هجوم اليميني المتطرف فليدرز على تركيا لم يكن الأول من نوعه، فاليمين المتطرف الأوروبي والهولندي بشكل خاص يضع الهجوم على الدول الإسلامية وجالياتها في أوروبا على رأس أولويات خطابه السياسي.
وازداد التأثير السلبي لليمين المتطرف الهولندي بعد الانتخابات العامة الأخيرة التي أجريت في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2023، واستطاع فيها حزب الحرية المتطرف برئاسة فليدز الحصول على المرتبة الأولى بعدد مقاعد 37 من أصل 150 مقعداً يتكون منها البرلمان الهولندي.
وفي الأسبوع الأول من شهر يوليو/تموز الحالي وبعد سبعة أشهر من المفاوضات نجحت الأحزاب الهولندية بتشكيل الحكومة، التي سيطر على ثلثها حزب الحرية المتطرف، ووضعت على رأس أجندتها محاربة اللاجئين والهجرة.
وسبق أن قال محسن غوكتاش، رئيس "منظمة التواصل بين الدولة والمسلمين" إن "فوز فيلدرز المعروف بعدائه للأجانب والمسلمين على وجه الخصوص في الانتخابات العامة، كان بمثابة خيبة أمل كبيرة للمسلمين في هولندا".
وأضاف: "نتيجة الانتخابات ليست مخيبة للآمال فحسب، بل هي أيضاً مصدر قلق لمستقبل المسلمين في البلاد، وإذا وجد فيلدرز الفرصة لتنفيذ برنامج حزبه ورحب بها شركاؤه في الائتلاف، فإن هولندا ستصبح غير صالحة لإقامة المسلمين".
أزمة مع الأردن
لم تمر أيام على تشكيل الحكومة الهولندية حتى تسبب المتطرف فليدرز في أزمة دبلوماسية مع الأردن، بعد أن صرح تعقيباً على اعتماد قانون في الكنيست الإسرائيلي يمنع إقامة الدولة الفلسطينية، قائلاً إن "التاريخ يعلمنا أن الدولة الفلسطينية الحقيقية والوحيدة هي الأردن، وليس يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، بل المملكة الأردنية الهاشمية الحالية".
هذا الأمر دفع الحكومة الأردنية إلى استدعاء السفير الهولندي في عمان والاحتجاج على التصريحات، فيما اعتبرت الخارجية الأردنية في بيان لها أن تلك التصريحات "تتماهى مع القرار المدان الصادر عن الكنيست الإسرائيلي الذي يستهدف إنكار حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف، في دولته المستقلة وذات السيادة على ترابه الوطني، وتعكس تصريحاته موقفاً عنصرياً يتوهم إمكانية حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن".
وفي محاولة لتدارك الوضع اتصل وزير الخارجية الهولندية كاسبر فيلد كامب بنظيره الأردني بهدف لنفي تبنّي بلاده تصريحات المتطرف فليدرز، وأكد فيلد كامب، وفق البيان الأردني، أن "هذه التصريحات لا تمثل بأي شكل من الأشكال مواقف الحكومة الهولندية التي تحترم الأردن ودوره، والتي تدعم حل الدولتين سبيلاً لتحقيق السلام في المنطقة".
وليست المرة الأولى التي يتسبب بها سلوك فيلدرز في أزمات سياسية مع دول عربية وإسلامية، ففي عام 2014، هددت المملكة العربية السعودية بفرض عقوبات تجارية على شركات هولندية بعد أن أساء المتطرف فيلدرز للعلم السعودي وعبارة التوحيد عليه، وبذلت الخارجية الهولندية جهداً دبلوماسياً كبيراً لتدارك الأزمة.
تحذيرات أممية
وسبق أن حذر فولكر تورك، المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، من تصاعد اليمين المتطرف في أوروبا وخطابه الذي يحقر المهاجرين وطالبي اللجوء. وقال تورك خلال مؤتمر صحفي في جنيف: "علينا توخي الحذر للغاية لأن التاريخ يقول لنا إن التحقير من الآخرين والتقليل من شأنهم في أوروبا تحديداً ينذر بما سيأتي... إنه جرس إنذار يجب أن نقرعه".
وأردف تورك قائلاً: "شهدنا للأسف زيادة في خطاب الكراهية في أوروبا، وزيادة في الخطاب التمييزي، ومن المهم أن يكون الزعماء السياسيون واضحين جداً في أنه لن يكون مع خطاب الكراهية أو أي محاولة للتقليل من شأن الآخرين تسامح على الإطلاق".
وأضاف: "الأحزاب السياسية التقليدية لا تفكر أبداً في كيفية أدائها فعلياً لعملها للاستجابة لمظالم السكان والدوائر الانتخابية المشروعة".















