهم بذلوا جهوداً كبيرة للحفاظ على استمرار وصول الوحدات المسؤولة عن الانتهاكات المزعومة إلى الأسلحة الأمريكية.

وكشف تحقيق أجرته صحيفة الغارديان، والذي استند إلى مراجعة وثائق داخلية لوزارة الخارجية ومقابلات مع أشخاص مطلعين على المداولات الداخلية الحساسة، كيف جرى استخدام آليات خاصة على مدى السنوات القليلة الماضية لحماية إسرائيل من قوانين حقوق الإنسان الأمريكية، حتى عندما فُرضت عقوبات خاصة على الوحدات العسكرية التابعة للحلفاء الآخرين الذين يتلقون الدعم الأمريكي بما في ذلك أوكرانيا، واجهت عواقب لارتكابها انتهاكات لحقوق الإنسان.

وفي 5 يناير/كانون الثاني 2024، كشف متحدث باسم مجلس الأمن القومي في مؤتمر صحفي أن الحكومة الأمريكية لم تجرِ أي مراجعة رسمية لامتثال الحكومة الإسرائيلية للقانون الدولي منذ بدء الحرب على غزة.


TRT عربي
الأكثر تداولاً