الفترة الأخيرة شهدت تقارباً ملحوظاً بين تركيا ومالطا حول عدد من القضايا أبرزها موقف الجانبين من الأزمة الليبية (AA)
تابعنا

على مدار الأشهر القليلة الماضية، تواترت المؤشرات على تقارب المواقف بين تركيا ومالطا في عدد من القضايا الإقليمية الشائكة، على رأسها الأزمة الليبية. وتجلت تلك المؤشرات في سلسلة من اللقاءات جمعت المسؤولين من البلدين، وأعقبتها تصريحات ومواقف تؤكد هذا التقارب.

لقاءات متتالية

توالت في الآونة الأخيرة، اللقاءات بين المسؤولين الأتراك والمالطيين، آخرها لقاء عقد بين وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو ونظيره المالطي إيفاريست بارتولو، في العاصمة الليبية طرابلس، خلال زيارتهما إليها، الخميس.

وأفاد بيان صادر عن الخارجية التركية، أن جاوش أوغلو وبارتولو سيجريان زيارة عمل إلى ليبيا، الخميس، لافتاً إلى أنه من المنتظر أن يتناول الوزيران خلال الزيارة التطورات الأخيرة في بلديهما وليبيا.

استقرار ليبيا أمر مهم للغاية بالنسبة لمالطا.. ونتفهم تخوفاتها المتعلقة بالهجرة غير النظامية والإرهاب

مولود جاوش أوغلو - وزير الخارجية التركي

ويأتي هذا الاجتماع في إطار سلسلة من اللقاءات التي جمعت مسؤولي البلدين؛ منها مباحثات أجراها بداية يوليو/تموز الماضي، وزير الدفاع التركي خلوصي أقار ورئيس أركان الجيش يشار غولر وعدد من قادة الجيش مع وزير الداخلية ورئيس أركان الجيش المالطيين.

وتشير تلك المباحثات التي لم تُعلن تفاصيلها للإعلام، إلى جهود لا تقتصر على المواقف المعلنة، إذ إن اللقاء جرى عقب مرور المسؤولين الأتراك بمالطا، في طريق عودتهم من زيارة استثنائية إلى ليبيا.

اتفاقٌ في الرؤى

في منتصف الشهر نفسه، أجرى جاوش أوغلو وبارتولو، مباحثات في أنقرة، وأكّد الطرفان بعدها تشاطرهما الرأي حول القضايا الإقليمية بما فيها الوضع في ليبيا، وأنهما يريدان السلام والاستقرار في ليبيا ومنطقة شرق المتوسط.

وأوضح الوزير التركي في مؤتمر صحفي مشترك: "على سبيل المثال، استقرار ليبيا أمر مهم للغاية بالنسبة لمالطا، وحتى بالنسبة لإيطاليا وللبلدين شمال البحر الأبيض المتوسط وجنوب أوروبا. إن أي تطور سلبي في ليبيا له تأثير كبير على مالطا، ولهذا السبب، نتفهم مخاوف مالطا، لا سيما فيما يتعلق بالهجرة غير النظامية والإرهاب".

وحث جاوش أوغلو الحكومة الليبية ومالطا على إجراء تعاون بينهما، مؤكداً أن بلاده ستزيد من دعمها "مالطا في مكافحة الهجرة غير النظامية خلال الفترة المقبلة".

ذلك الاجتماع أعقبه أيضاً لقاء ثلاثي بين وزير الدفاع التركي ووزيري داخلية ليبيا فتحي باشاغا، ومالطا بويرون كاميلاري، في مقر وزارة الدفاع بأنقرة، وسبق الاجتماع الثلاثي لقاءان ثنائيان لأقار مع باشاغا وكاميلاري كل منهما على حدة.

بالتأكيد لا نؤيد وصول الأسلحة إلى ليبيا، ولكن يجب أن نكون منصفين.. ينبغي أن لا نكون منافقين، وأن لا نكيل بمكيالين

وزير الخارجية المالطي إيفاريست بارتولو متحدثاً عن انسحاب بلاده من "إيريني"

"لا نكيل بمكيالين"

مؤشرات التقارب بين تركيا ومالطا لم تقتصر على الاجتماعات واللقاءات المتبوعة بتصريحات تؤكد اتفاق الجانبين في مقاربات كل منهما إزاء القضايا الإقليمية، وإنما عُبِّر عنها بمواقف واضحة اتخذها الجانب المالطي؛ كان أبرزها ربما إعلان مالطا في مايو/أيار الماضي، انسحابها من المشاركة في مهمة "إيريني" الأوروبية المنوطة بضمان تطبيق قرار مجلس الأمن بحظر توريد الأسلحة إلى أطراف النزاع الليبية، متهمة الاتحاد الأوروبي بعدم دعمها في ملف الهجرة غير الشرعية".

وخلال المؤتمر الصحفي المشترك بين جاوش أوغلو وبارتولو منتصف يوليو/تموز الماضي، أوضح الأخير أسباب اتخاذ بلاده هذا القرار، بالقول: "بالتأكيد لا نؤيد وصول الأسلحة إلى ليبيا، ولكن يجب أن نكون منصفين، ينبغي أن لا نكون منافقين، وأن لا نكيل بمكيالين"

وأوضح أن حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا ينبغي أن يشمل جميع الطرق البرية منها والجوية وهي المسارات التي تعتمد عليها مليشيات خليفة حفتر في جلب الأسلحة والعتاد، لا فقط تلك الآتية من البحر، الذي تُتهم تركيا بإرسالها أسلحة إلى قوات حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً، عبره.

وأشار بارتولو إلى أهمية السلام في منطقة البحر المتوسط، مؤكداً ثقته بأن كل نزاع يمكن حله، حتى لو بدا ذلك مستحيلاً، مضيفاً: "نعتقد أن ليبيا يجب أن تتحد، وعلى الليبيين أن يديروها، عليهم إيجاد حلولهم الخاصة وعلينا مساعدتهم في إيجاد هذه الحلول".

على صعيدٍ موازٍ، أكّد بارتولو أن بلاده تتعاون مع تركيا في مجالات أخرى كالتجارة والاستثمار والتعليم والسياحة والصحة، كما لفت إلى أن الشركات التركية تتمتع بصورة ذهنية جيدة في مالطا، مبدياً رغبته في تطوير المشاريع المشتركة بين البلدين.

TRT عربي
الأكثر تداولاً