برلين تطفئ الأنوار ولندن تقطع الكهرباء.. أزمة الطاقة تصل بيوت الأوروبيين (Getty Images)
تابعنا

مع حلول منتصف الليل بتوقيت معظم العواصم الأوروبية، يوقف الاتحاد الأوروبي استيراده شحنات الفحم الروسي، كمسمار آخر يدق في نعش قطاع الطاقة في أوروبا، والذي يعيش أزمة غير مسبوقة الحدة نتيجة النزاع العسكري في أوكرانيا.

وكان حظر الفحم الروسي جزءاً من حزمة العقوبات الأوروبية الخامسة ضد روسيا، والتي سبق أن أعلن عنها شهر أبريل/نيسان المنصرم، حيث منحت مهلة أربع شهور قصد ترتيب الإيقاف النهائي، الذي يدخل حيز التنفيذ يوم الخميس. فيما يأتي هذا وسط تهافت عدد من الدول الأوروبية على العودة إلى استخدام الفحم لتوليد الكهرباء، من أجل تخفيف الطلب على الغاز المهدد هو الآخر بالقطع.

في ظل هذا الواقع، تشهد الدول الأوروبية اضطرابات كبيرة في توفير مخزونات من الغاز كافية لتوفير حجتها من الطاقة خلال الشتاء القادم، حيث يكثر الطلب عليها في التدفئة والإنتاج. ونقلاً عن وكالة الطاقة الدولية فإن صادرات الغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة انخفضت بنسبة 40% تقريباً خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021.

وشرع الاتحاد الأوروبي في تنفيذ خطتها لتخفيض استهلاك الغاز بنسبة 15% "على الأقل"، بداية من يوم الثلاثاء، فيما تركت كيفية تطبيقها رهن اختيارات الدول الأعضاء. وبريطانيا هي الأخرى أعلنت إجراءات تقشف طاقي، من ضمنها قطع منتظم للكهرباء خلال الشتاء.

خطط أوروبا لتوفير 15% من الغاز

وقالت المفوضية الأوروبية في بيانها، إنه "نظراً للخطر الوشيك على أمن إمدادات الغاز" نتيجة الحرب في أوكرانيا، "يتعيّن أن يدخل هذا القانون (قانون تخفيض استهلاك الغاز) حيّز التنفيذ بشكل عاجل". ويسعى الاتحاد إلى أن يبدل الأعضاء "جهودهم القصوى" لخفض استهلاك الغاز "بنسبة 15% على الأقل"، أي ما يعادل 45 مليار متر مكعب من الغاز بشكل عام، بين أغسطس/آب هذا العام ومارس/آذار العام المقبل.

في ألمانيا، كانت هانوفر أول مدينة تعلن عن إجراءات تقليل استهلاك الغاز، أواخر شهر يوليو/تموز الماضي. إذ تضمَّنت هذه الإجراءات تقييد تدفئة المباني العامة لتقتصر فقط على الفترة ما بين 1 أكتوبر/تشرين الأول و31 مارس/آذار، وبدرجة حرارة لا تتعدى 20 مئوية. كذلك إيقاف الماء الساخن في الحمامات العمومية والحمامات في المباني العامة التي تديرها المدينة والمراكز الترفيهية.

أما بالنسبة للعاصمة برلين، فقرر عمدتها إطفاء الأنوار عن المعالم السياحية والنصب التذكارية، والتي يبلغ تعدادها 200، بما فيها القصر الرئاسي وعمود النصر والمتحف اليهودي.

وفي فرنسا، أعلنت وزيرة الانتقال الطاقي أغنيس بانيير روناتشر، عن خطة الحكومة لتخفيض استهلاك الغاز، والتي تشمل حظر الإعلانات المضيئة في الليل، باستثناء محطات القطارات والمطارات، ومنع المتاجر من إبقاء الأبواب مفتوحة عند تشغيل التكييف أو التدفئة.

وفي إيطاليا، قال وزير الانتقال البيئي روبرتو سينجولاني: "نعمل على حملة إعلامية تهدف إلى إقناع الإيطاليين باستهلاك كميات أقل من الكهرباء والغاز، وكذلك للحفاظ على المياه أثناء الجفاف الصيفي الحالي".

وجرى إعفاء دول مثل إسبانيا والبرتغال وبولندا وإيطاليا جزئياً من تنفيذ الخطة الأوروبية للتقشف الطاقي، مع ذلك أقرت الحكومة الإسبانية مجموعة إجراءات لتوفير الطاقة، دخلت حيز التنفيذ يوم الأربعاء. وتشمل هذه الإجراءات فرض درجة حرارة 27 مئوية كدرجة قصوى للتكييف في المتاجر والعديد من الأماكن المغلقة العامة، كذلك إلزام المتاجر بإطفاء أنوار نوافذ العرض في الساعة 10 مساءً، وألزمت المباني الحكومية أيضاً إلى إيقاف الإضاءة الخارجية.

بريطانيا تعتزم قطع الكهرباء

تواجه بريطانيا هي الأخرى التحديات نفسها التي يواجهها جيرانها الأوروبيون، وفي هذا الصدد قررت لندن ترشيد استهلاكها الطاقي. ونقلت وكالة "بلومبورغ" عن مسؤولين حكوميين بريطانيين، بأن البلاد ستسجل في فصل الشتاء عجزاً في الكهرباء بما يعادل سدس إجمالي الطلب.

وأضاف المصدر ذاته، أن البلاد تخطط لإجراءات من أجل تخفيض الطلب على الطاقة مع حلول الشتاء، والتي قد تتضمن قطع الكهرباء عن مصانع ومنازل المملكة. فيما سيأتي هذا الانقطاع "في الوقت الذي يواجه فيه البريطانيون متوسط ​​فواتير الطاقة السنوية، التي من المحتمل أن ترتفع إلى ما فوق 4200 جنيه إسترليني (5086 دولاراً) في يناير، مقارنة بمتوسطها الحالي الذي يبقى أقل من 2000 جنيه (2440 دولاراً)".

ويأتي هذا في وقت أعلنت فيه النرويج، أحد أهم موردي بريطانيا بالغاز والكهرباء، عزمها إيقاف صادراتها من الكهرباء "من أجل ضمان أمن إمداداتها الداخلية" وفقاً لما قاله وزير الطاقة النرويجية تيرجي أسلاند.

TRT عربي
الأكثر تداولاً