وقالت قوات الدعم السريع، في بيان، إنها "بسطت سيطرتها على مدينة الفاشر من قبضة المرتزقة والمليشيات المتحالفة مع جيش الإرهابيين"، مشيرة إلى أن العملية جاءت "بعد معارك بطولية وحصار أنهك العدو ومزّق خطوط دفاعه".
ولم يصدر أي تعليق رسمي من الجيش السوداني حتى الآن، فيما تعذر التحقق بشكل مستقل من حقيقة الوضع الميداني بسبب انقطاع الاتصالات وتواصل الاشتباكات في بعض الأحياء.
وأظهرت مقاطع مصوّرة نشرتها قوات الدعم السريع مقاتليها وهم يحتفلون أمام لافتة كُتب عليها "مقر الفرقة السادسة"، في حين تحدثت مصادر ميدانية عن انسحاب قوات الجيش من مواقعها "لأسباب تكتيكية". وقالت مصادر عسكرية للجزيرة إن الجيش أخلى مقره في الفاشر بشكل منظم تمهيداً لإعادة الانتشار.
تحذيرات أممية ودعوات لفتح ممرات إنسانية
في المقابل، عبّر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر عن قلقه الشديد إزاء أوضاع المدنيين في المدينة، داعياً إلى توفير ممرات آمنة بعد أن أصبح "مئات الآلاف من المدنيين محاصرين ومرعوبين، يتعرضون للقصف والجوع وانعدام الخدمات الأساسية".
كما دعا المبعوث الأمريكي لإفريقيا مسعد بولس قوات الدعم السريع إلى فتح ممرات إنسانية فوراً لإجلاء المدنيين، مؤكداً أن "العالم يراقب بقلق بالغ ما يجري في الفاشر"، وأن على قوات الدعم السريع "التحرك الفوري لحماية السكان".
وفي وقت سابق، تعهدت قوات الدعم السريع بتوفير "ممرات آمنة" للراغبين في مغادرة المدينة، غير أن صور الأقمار الصناعية التي حللها "مختبر البحوث الإنسانية" بجامعة ييل أظهرت إقامة سواتر تمتد لنحو 68 كيلومتراً حول الفاشر، مع ترك ممر ضيق يخضع لابتزاز المدنيين ومضايقات، حسب شهود وتقارير ميدانية.
من جانبها، نفت المقاومة الشعبية المتحالفة مع الجيش سقوط المدينة بالكامل، مؤكدة أن المعارك لا تزال مستمرة في بعض المناطق، وأن السيطرة التي أعلنتها قوات الدعم السريع "تقتصر على مبانٍ خالية لا أهمية لها".
كما أشارت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر إلى أن الدعم السريع سيطر على مواقع كانت مهجورة منذ أكثر من عام، بينما لا تزال مواقع أخرى تحت سيطرة قوات الجيش والمقاتلين المحليين.
كارثة إنسانية متفاقمة في دارفور
وحسب تقديرات الأمم المتحدة، يحاصر الدعم السريع نحو 260 ألف مدني داخل الفاشر، يعانون نقص الغذاء وانعدام الخدمات الصحية والاتصالات، وسط تقارير عن وقوع عمليات قتل وخطف وعنف جنسي في أثناء محاولات المدنيين الفرار من المدينة.
وقالت المنسقة الأممية للشؤون الإنسانية في السودان دنيز براون إن المدنيين يعيشون "ظروفاً لا تليق بالكرامة الإنسانية"، فيما دعت منظمات أممية، بينها اليونيسيف وبرنامج الأغذية العالمي ومفوضية اللاجئين، إلى "تدخل دولي عاجل" لاحتواء الأزمة في دارفور.
أما مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك فقد أعرب عن "فزعه من استخفاف قوات الدعم السريع المتعمد بحياة المدنيين"، محذراً من تفاقم الكارثة في ظل غياب أي التزام بحماية السكان.
وتدخل الحرب في السودان عامها الثالث وسط أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حسب الأمم المتحدة، إذ أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد نحو 12 مليون شخص داخل البلاد وخارجها، في ظل غياب أفق واضح للحل السياسي أو الميداني.













